آراء

لاتقتصر مواجهات كرة القدم في حماسها ونديتها وتنافسها على اللاعبين او الجمهور سواء في المنتخبات او الاندية وانما هنالك صراع فكري من نوع خاص الا وهو صراع المدربين يكون هذا الصراع على مدار المباراة ويمتد خارجها للتصريحات والحرب النفسية والاعلامية وبعيدا عن الحظ فمن يضع الخطة المناسبة ويختار اللاعبين الذين يحققون مبتغاه سوف يحقق النتيجة المرجوة لذلك تسعى دائما المنتخبات والاندية لاختيار مدربيها بعناية وكما نعلم بأن هنالك مدارس كروية مختلفة حول العالم وكل مدرب يعمل وفق منهج معين خاص بتلك المدارس واذا ما توافق المدربين مع ادارات الاندية او المنتخبات فسوف نجد مدة تعاقد طويلة وهذا الامر بحد ذاته يتطلب من ادارات الاندية توفير اللاعبين الذين يرسمون خطط المدرب ويحققون الفوز للنادي اما في المنتخبات فعلى المدرب اختيار اللاعبين بصورة مناسبة فكل اللاعبين متاحين له ضمن حدود البلد.
وانا اشاهد مباراة الارجنتين وكولمبيا لفت انتباهي التشكيل التكتيكي للمدير الفني لكولمبيا كارلوس كيروش ولايبدو الاسم غريبا اذ انه ذات المدرب الذي قاد الادارة الفنية لمنتخب ايران في السنوات الثمان الماضية كيروش بدأ اللعب في هذه المباراة بتشكيل 4/1/4/1 بأعتماده على فالكاو كرأس حربة وحيد في المقدمة وعندما شاهدت هذا التشكيل عدت بالذاكرة لخطة المنتخب الايراني تحت امرته خصوصا في كأس العالم الماضية والتي قدمت فيها ايران عروض مميزة امام البرتغال واسبانيا والمغرب ويضمن كيروش في هذا التشكيل تقارب المسافات والضغط الكبير على الاعب حامل الكرة وفي كل ارجاء الملعب وهذا ماشاهدته طوال مباراة الارجنتين وكولمبيا.     
تتميز خطة 4/1/4/1 بالمرونة التكتيكية الشديدة و جوهر هذه الخطة يكمُن في منظومتها ( الفنية و التكتيكية ) في خط الوسط و توظيف اللاعبين بالإضافة إلى أهمية وجود العنصر المهاري، فهذه الخطة يمكن التحول منها إلي 4/2/3/1 بنزول لاعب من رباعي خط الوسط ليكون لاعب ارتكاز ثاني ويمكن أيضا أن تتحول إلى 4/3/3 خصوصا في الحالات الهجومية وتبقى الخيارات مفتوحة للمدرب برسم اللاعبين حسب رؤيته لنقاط ضعف الفريق المنافس فقد يقرر تقدم الاجنحة او زيادة الضغط من العمق، كما يمكن ان تتحول الى 4/5/1 بعودة الرباعي خلف رأس الحربة الى الخلف وغالبا مايتم ذلك في الحالات الدفاعية لغلق المساحات على لاعبي الخصم .
كيروش لم يدع لمدرب الارجنتين سكالوني اي فرصة لفرض سيطرته على المباراة فبدا تائها حتى في تبديلاته خصوصا بعد اخراج سيرجو اغويرو وانتهت المباراة بفوز كولمبيا بهدفين بعد قرابة 20عاما على اخر فوز لكولمبيا على الارجنتين في كوبا امريكا.
كيروش خاض تجارب في قارات اوروبا وافريقيا واسيا اضافة لتدريبه لريال مدريد وعمله كمساعد للسير الكس فيرغسون في مانشستر يونايتد اما الان فقد اختار امريكا الجنوبية واجد انه سيخوض تجربة فريدة من نوعها فلاعبي كولمبيا بأمكانهم تنفيذ افكار كيروش على اكمل وجه بالرغم من قوة المنافسين الا ان امكاناتهم الفردية تتيح لهم ذلك وهذا على عكس ما كان في منتخب ايران الذي يعتمد على البنية الجسمانية كما ان منتخب كولمبيا يعيش في افضل حالته فبعد ان اعاد له المدرب السابق الارجنتيني بكيرمان وضعه حيث تأهلت كولمبيا برفقته الى مونديال البرازيل وروسيا على التوالي يطمح الكولمبييون برؤية منتخبهم في مونديال قطر على اقل تقدير.