آراء

يوم الثاني من ابريل عام 1915 التقى مانشستر يونايتد بليفربول في اخر مباراة من الموسم تقابل الفريقان في الاولد ترافلد وانتهت المبارة بهدفين لمانشستر وقع عليهما جورج اندرسون الامر الذي يضمن لمانشستر البقاء في الدوري الانكليزي الممتاز اما ليفربول فقد كان في وضع اكثر اريحية كونه حجز المركز الثالث عشر في سلم الترتيب مما يضمن له البقاء في الدوري، الى هنا يبدو الامر طبيعيا المفاجئة كانت بعد نهاية المباراة حيث اجرى الاتحاد الانكليزي لكرة القدم تحقيقات بناء على ملاحظة حكام المباراة وشعور المراقبين لما جرى من احداث خلالها حيث دون حكم المباراة في تقريره بأن لاعبي فريق ليفربول كانوا يتهاونون بشكل غير مفهوم أمام مانشستر يونايتد، إلى درجة أنهم ضيعوا ضربة الجزاء التي تحصلوا عليها خلال المباراة. وفعلا كشفت التحقيقات عن تورط سبعة لاعبين من كلا الفريقين قد دبروا هذا الامر لاسباب اهمها الاستفادة المادية من نتائج الرهانات بعد نهاية المباراة.
اتضح بأن عددا كبيرا من المراهنين قد راهنوا على فوز فريق مانشستر يونايتد بنتيجة هدفين لصفر، وهي نتيجة لم تكن متوقعة تماما، تم الحكم على اللاعبين بالحرمان مدى الحياة من ممارسة الأنشطة الرياضية ,  ونجا الناديان من العقوبات كون الامر كان تصرفا فرديا من اللاعبين ولم يجدوا اي دليل يدين ادارة ليفربول او مانشستر يونايتد.
وتعد هذه الحادثة هي الاولى تاريخيا حيث سمي ذلك اليوم بالجمعة العظيمة كون الواقع يقضي بهبوط مانشستر وتوتنهام لكن بعد تواطؤ ليفربول مع مانشستر اقتضى ذلك سقوط تشلسي، حيث تفجرت تلك القضية حتى وصل الامر الى توزيع مناشير في لندن تؤكد تورط مانشستر يونايتد وليفربول في الفضيحة.
توالت فضائح الرهانات على عقود القرن الماضي وصولا بالعقدين في القرن الحديث من الفضائح التي عصفت بالدوري الالماني قبيل كأس العالم بالمانيا 2006 الى فضيحة الكاليتشوبولي الايطالية في ذات العام والتي تعد الكبرى في تاريخ المراهنات والتلاعب بالنتائج، وقد تورط في هذه الفضيحة نادي يوفنتوس، ونادي إيه سي ميلان، ونادي فيورنتينا، ونادي لاتسيو، ونادي ريجينا، حيث أظهرت تسجيلات للمكالمات الهاتفية علاقتهم مع حكام كرة القدم في إيطاليا، وقد كان نادي يوفنتوس بطل الدوري في ذلك الموسم، وقد اتهم الفريق بالتلاعب بنتائج المباريات واختيار حكام يميلون إلى مصلحته ليعاقب ويجرد من اللقب اضافة الى هبوطه الى الدرجة الثانية مع غرامة مالية وقد شملت هذه العقوبات باقي المتورطين في هذه الفضيحة، يذكر ان ايطاليا كانت لها فضيحة سابقة والتي عرفت باسم التوتونيرو وقد حدثت عام 1980 وابرز المتورطين بها نادي اي سي ميلان والاعب الشهير باولو روسي لكن الفضيحة الدموية والتي تشهد على قوة وحجم تدخل المافيا في مكاتب المراهنات عندما قتلت المافيا لاعب كرة القدم الكولومبي أندريس أسكوبار، الذي يلعب في مركز المدافع؛ بسبب تهديفه خطأ بمرمى منتخب بلاده في مباراته أمام الولايات المتحدة التي أخرجت المنتخب الكولومبي من كأس العالم عام 1994 فكانت آخر جملة سمعها اللاعب الضحية قبل مقتله: "شكراً للهدف الذي سجلته في مرماك"، والأدهى من ذلك أن قاتل إسكوبار تلقى حكماً بالسجن 43 عاماً، ولكنه بقي في السجن 11 عاماً فقط وخرج بسبب "حسن السلوك" هذا عدا فضائح الاتحاد الصيني عام 2009
ولان مكاتب الرهان كانت وماتزال ذات تأثير كبير على نتائج المباريات في كرة القدم ويبدو ذلك جليا اذا ماعلمنا ان تاريخ مكاتب الرهان على مباريات كرة القدم مرتبط بتاريخ اختراع اللعبة نفسها حيث ظهر أول مكتب للمراهنات في المملكة المتحدة عام1790 ، وتختلف انواع المراهنات فمنها على عدد الاهداف في الشوط الاول ومنها على عدد الاهداف في الشوط الثاني ومنها على النتيجة الكلية للمباراة وتتشعب الى ما لانهاية في عام  1845 صدر قانون الألعاب في المملكة المتحدة وقد اجاز القانون مكاتب الرهان ، حالياً تتواجد في المملكة المتحدة وحدها أكثر من 9000 مكتب للمراهنة اما في منطقة الشرق الاوسط والوطن العربي تحديدا فتتراوح تلك المكاتب بعضها مجاز في المغرب العربي والبعض الاخر يمنع قانونا ويحرم دينيا وذلك كلما اتجهنا نحو الشرق تختفي تلك المكاتب خصوصا في بلدان الخليج اما عالميا فهي متاحة وتتحكم بها القوانين التي تضعها كل دولة على حدة وهناك مكاتب غير مرخصة تديرها المافيات وتنشط اكثر في الصين وروسيا وايطاليا وكولمبيا وبصورة اقل في باقي البلدان الاوربية واقل من ذلك عالميا حسب نشاط وقوة الدوريات والبطولات وفي وقت سابق كانت اللجنة الأولمبية قد قدرت حجم المراهنات في العالم سنويا بحوالي 350 مليار دولار وقد قدرت اللجنة وجود 140 مليار دولار منها غير مشروعة، هذا ويذكر بأن "الفيفا" كانت قد أعلنت سابقاً بأنه ليس بمقدورها مواجهة مافيا المراهنات بصورة مستقلة معتبرة أن الأمر يتطلب مساندة الحكومات والسلطات القضائية.
ولك ان تتخيل حجم تأثير المراهنات على نتائج الدوريات وكيف تتحكم سرا وعلنا وكيف يتورط اللاعبون والحكام وادارات الاندية على حد سواء في تكييف نتائج المباريات وفق ما يخدم المراهنيين وابرز الادلة على ذلك مايحدث في الدوري الاسباني كمثال حيث ينفرد في الصدارة احد الفرق بفارق شاسع من النقاط عن الغريم التقليدي وهذا يأتي بالربح الكثير لتلك المكاتب بعد ذلك يتراجع المتصدر ليلحق به الغريم التقليدي متجاوزا كل الصعاب وكل الفرق القوية التي تواجهه وهذا مايحدث بين ريال مدريد وبرشلونة حاليا  وفي حاثة مشابهة في موسم 2016 /  2017  حينما نزف ريال مدريد النقاط ولحق به برشلونة مقلص الفارق الذي كان اكثر من 10 نقاط الى ثلاث نقاط حتى ان مشجعي الفريقيين لم يفوتوا اي مباراة في النصف الثاني للجولة الثانية من دوري ذلك العام . فهل من المعقول بعد الاداء السيء لريال مدريد في بداية هذا الموسم والجيد لبرشلونة ان تنقلب الاحداث بصورة درامية ويتعادل برشلونة في موقعتين متتاليتين حتى ان صحيفة الاس ذكرت ان نجم برشلونة الاول ليونيل ميسي كان الاسوء امام بيلباو، حيث قام بالخطا في تمرير الكرة 15مرة وفقدها 28 مرة وانه اكثر لاعب قام بتسديدات خاطئة باربع تسديدات ولو اننا اطلقنا العنان لظنونا لتبين لنا احد ابرز اسباب خسارة الارجنتين للكوبا اميركا في نسختها الاخيرة رغم انها لامست الكأس لولا ان ميسي اضاع ضربة الجزاء بصورة غريبة وعموما فالعالم اجمع يتفق على ان ميسي الارجنتين لايتطابق مع ميسي برشلونة ويبين لنا خسارة ريال مدريد وبرشلونة من بروسيا دورتموند وبايرن ميونخ وكذلك خسارة باريس سان جيرمان من برشلونة في الريمونتادا الشهيرة وفوز روما على برشلونة في النسخة الاخيرة لدوري ابطال اوربا وفوز ليستر ستي بالدوري الانكليزي ومن قبله نادي مونبليه الذي حصد الدوري بفارق ثلاث نقاط  والكثير الكثير من الاحداث، فهل يعقل ان ميسي متورط طبعا لا في وجهة نظر مشجعي الفريق ممن تحكمهم عاطفتهم تخيل معي حجم الفضيحة ان كان مسي متورط فعلا.
وان كان ميسي هنا مجرد مثال فان الكثير من اللاعبين المشهورين والمدربين وادارات الاندية والحكام والمراقبين تورطوا بمسالة الرهانات والذين لا يسعنا المجال لذكرهم هنا.