السفير عبد الكريم طعمة
06/10/2021
((درسٌ إلهيٌ عظيم من زمن نبي الله أبراهيم ع)) وردَ في حديثٍ قدسي- الحديث القدسي هو وحي من الله تعالى لكنه ليس جزءً من القرآن الكريم- أن الله تعالى أوحى الى نبيه أبراهيم ع: أن يا أبراهيم أبنِ لي بيتناً، فقام أبراهيم عليه السلام ليبنى مسجداً بيتاً لله تعالى. بعد الأنتهاء منه، جاءه الوحي الألهي ثانيةً: أن يا أبراهيم أبنِ لي بيتاً، فأنشأ ابراهيم ع مسجداً آخر. بعد الأنتهاء منه جاءه الوحي: يا أبراهيم أبنِ لي بيتاً، فبنى أبراهيم ع مسجداً ثالثاً. ثم ما أن أكمله حتى جاءه الوحي بالطلب نفسه، فقال أبراهيم ع: يا ربِ لقد بنيتُ بيوتاً كثيرة! فقال تعالى: يا أبراهيم هل كسوتَ عرياناً أم هل أشبعتَ جائعاً؟ بكلمة أخرى؛ أبنِ لي بيتاً في قلب الجائع بأطعامه، أبنِ لي بيتاً في قلب الملهوف بأغاثته، يا أبراهيم أبنِ لي بيتاً في قلب الجائع بأطعامه و المسكين بإغنائه. هذا يعني أن بيوت الله هي قلوب خلقه من الناس، و بشكل أخصّ قلوب المحتاجين و الملهوفين، إذْ هناك يُعبَدُ الله تعالى حق عبادته. نحن نعلم أن بيوت الله تعالى هي محال عبادته و سببُ وجودها هو عبادة الله تعالى بمعنى التذلل و الخضوع بين يديه و تسبيحه و تنزيهه من خلال أقامة الصلوات و مجالس الذكر و الدعاء بين بين يديّ الله تعالى، لكن هذا الحديث يدلُنا على بيوتٍ أخرى لله تعالى و يأمرنا ببنائها و أعمارها، و يبدو أنها البيوت المفضّلة لديه سبحانه على تلك المبنية من الحجر والطابوق، أنها ليست هذه المساجد و الحسينيات، بل هي قلوب المحتاجين و المساكين و المستغيثين، فمن تلك القلوب نصل لله تعالى و نتواصل معه. نعم من قلب المحتاج و قلب الملهوف ننطلق لله تعالى. لكن أدوات التواصل ليست الصلاة و الدعاء و الركوع و السجود بل هي إطعام الجائع و قضاء حاجة المحتاج و تنفيس كربة المكروبين، و لأن هذه الأعمال عبادات لله تعالى فيشترط فيها لغرض القبول و الحصول على ما يناسبها من الثواب في الحياة الأخرى أن يتوفّر فيها قصد القربة لله سبحانه، بمعنى النزاهة و الأخلاص في عملها و ليس لتحقيق غاية سياسية أو منفعة شخصية أو غير ذلك من منافع دنيوية. بكلمة أخرى كما يصيغها السيد الشهيد محمد باقر الصدر في كتابه ملامح عامة حول العبادات؛ (و سبيل الله هو التعبير التجريدي عن السبيل لخدمة الأنسان، ...، فالعمل في سبيل الله و من أجل الله هو العمل من أجل الناس و لخير الناس جميعاً). بمناسبة حديثنا عن الأنتخابات سنأخذ هذا المعنى بعيداً بعض الشيء، فنقول إن إطعام الجائع و قضاء حاجة المحتاج و سد رمق المسكين هي بمصطلحاتنا المعاصرة واجبات الدولة تجاه مواطنيها، يعني هي الخدمات بأختلاف أنواعها، هي توفير الأمان و الأستقرار و ضمان رعاية الطفل الصغير و أحتضان الشيخ الكبير و توفير الرعاية الصحية لكل المواطنين و بشكل أخص للمرضى و رعاية شباب الدولة نفسياً و فكرياً و مهنياً و حياتياً، هي توفير أماكن الراحة و الأستجمام للمواطنين، هي توفير الهواء النقي ليتنفّس منه أبناء الشعب هي توفير الطرق الآمنة و المريحة. و لو عكسنا النظر للمسألة فسنكتشف أن مهام رجال الدولة، طبقاً لفهمنا لهذا الحديث هي توفير العيش الكريم لكل مواطن و حماية حقوقه و سد حاجاته من خلال نظام صالحٍ ينتقل من قضاء الحاجات الفردية للناس الى تهيأة و وضع القوانين و الأنظمة و اللوائح الصالحة التي توفّر كل تلك الخدمات لعموم مواطني الدولة ثم وضع العيون الراصدة المتيقضة دائماً لمراقبة التطبيق بحيث لا يُنسى مواطن أو شريحة أو يتم التمييز ضد فئةٍ من فئات الشعب، أو ان تستأثر فئة أو جهة أو حزب بالمنافع و تحتكر الثروة و السلطة دون بقية خلق الله من الشعب، ثم لابد من يدٍ تبطشُ بكل من يتجاوز على حقوق الناس و يغتني ظلماً و حيلةً فتنتزع الحق العام منه و تعاقبه بما يستحقه من عقوبة رادعة للآخرين من التجاوز و الفساد، و بذلك لا يوجد محتاج و لا مسكين و لا مظلوم و لا مكروب و عندها تعمرُ قلوب الناس بثمار النظام الصالح فنكون قد عبدنا الله تعالى حقاً و بنينا بيوته أمنا و أطمئناناً لخلقه.
9/10/2021
في التثقيف الأنتخابي؛ أساس الحكومات؟
7/10/2021
بمناسبة الأنتخابات، أستمعوا لما قالته الحجونية!
5/10/2021
في التثقيف الأنتخابي؛ لماذا تُجرى الأنتخابات أساساً؟
تنزيل التطبيق
تابعونا على
الأشتراك في القائمة البريدية
Copyright © 2018 Mawazin News Developed by Avesta Group