آراء


محمد الشريف

عن المخاوف من تشريع قانون المحكمة الاتحادية العليا

13/06/2019

يسعى مجلس النواب إلى سن قانون المحكمة الاتحادية العليا، حيث تم تأجيل قراءة الثانية للمشروع إلى غداً الخميس، بغية استكمال النقاشات بصدده.
هذا القانون الذي ينظم عمل القضاء الدستوري ويتحدث عن تكوينها ينبغي أن يخرج بنحو يتفق مع الغرض من تأسيس اعلى محكمة في العراق تعنى بالمنازعات ذات الطابع الدستوري.
رأس السلطة القضائية الاتحادية ينبغي على النواب التعامل معه بالشكل الصحيح وعدم حرفه وادخاله في طي الصراعات السياسية ومحاولات الهيمنة التي عانت منها بقية مؤسسات الدولة العراقية.
وينبغي هنا، التأكيد على حكم المحكمة الاتحادية العليا بالعودة إلى مكونات السلطة القضائية والتشاور معها في عملية تشريع القوانين التي تنظم اعمالها.
وكما هو معروف فأن احكام المحاكم الدستورية تشكل مبادئ دستورية ينبغي الالتزام بها من أجل الثبات على الشرعية في تنظيم عمل مؤسسات الدولة وعدم تخطيها باي شكل من الاشكال.
لعل المشكلة الابرز التي تواجه تشكيل المحكمة هو التخوف من وصول اشخاص من غير القضاة إلى منصة القضاء بمختلف العناوين سواء كانوا خبراءً أو فقهاءً.
وبالعودة إلى الدستور العراقي فأنه عرّف المحكمة الاتحادية العليا على أنها هيئة قضائية مستقلة مالية وادارياً.
هذا يعني أن هيئة المحكمة الاتحادية العليا ينبغي أن تحافظ على صفتها القضائية، أي أن اعضائها ينبغي أن يكونوا من القضاة، وهذا الزام فرضه الدستور وهو القانون الاعلى والاسمى في البلاد بموجب المادة 13 منه التي منعت بنحو قاطع سن اي تشريع يخالف احكامه.
اما عن النص الدستوري الذي يتحدث عن أن المحكمة تتكون من قضاة وخبراء وفقهاء، فأنه لم يذكر ان هذا التنوع يكون في الهيئة بل أن النص الدستوري الذي يسبقه اعطى الصبغة القضائية لهيئة المحكمة.
ويمكن الوصول إلى قصد المشرع الدستوري بكل سهولة في اقتصار الصبغة القضائية على هيئة المحكمة واعطاء عناوين اخرى في تكوينها.
وهذا يعني أن الخبراء والفقهاء يمكن أن يكونوا فيها على شكل موظفين يعطون خبرتهم بما هو متفق عليه في العرف القضائي، وما يصدر عنهم ليس ملزماً لهيئة المحكمة بطبيعة الاحوال.
كما أن النص يوضح أن الخبراء وبدل أن يكونوا منتدبين، فأن عملهم بالنسبة للشريعة الاسلامية وكذلك مبادئ القانون وحقوق الانسان بصفة دائمة ليس بصفتهم اعضاء في الهيئة القضائية انما ضمن التشكيل الاداري لها.
وما يعزز هذا الرأي، أن فسلفة وجود الخبراء في المحكمة هو التخوف من سن قانون يخالف الشريعة الاسلامية أو مبادئ القانون، وبالتالي يتم التصدي لها من قبل المعنيين، وهذا الدور يكون من خلال اختصاص المحكمة الاتحادية العليا بالنظر في دستورية التشريعات، في حين أن للمحكمة اختصاصات عديدة لا تقل اهمية عن موضوع الدستورية من عدمه، وأن وجودهم بوصفهم اعضاء سيسمح لهم الاشتراك في تلك الاختصاصات ومنها المصادقة على نتائج الانتخابات والنظر في النزاعات في ما بين الحكومة الاتحادية والادارات المحلية والاقاليم والنظر في الاعتراضات المتعلقة بمنصب رئيس الجمهورية.
وهذا التوسع يعد خلافاً لفلسفة وجود الخبراء والفقهاء ويدلنا على أنهم خصصوا لغرض معين بما يتفق مع طبيعة عملهم في القضاء واعرافه وهو اعطاء الخبرة الفنية بوصفهم من ذوي الاختصاص الشرعي والقانوني، على أن يترك للمحكمة قول الفصل في الدعوى المنظورة.
واخيراً، نجد من خلال تصريحات اعضاء مجلس النواب أن هناك زيادة غير مبرر لها في عدد الفقهاء والخبراء الاصليين بنحو يجعل عددهم يكاد أن يكون يساوي القضاة، في حين أن المنطق السليم يقول أن فقيهين احدهم يمثل الفقه الشيعي والاخر يمثل الفقه السني كافيين ولا داعي للزيادة عليهما اضافة إلى خبريين في مجال القانون.
ازاء هذا التصعيد، نقترح تشكيل لجنة مشتركة من مجلس النواب والمحكمة الاتحادية العليا تتولى عملية اعادة صياغة القانون وتأجيل مناقشته، لاسيما وأن المحكمة تعمل حالياً من دون مشكلات وباطار دستوري وتشريعي صحيح، ولا توجد هناك اي معرقلات بأداء واجبها الوظيفي واصدرت احكاماً حافظت على التكوين الدستوري لمؤسسات الدولة، ونقضت العديد من التشريعات التي تخالف الحريات العامة ومبادئ حقوق الانسان.

image image image

آراء من نفس الكاتب


المزيد
image
الرئيسية من نحن الخدمات ارشیف الموسوعة

تنزيل التطبيق

image image

تابعونا على

الأشتراك في القائمة البريدية

Copyright © 2018 Mawazin News Developed by Avesta Group

image

اللائحة

الأقسام