آراء


عبدالزهرة الهنداوي

إجازة العيد الوطني

17/10/2022

بهدوء، مرّ يوم الثالث من تشرين الأول، الذي عُدَّ العيد الوطني لجمهورية العراق، ففي صبيحة هذا اليوم من عام 1932، اعترفت عصبة الأمم المتحدة بالعراق، بلداً مستقلاً وسُجّلَ أحد أعضائها، بعد "خروجه" من عباءة الانتداب البريطاني، وإن كان ذلك ظاهرياً.

نعم، مرَّ هذا العيد بهدوء، بعد أن أعلنت الأمانة العامة لمجلس الوزراء عنه عطلة رسمية، فتمتع فيها موظفو الدولة بإجازة هادئة، استمتعوا خلالها بنومة الصباح، وتناولوا "الريوگ" قبيل منتصف النهار!! فيما شهدت المطاعم زخماً واضحاً في ساعات ما بعد الظهر والمساء.

هدوء الثالث من تشرين الأول، لم يبدده سوى جدل وحوارات شهدتها بعض منصات التواصل الاجتماعي، لا سيما المجاميع النخبوية المتواجدة في تطبيق الواتساب، فضلاً عن تخصيص عدد من القنوات التلفزيونية، جزءاً من برامجها للحديث عن هذه المناسبة.

وعلى المستوى الدولي، غضت أغلب البلدان الطرف عن العيد الوطني لجمهورية العراق، الذي يُفترض أن تنهال فيه برقيات التهاني من الرؤساء والزعماء، إلا أن ذلك لم يحدث، باستثناء عدد من الحكومات التي هنأت بهذه المناسبة، ومنها حكومة الولايات المتحدة الأميركية.

وعلى المستوى الخارجي أيضاً، وفي مثل هذه المناسبات، ينبغي أن تقيم السفارات العراقية في العواصم العالمية، احتفالات رسمية، وتدعو اليها كبار المسؤولين في تلك الدول، الا أن ذلك لم يحدث، أو لعله حدث، ولكن لم تنقل لنا الأخبار شيئا عنه..

نترك الجانب الخارجي، ونعود إلى وضعنا الداخلي، فقد شهدت الحوارات "الواتسابية" والتلفزيونية جدالات حادة، بشأن اختيار مناسبة انضمام العراق إلى عصبة الأمم المتحدة عيداً وطنيا، إذ طالب البعض بالتنقيب في اسفار التاريخ العراقي الذي تمتد جذوره إلى نحو 7 آلاف سنة، للعثور على مناسبة أكثر عمقاً وتأثيراً لتكون عيدنا الوطني، جازمين أن تاريخنا يحفل بالكثير من هذه المناسبات، وطرف ثان، طالب بجعل اختيار الكوفة عاصمة للدولة الإسلامية في عهد الإمام علي بن أبي طالب (ع)، هي العيد الوطني، وفريق ثالث، لم يكن مقتنعاً مطلقاً بهذا التاريخ جملة وتفصيلا!! وقد وضعت الجدالات أوزارها وهدأت أجواء الحوار بعد انتهاء إجازة العيد الوطني وعودة الموظفين إلى ممارسة مهامهم، وهذا الهدوء هو الذي شجعني للخوض في هذا الموضوع..

وهنا أقول بصرف النظر عن مدى جدارة مناسبة انضمام العراق إلى العصبة الأممية، لأن تكون عيداً وطنياً للعراق، وإن كنت أعدها الأقرب والأفضل، فإن علينا أن نعطيها الاهتمام الذي تمثله مثل هذه المناسبات لدى الدول، وهذا الاهتمام ينبغي أن يتمثل بإقامة الكثير من الفعاليات وعلى جميع المستويات، لكي يشعر الناس، أن ثمة مناسبة عظيمة يحتفل بها البلد، فيدرك الجميع أهمية هذه المناسبة، ومثل هذه الفعاليات لا ترتبط بجهة دون غيرها، ومن المؤكد أن مؤسسات الدولة تأتي في المقدمة، إذ لا ينبغي أن يكون هذا اليوم عطلة رسمية، بل مناسبة تحتفي بها الحكومة بجميع مفاصلها، ويتم خلال هذه الاحتفالات تكريم العاملين المتميزين وأي فعاليات أخرى ترسخ مفهوم العيد الوطني في أذهان الناس، كما يمكن أن تقوم الحكومة بتقديم منحة مالية لعدد من الشرائح التي تكون بحاجة إلى الدعم، وفتح أبواب الأماكن الترفيهية بنحو مجاني للناس، فضلاً عن إقامة العديد من الفعاليات الاحتفالية، من قبيل إطلاق الألعاب النارية، ونشر البالونات والمناطيد الكبيرة بألوان زاهية في الأجواء، ورفع العلم العراقي في التقاطعات والساحات العامة وفوق الجسور وعند مداخل البنايات، وبث الأغاني والأناشيد الوطنية عبر مكبرات الصوت، وإقامة بطولة رياضية بعنوان بطولة العيد الوطني، وإنارة الطرق.

وثمة أدوار مماثلة للنقابات والاتحادات والجمعيات والمجالس والجامعات، جميعها يمكن أن تكون لها بصمة، لتجعل من هذا اليوم، ذا نكهة خاصة، ينتظره العراقيون بشغف كل عام، فهو العيد الأكبر الذي يمثل الإطار الجامع لجميع ألوان الشعب العراقي.. أليس كذلك؟

image image image

آراء من نفس الكاتب


المزيد
image
الرئيسية من نحن الخدمات ارشیف الموسوعة

تنزيل التطبيق

image image

تابعونا على

الأشتراك في القائمة البريدية

Copyright © 2018 Mawazin News Developed by Avesta Group

image

اللائحة

الأقسام