آراء


سيف نايف

تشرين بعد ثلاثة سنين

01/10/2022

يتظاهر اليوم آلاف العراقيين وسط بغداد في الذكرى الثالثة لحراك تشرين الذي يطالب بإنهاء الفساد وسلطة الأحزاب ورفض التدخلات الخارجية، وسبقت تظاهرات اليوم، إجراءات أمنية مشددة تمثلت بقطع الطرق والتقاطعات، فضلاً عن الانتشار الكبير للقوات الأمنية.
فتشرين اليوم تعتبر حراكاً مهماً يتأمل عليه غالبية الشعب من تحقيق تغيراً في المعادلة السياسية لكن علينا الابتعاد عن العاطفة والاقتناع تماماً بأن استمرار هذا الحراك بدون رؤية سياسية حقيقة لن يحدث تغيراً في المشهد السياسي وسيكون مشابه لما حدث في اول ظهور لهذا الاحتجاج.
حققت تشرين اول هدف لها المتمثل بأسقاط حكومة عادل عبد المهدي، وبدت تشرين بعد وصول الكاظمي الى رئاسة مجلس الوزراء بتبعثر رؤيتها في تحقيق بقية الاهداف وتبعثر افرادها بين من يطمح الى شغل منصب في حكومة الكاظمي الذي استقطب عدد كبير من قياديي تشرين، وبين من يطمح الى تحقيق مقاعد نيابية يريد بها حصد مغانم هذا البلد ليتشابه بالأحزاب التقليدية التي انهكت البلد وضيعت العديد من الفرص التي كانت ممكن أن تحول العراق الى لاعب جيوسياسي إقليمي، وبين من لا يستطيع المشاركة بالعمل السياسي لأنه لا يمتلك المقومات التي تؤهله للمشاركة في الانتخابات، وبين من خسر نفسه او خسره جزءاً من جسده فشتان ما بين وبين.
وبين جميع المذكورين ينطرح سؤالا يتوجب علينا الايجاب عليه بشكل صريح هل البلد يستحق أن يضحي احداً بنفسه لأجله؟
نعم فالعراق يستحق التضحية في النفس والمال والبنون وكل ما يملكه المرء، لكن شرطية أن يحدث تغيراً ينتشل حال المجتمع العراقي من حالته المزرية في السنوات الماضية والحالية الى حالة يستطيع بها افراد المجتمع التمتع باستحقاقاتهم الوطنية وأن يعيش هذا المجتمع بحالة من السلام وبعيد عن السلاح المنفلت وبعيداً ايضاً عن التدخلات السافرة في الشؤون الداخلية التي هتكت سيادة بلد بحجم العراق
بعد الاحتجاجات التي شهدها البلد والتي سقط جراءها المئات من الشباب الرافض للمكوناتية والمحاصصة حيث كانت لهذه الاحتجاجات تحقيق بعض من مطالب الجماهير كان الأهم فيها هو تعديل قانون الانتخابات والذهاب نحو الدوائر المتعددة داخل المحافظة بعد أن كانت المحافظة دائرة واحدة فضلاً عن الانتخابات المبكرة التي حدثت نهاية العام الماضي والذي كان من المؤمل إن تسهم مخرجاتها في تغير واقع العملية السياسية في البلد وأن تدخل طريقاً جديداً يعتمد الأسس الديمقراطية والدستورية والاهم من ذلك هو المحاولة لتعديل بعض بنود الدستور الذي يرتكز عليه النظام السياسي، لكن استمرار المنظومة السياسية بنفس اليات الحكم سيزيد من استمرار رفض محتجي تشرين لكل الطبقة السياسية برمتها.
كما أخفقت تشرين في عدة جوانب أبرزها مشاركة بعض شخصياتها في العمل النيابي فبدا للجميع بأنهم لم يتعلموا كيفية عمل المعارضة النيابية ذهب بعضهم الى انتخاب شخصيات يتهمهم محتجي تشرين بالفساد والوقوف وراء قتلهم، وذهب بعضهم الى البحث عن تحالفات سياسية يحقق بها مصالحه الذاتية، واخفاقهم ايضاً في جزئية ليست بالعادية وهي قيام بعض اطراف الحراك بالانحياز نحو جهة من الجهتين المتصارعتين على عملية تشكيل الحكومة، فضلاً عن اخفاقهم في تحديد وتوحيد قيادة موحدة لهم تسير وفق رؤية مستقبلية يكون لها برنامجاً للإدارة في حالة تحقيق اهم اهداف تشرين وهو اسقاط النظام الحالي.
وبعد كل ما ذكر فأن تشرين تمثل الاحتجاج العفوي والشعبي والوطني الوحيد الذي حصل في الحقبة الحديثة حيث تتميز تشرين عن غيرها بأن محتجيها رفعوا شعار (نريد وطن)، اما بقية الاحتجاجات التي حصلت فكانت لغاية محددة تهدف الى تحقيق مصالح حزبية لا شعبية، وتتميز تشرين ايضاً بأن افرادها ضحوا بكل ما يمتلكون سواء في الانفس او خسارة جزءاً من جسدهم فضلاً عن الملاحقات والتهديدات التي تطولهم حتى الان لكنهم مستمرين في بحثهم عما فقدوه بسب الأنظمة السياسية في العراق سواء كانت نظاماً دكتاتورياً ادخل البلد في المجاعة والحروب او نظاماً فاسداً يدعي الديمقراطية لكنه لا يمارسها مطلقاً ولم يحقق لمجتمعه أي انجازاً يذكر.

image image image

آراء من نفس الكاتب


المزيد
image
الرئيسية من نحن الخدمات ارشیف الموسوعة

تنزيل التطبيق

image image

تابعونا على

الأشتراك في القائمة البريدية

Copyright © 2018 Mawazin News Developed by Avesta Group

image

اللائحة

الأقسام