آراء


سيف نايف

كذبة التكنوقراط يجب أن تنتهي

17/10/2022

تكنوقراط كلمة ذات أصل يوناني وترتبط بعدد من الأشخاص المختصين في مجالاً ما من خلال تأسيس حكومة تكون كابينتها من المختصين في مجالهم وتسمى حكومة تكنوقراطية أو حكومة الكفاءات، وتعرف التكنوقراطية بأنها مذهب سياسي يمنح أهل العلم والاختصاص نفوذاً سائداً على حساب الحياة السياسية نفسها.
بدأت فكرتها في العراق بعد إعلان رئيس الوزراء الاسبق حيدر العبادي أمام البرلمان تشكيلة حكومية من التكنوقراط، مما دفع زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر اعتصامه داخل المنطقة الخضراء عام 2016، وإن المراقب للمشهد السياسي في العراق يرى إن اغلب الإجراءات التي قامت بها الحكومات العراقية السابقة هي إجراءات ترقيعية تحاول تهدئة الوضع الداخلي، مع شرطية عدم الاضرار بمصالح الأحزاب التقليدية المستحوذة على اغلب المناصب الحكومة، وبالفعل فقد حققت حكومة العبادي بعض الإنجازات مثل تحرير العراق من دنس تنظيم داعش الإرهابي، اما مالياً فقد واجهت حكومة العبادي مشاكل اقتصادية هائلة، إذ انحدرت أسعار النفط خلال حقبتها إلى ما دون الخمسين دولاراً، ما مثل مصدر قلق للعراقيين، اذ تعتمد موازنة العراق على النفط مصدراً وحيداً لتمويلها، مع ذلك خرجت البلاد من هذه المحنة متماسكة، وعلى الرغم من الاضطرار إلى سياسة تقشفية قاسية، تضمنت تخفيضاً للأجواء الحكومية وتوفير فرص عمل أقل، مع ديون داخلية وخارجية للدولة، إلا أن خبراء الاقتصاد قالوا في النهاية إن الحكومة نجحت في عبور الأزمة، يفخر العبادي علناً بإنجازاته في ملف العلاقات الخارجية.
لكن هذه الحكومة أخفقت أكثر من تلك الإنجازات فلم تعالج البطالة ولم تحارب الفساد ولم تضرب بيد من حديد كما ادعى العبادي في أيامه الأولى من تسنمه المنصب ولم تحقق الإصلاحات التي ادعتها، مما دفع ذلك بتغاضي جميع القوى السياسية الى عدم تحمل المسؤولية في فشل هذه الحكومة وكأنهم لم يقوموا بترشيح وزرائها التكنوقراط كان بنتيجة ذلك عدم التجديد لبقاء حكومة العبادي.
اما في حكومة عادل عبد المهدي والذي وصل الى رئاسة مجلس الوزراء بعد التوافق الذي حصل بين تحالف الإصلاح بقيادة مقتدى الصدر وتحالف البناء بقيادة هادي العامري، فتشكلت حكومة عبد المهدي وفق الاملاءات التوافقية لكنها اخذت طابع التكنوقراط، لكن سرعان ما انتهت هذه الحكومة بعد اندلاع احتجاجات تشرين قبل عامين مما أدى ذلك الى تغاضي القوى السياسية عن فشل الحكومة مرة أخرى وعدم تحملهم المسؤولية في الاعتراف بأنهم من طرحوا أسماء الوزراء على عادل عبد المهدي، فقام التحالفين السياسيين البناء والإصلاح بطرح مصطفى الكاظمي كرئيساً لمجلس الوزراء لمرحلة انتقالية لغرض اجراء انتخابات مبكرة، لكن الأخير لم يستغل الفرصة التي كانت موجودة لديه فالاحتجاجات موجودة وكان يستطيع من خلالها ان يسمي وزراء حكومته وفق ما يريد وبعيداً عن الاملاءات الحزبية، فبقيت حكومة الكاظمي توافقية متنكرة في إطار التكنوقراط، مما أدى الى فشلها بشكل كبير في ملفات عديدة أولها حصر السلاح بيد الدولة وتحقيق الإصلاح الحقيقي وفشلها ايضاً في القضاء على الفساد بل قد تكون هذه الحكومة من اكثر الحكومات فساداً لكن من الانصاف يجب الاعتراف بنجاحها في ملفاً واحد وهو ادارتها للانتخابات بشكل نزيه.
فبعد أن جرب العراق حكومة التكنوقراط والتي اثبتت فشلها الكبير وعدم تحمل القوى السياسية مسؤولية هذا الفشل وعدم الاعتراف بتسميتهم لوزرائها فيجب لكذبة التكنوقراط أن تنتهي، خاصة بوجود إمكانية نجاح حكومة محمد شياع السوداني حالة متابعتها اخطاء ما سلفها والعمل على تفادي السقوط في تلك الأخطاء، من خلال عدة أمور لعل أولها الاعتماد على حكومة الصقور بدل من حكومة التكنوقراط وبما أن هذا مصطلح يعتبر مصطلحاً حديثاً فيجب ايضاحه، فيقصد بحكومة الصقور أن يكون وزراء الحكومة شخوص سياسية معروفة لجميع أطياف الشعب لتتحمل بذلك الأحزاب نجاح الحكومة ام فشلها، اما الامر الثاني الذي قد يعمل على إنجاح حكومة السوداني هو جدية الأخير في العمل على الإصلاح فضلاً عن تصريحاته الذي اكد بأنه لم يتهاون مع أي وزير متخاذل في أداء عمله، كما يتمتع السوداني بالمقبولية لدى الكثير من الأوساط ودعماً دولياً لعملية تكليفه، لكن إمكانية اخفاقه واردة بشكل كبير لعل أبرز تحدي لها هو معارضة التيار الصدري لهذه الحكومة مما يعطي احتمالية كبيرة بعدم نجاحها، وقد يخفق السوداني ايضاً في حالة استمراره بأدارة البلد كالسابق مما سيولد احتجاجات كبيره ضده تنتهي باستقالته ويكون بذلك هو المخفق امام الجميع لكن في حالة اختياره حكومة الصقور سيتحمل الجميع مسؤولية الفشل وعليه عدم اختيار حكومة التكنوقراط الذي اثبتت فشها في النظام السياسي العراقي.

image image image

آراء من نفس الكاتب


المزيد
image
الرئيسية من نحن الخدمات ارشیف الموسوعة

تنزيل التطبيق

image image

تابعونا على

الأشتراك في القائمة البريدية

Copyright © 2018 Mawazin News Developed by Avesta Group

image

اللائحة

الأقسام