آراء


سيف نايف

الكاظمي بين البقاء المدعوم والخروج المجبور

25/09/2022

تحصل لأول مرة في العملية السياسية العراقية بعد عام 2003 إن يحدث اتفاقاً خارجياً حول دعم شخص رئيس الوزراء الا وهو مصطفى الكاظمي، فبعد الدور الذي لعبه في تقريب العلاقات السعودية الإيرانية وبعض المحاولات لتعزيز الروابط المشتركة بين العراق وبقية الدول العربية المؤثرة، أصبح الكاظمي أبرز الشخصيات المدعومة خارجياً لتولي منصب رئيس الوزراء مرة أخرى.
فالكاظمي اليوم تتفق عليه جميع الدول المؤثرة في المشهد السياسي العراقي فالجمهورية الإسلامية الإيرانية ترى بالكاظمي اليوم خير سنداً لها في إيصال رسائلها لدول الخليج، اما المملكة العربية السعودية فلم تكن في مرحلة علاقات جيدة مع العراق سوى في فترة حكمة، اما في الجانب الأمريكي فترى اليوم فيه الأفضل بين الجميع بعد اشادة بايدن به في وقائع مؤتمر جدة.
لكن هذا النجاح الخارجي لا يعني بالضرورة نجاحاً داخلياً فالساحة العراقية اليوم تشهد جملة من المشاكل التي تعصف بالبلد قد تكون نهايتها الهاوية، منها اقتصادية يشعر بها أصحاب الدخل المحدود منذ ارتفاع سعر الصرف، منها خدمية متمثلة بالازدحامات الخانقة لشوارع بغداد والمحافظات، ومنها سياسية بدا أولها عند اعتصام التيار الصدري وإعلان نفيرهم العام بعد اعتزال زعيمهم السيد مقتدى الصدر العمل السياسي، وليس مخفياً عن الجميع بإن استمرار تمسك الإطار التنسيقي بمرشحة محمد شياع السوداني سيدفع جماهير التيار الصدري للنزول الى الشارع في محاولة رفضه، في محاولة منهم لأبقاء الكاظمي المقرب من التيار الصدري لحين اجراء الانتخابات المبكرة.
هذا ما يرفضه الإطار التنسيقي صاحب اعلى المقاعد في مجلس النواب بعد محاولة أطراف محسوبة على الإطار إقناع أطرافه بشأن التجديد للكاظمي، لكن المحاولات جوبهت بالرفض، خاصة من قبل ائتلاف دولة القانون وكتلة الصادقون التابعة لعصائب اهل الحق.
والدليل على وجود مشاكل تواجه البلد هو ما تحدث عنه رئيس حكومة تصريف الاعمال اثناء كلمته في الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك يوم الخميس الماضي وعبر بأن القوى السياسية عجزت عن الاتفاق على تشكيل الحكومة ما أدى إلى خلق انسداد سياسي أوصل البلد الى ما هو عليه. حيث تكلم عن دعوته الاطراف السياسية إلى حوار جاد وشفاف لجميع القوى السياسية والأحزاب المختلفة لمناقشة سبل الخروج من الأزمة، لكن هذا لا يعني بأن الحوارات التي أجريت قد اشديت نفعاً بل كانت كسابقاتها اثناء فترة اللقاءات التي تجمع التحالفات السياسية لتشكيل الحكومة.
كما حذر الكاظمي في محاولة منه للبقاء في المنصب بأن البلد سيصل الى مرحلة ما هو اسوء من احداث تشرين قبل عامين، اذ يرى بأن بقائه في المنصب سيخفف من حدة التوتر مما سيتيح ذلك إمكانية عدم استفزاز الجماهير الصدرية التي تطمح حالياً لاستمراره ومن ثم الاتفاق على اجراء انتخابات مبكرة، يتحمل ملف ادارتها الكاظمي.
وقد ركز الكاظمي على الحوار في ادراكاً منه بأن ذلك هو الباب للبقاء في المنصب حيث دعا إيران بإن لديها أصدقاء في العراق، وهي قادرة على التأثير عليهم ودفعهم نحو الحوار بدلاً من استخدام الأسلحة التي يمتلكونها حالياً مرتكزاً بتلك الدعوة الى العلاقة الطيبة الذي تربطه بالإدارة الإيرانية.
فمحاولات رئيس حكومة تصريف الاعمال الذي تروم الاستمرار في المنصب تطرح عليها عدة إشكاليات لعل أبرزها هل سيكون الكاظمي هو الحل للمشاكل الموجودة؟
بالتأكيد لن يكون الكاظمي هو الحل، استناداً بالإخفاقات التي تسببت بها حكومته فلم يحصر السلاح بيد الدولة ولم يعالج مشاكل البطالة ولم يكشف عن قتلة محتجين تشرين ولم يكن ولياً لدم الشهيد هشام الهاشمي ولم يعطي للدولة هيبتها بل كان ضعيفاً، هذه الإخفاقات الصغيرة، اما الإخفاقات الكبيرة فيمكن اختزالها في التداعيات التي ترتبت على استقالة وزير المالية علي عبد الأمير علاوي الذي اعترف بشكل واضح وصريح بلقاء تلفزيوني على مدى تدهور الدولة حيث تم الاستيلاء على الدولة فعلياً من قبل الأحزاب وجماعة المصالح الخاصة، كما عد الكثير مِن المراقبين للشأن السياسي بأن استقالة علاوي وثيقة تثبت فساد النظام السياسي وفشل الحكومة في محاربة الفساد.
فرغم هذه الإخفاقات فأن الكاظمي هو الضوء في نهاية النفق، لم ابالغ في ذلك لأن بقائه في المنصب سيهدأ التوتر والصراع المتوقع بين التيار الصدري والإطار التنسيقي، لكن هذا لن يصب في مصلحة الإطار لان بقاءه يعني تشبث الصدريين في مفاصل الدولة، لذلك يتوجب على الإطار طرح فكرة بقاء الكاظمي واخذ منصب الأمانة العامة لرئاسة الوزراء مع الاتفاق على اجراء انتخابات مبكرة بأشراف اممي تام يتم الاعتراف بنتائجها مهما كانت.


image image image

آراء من نفس الكاتب


المزيد
image
الرئيسية من نحن الخدمات ارشیف الموسوعة

تنزيل التطبيق

image image

تابعونا على

الأشتراك في القائمة البريدية

Copyright © 2018 Mawazin News Developed by Avesta Group

image

اللائحة

الأقسام