|
فلاح المشعل
36 الف وزير وحميد الهايس...!
13/10/2018
|
|
فلاح المشعل
مبادرة رئيس الوزراء المكلف عادل عبد المهدي بالترشح عبر الانترنيت، كانت رسالة للشعب العراقي والقطاعات السياسية مفادها ان منصب الوزير وأي منصب اخر بالدولة لاتعدو ان تكون وظيفة، وظيفة يشغلها من يملك الكفاءة والتخصص، وليس اقطاعية للحزب او الوزير والشلل المحيطة به .
لكن هذه الرسالة كشفت لنا جملة من الحقائق الغاطسة اجتماعيا، وبعضها يحمل مفارقات وابعاد كوميدية تشير لحالات شاذة وسريالية غير مسبوقة في تاريخ المجتمعات بخروجها عن المألوف والتقليد السياسي ومفهوم الدولة واشتراطاتها .
اكثر من (٣٦) ألف ممن رشحوا أنفسهم لمنصب الوزير ، الأمر الذي يكثف الحقيقة عن شعب عاشق للسلطة والقوة والدور الفردي بأمتلاكها بعد فقدان الأمل بالدولة والحكومة، فصار يتحين الفرصة للحصول على المنصب ولو بضربة حظ الكتروني .
حقيقة أخرى وجدت ترجمتها في وعي وإدراك الأكثرية الشعبوية، يتلخص أمرها بإستسهال أن تكون وزيرا جراء فقدان المميزات لشخصية الوزير التي تطالعنا خلال خمسة عشر سنة عجفاء مرت بنا، وثمة العشرات من الشواهد لوزراء بشخصياتهم القرقوزية ومظاهر الأمية ناهيك عن التزوير والفساد الذي يغطي مقاطع مهمة من حياته قبل وخلال التوزير .
منعطفات التجربة الحالية في تشكيل الحكومة تخبئ رغبة ٣٦ الف مواطن عراقي يسعى ليكون صاحب حماية وميليشيا ووظيفة وزير وسلطة ووجاهة والقفز بالثروات والعقود ونجومية الإعلام وغيرها من المكاسب والعقد الخفية، تجليات صريحة لمفهوم الحواسم وثقافتها التي سادت في مجتمع فقد ثوابته الأخلاقية وسياقاته النظامية والقانونية .
مفارقة أخرى تشير لترشح نحو الفي شخص لمنصب وزير ثقافة في العراق، والظاهرة تعني أحد أمرين أما أن مجتمعنا مزدهر ثقافيا ومتخم بالترف المعرفي، أو ان منصب وزير الثقافة لايحتاج لمؤهلات وتخصص وكفاءة، تساوقا مع العديد ممن تسنموا هذا الموقع كالضابط والتاجر والذباح، بينما تخبرنا الذاكرة السياسية للمجتمعات الحضارية عن اختيار المثقف الفرنسي الكبير اندريه مالرو ليكون وزيرا للثقافة في زمن الرئيس شارل ديغول، وعراقيا تبلغ المفارقة ذروتها حين يخرج لنا شخص عشائري لم يقرأ كتابا في حياته مثل حميد الهايس ويصرُ على استحقاقه ليكون وزيرا للثقافة ..!