آراء


محمد شياع السوداني

هل يخرج (مارشال) العراق من عنق الزجاجة ؟

18/09/2019

ليس بخافٍ على مطلع أن في إدارة الملف  الاقتصادي والتنموي للعراق رتابة وكلاسيكية وبيروقراطية لم تأت بجديد على الرغم من تغير المنهجيات وتطور النظريات ومواكبة التكنولوجيا وتنوع مصادر المعرفة وتوافرها للارتقاء بالدول وإنعاش اقتصادها ، اذ  اعتمدت الحكومات السابقة المتعاقبة على الاقتصاد الريعي المستند إلى بيع  النفط بنسبة  ٩٥٪؜  من الإيرادات الكلية التي تصرف في منافذ محددة  مثل الرواتب والأجور  والتسليح ودعم البطاقة التموينية والحماية الاجتماعية والتعويضات وجزء يسير  من المشاريع التنموية للخدمات والأعمار.
ومع وجود آفة الفساد المالي والإداري   فإن نسبة المشاريع الحقيقية الجادة في البلد قليلة جدا ماسبّبَ حالة من الاحباط واليأس وشاع التذمر الذي ساد المشهد إذ لازال العراقي يعاني من تدنٍ في تجهيز الطاقة الكهربائية وقلة المدارس وضعف تجهيز المياه الصالحة للاستخدام البشري فضلا على  قصور في شبكات مياه الصرف الصحي وتعبيد الطرق و عدم كفاية المراكز الصحية والمستشفيات الحكومية  التي تنقصها الإدامة والاجهزة والأدوية مايدفع الالاف من المرضى إلى التوجه إلى خارج العراق بحثا عن خدمات أفضل زد على ذلك تدني مستوى التعليم الذي حدا الكثيرين للدراسة خارج البلد طلبا لمستوى تعليمي راقٍ ورصين للتأهل لشهادة عليا تؤهله للحصول على فرصة عمل مضمونة .
 وعلاوة على ماذكرنا من نقص واضح في الخدمات نجد اعتماد السوق المحلية على الاستيراد تلبية لحاجات المواطن أو مؤسسات الدولة وعلى وفق تقديرات وزارة التخطيط لعام ٢٠١٥ فإن قيمة الاستيرادات قد بلغت خمسون مليار دولار سنويا.

وعلى الرغم من المحاولات المستمرة من الحكومات المتعاقبة في إعداد خطط واستراتيجيات من مثل مبادرة تطوير القطاع الخاص واستراتيجية الطاقة والاستراتيجية الوطنية الصناعية ورؤية العراق لعام ٢٠٣٠ وخطة التنمية الوطنية الا ان هذا كله ومافيه من خطط ورؤى اما أنه لم يأخذ طريقه للتنفيذ بشكل تام وفاعل أو بقي حبيس ادراج المكاتب من دون تطبيق لحل مشاكل المجتمع من فقر ومرض وجهل وبطالة بل بدا هناك نوع من الفقر متعدد الأبعاد متمثل ب (التربية والصحة والسكن والخدمات ).

إن هذه المؤشرات تدفعنا إلى التفكير بخطوة استباقية جريئة تختصر الزمن وتسهم في خلق تنمية حقيقية تنعكس ايجابيا على الخدمات وتساعد في توليد فرص عمل تؤدي إلى امتصاص البطالة وترتقي بنا إلى تنمية اجتماعية؛ من هنا نؤكد ضرورة التفكير الجاد في مشروع  تنموي سريع.

إن ضعف التوافقات السياسية واختلال النظام السياسي برمته كان له حضور سلبي في مشهد الاصلاح الاقتصادي إذ كانت الخطوات التي تطمح إليها اية حكومة أو مسؤول تُجابه بالرفض او القبول على وفق العلاقات والمصالح السياسية ولعل من اهمها إجهاض مشروع البنى التحتية الذي طرحته حكومة المالكي في أواخر عام ٢٠٠٧ عندما كانت هناك أزمة مالية وكساد شمل دول العالم إذ اقترحت مجموعة من الدول ومنها كوريا الجنوبية واليابان والبرازيل والصين تنفيذ مشاريع تنموية  في العراق عن طريق شركاتها وعلى وفق المواصفات والشروط التي يطرحها العراق وباحدث الوسائل التكنولوجية مقابل تزويدها بالنفط الخام لسنوات مستقبلية وعلى وفق الأسعار المطروحة آنذاك.
وقد كانت قيمة المشروع المطروح  ٣٧ مليار دولار والذي كان كفيلا بإنجاز مايحتاجه المواطن من خدمات اساسية تنتج منها بيئة مستقرة تشجع على الاستثمار فلايمكن للمستثمر أن يقصد بيئة بلا امان وبلا خدمات وبلا كهرباء وغير ذلك من البنى التحتيه والأمور الطاردة للمستثمر.

لقد كان مشروع ٢٠٠٧_ ٢٠٠٨ مشروع الدفع بالآجل واحدا من الخطط الطموحة التي اُجهضتْ بفعل العامل السياسي بعد أن احس بعض من القوى السياسية بإن مشروعا مثل هذا كفيل بانجاح الحكومة إذ أُجهِضَ بحجج واهية منها الخشية من استشراء الفساد في حين كان المشروع كفيلا بتقويض الفساد وقطع دابره لانه يمثل شركات أجنبية رصينة وبالتالي لا وجود لمناقصات ولالمهندس مقيم ولا لسلفٍ؛ تلك الروافد والحلقات التي تؤدي إلى الفساد.

اننا ومن دورنا الرقابي والدستوري ندعو إلى تفعيل هذه الفكرة حتى لو أُطرت بصورة أخرى عن طريق صندوق مشترك مع احدى الدول المتقدمة إذ سمعنا أن هناك فكرة لإحياء مفاوضات سبق وأن أجرتها الحكومة السابقة مع الصين التي عرضت انشاء صندوق مشترك بقيمة (١٠)مليار دولار يُجَهز سنويا بمبلغ محدد يقابل كمية من النفط الخام التي تصدر للخارج، لتوفير غطاء مالي للمشاريع المهمة التي يتبناها الصندوق من مثل مشاريع  ميناء الفاو وخطوط السكك ومشاريع البتروكيماويات وحل ازمة السكن ناهيك عن مشاريع المدن الصناعية والتي كلّها تُمَول من هذا الصندوق.

إن زيارة رئيس مجلس الوزراء المرتقبة الى الصين تدخل في ضمن إحياء مشروع الدفع بالآجل الذي أُجهض عام ٢٠٠٧_٢٠٠٨ ولكن بعنوان النفط مقابل التنمية و على القوى السياسية اليوم إسناد الحكومة في هذا التوجه وان تأخذ العبرة من الدرس السابق الذي غابت عنه مصلحة الوطن أمام الخلافات السياسية.

image image image

آراء من نفس الكاتب


المزيد
image
الرئيسية من نحن الخدمات ارشیف الموسوعة

تنزيل التطبيق

image image

تابعونا على

الأشتراك في القائمة البريدية

Copyright © 2018 Mawazin News Developed by Avesta Group

image

اللائحة

الأقسام