آراء


جبار الشويلي

الغاء قرارات الحكومة السابقة من منظور دستوري

12/12/2018


.. بعد ٢٠١٨/٧/١ انتهت الدورة البرلمانية الثالثة دستوريا بحكم المادة ( ٥٦) من الدستور وعلى اثر ذلك استمرت الحكومة السابقة بأداء مهامها واعمالها  واتخذت جملة من القرارات البعض منها ذات شأن استراتيجي والاخرى تختص بالشؤون الخدمية المختلفة وغيرها تتعلق بالشؤون العامة للمواطنين وقليل منها خاص بالجانب الامني ..
.. وهنا يبرز السؤال الاتي :
هل ان الحكومة كاملة الصلاحية الدستورية  ام انها منقوصة لتلك الصلاحية وبالتالي فهي تمارس عملية تسيير الامور اليومية فقط وهناك نقف امام حالتين :

الاولى ... الحكومة كاملة الصلاحيات الدستورية...

ومن يؤيد هذا الرأي يذهب الى ان الدستور لم يشر او ينص من خلال مادة او فقرة قانونية فيه تشير الى انه عند انتهاء الدورة البرلمانية المنصوص عليها في اعلاه تتحول الحكومة الى حكومة تسيير اعمال او تصريف اعمال يومية لحين تشكيل الحكومة التي تنبثق عن الانتخابات العامة واجراء عملية التسليم السلمي للسلطة بين الحكومتين السابقة واللاحقة وهنا تكون صلاحياتها كاملة غير منقوصة ويحق لها اتخاذ اية قرارات تراها مناسبة ومتوافقة مع برنامجها الحكومي ومن ضمنها عقد المعاهدات والاتفاقيات والبروتوكولات ومذكرات التفاهم  وانشاء المراكز القانونية الأخرى وتقديم الخدمات المختلفة في المجتمع. 

الثانية... الحكومة غير كاملة الصلاحيات الدستورية...

ويشار لها بحكومة تسيير او تصريف الاعمال اليومية فقط
وبالعودة الى الدستور نجد ان الاشارة الى هذا المورد قد ورد في مادتين فقط لا ثالث لهما وهما :
١.. المادة (٦١ / ثامنا /د) التي تنص على ( في حالة التصويت بسحب الثقة من مجلس الوزراء بأكمله ، يستمر رئيس مجلس الوزراء والوزراء في مناصبهم لتصريف الامور اليومية لمدة لاتزيد على ثلاثين يوما ، الى حين تأليف مجلس الوزراء الجديد وفقا لاحكام المادة (٧٦) من هذا الدستور)

٢.. المادة (٦٤ / ثانيا) والتي تنص على (  يدعوا رئيس الجمهورية ، عند حل مجلس النواب الى انتخابات عامة في البلاد خلال مدة اقصاها ستون يوما من تأريخ الحل ، ويعد مجلس الوزراء في هذه الحالة مستقيلا ، ويواصل تصريف الامور اليومية)

.. ومن يعاضد هذا الرأي يقول ان الحكومة تقوم بتصريف شؤون الدولة المعتادة اليومية وليس لها ان تحدث مراكز قانونية جديدة سواء كانت دولية كالمعاهدات والاتفاقيات وغيرها او مراكز وطنية كالتعيينات واحالة المناقصات ..
ويلاحظ ان تحديد مدة تصريف الاعمال ب (٣٠ يوما) وهو تحديد غير موفق لان عدم تشكيل الحكومة خلالها يدخل البلاد في فراغ دستوري...
... ومن وجة نظر دستورية خاصة اجد ان الحالة الاولى المشار اليها انفا تنطبق وصفآ على  الحكومة السابقة للاعتبارات القانونية التي ذكرناها سابقا..
عليه نجد ان القرارات التي اتخذت من الحكومة السابقة اعتبارا من ٢٠١٨/٧/١ ولغاية ٢٠١٨/١٠/٢٤  لم تخرج من الاطر الدستورية والقانونية المعمول بها اصوليا
وهي على اختلافها النوعي والكمي تدخل ضمن تلك الصلاحيات الحصرية  المشار اليها في المادة ( ٨٠) وغيرها من المواد الدستورية  وتتناسب مع مفاهيم وبرامج دولة المؤسسات والقانون التي نطمح لها كشعب عراقي يسعى للخروج من موضع الازمات الى مواضع التقدم والازدهار ..
وبالاطلاع على مضمون المادة (٧٨) الدستورية  التني تنص على ( رئيس مجلس الوزراء هو المسؤول التنفيذي المباشر عن السياسة العامة للدولة ، والقائد العام للقوات المسلحة ، يقوم بأدارة مجلس الوزراء، وبترأس اجتماعاته ، وله الحق بأقالة الوزراء، بموافقة مجلس النواب)
نجد انها تعطي تفصيلا لمنصب ومهام رئيس الوزراء تتمثل بكونه رئيسا لمجلس الوزراء اولا والمسؤول التنفيذي الاول في الدولة ثانيا والقائد العام للقوات المسلحة ثالثا
وهذه المناصب تعطيه المساحة الواسعة في اتخاذ القرارات الادارية والامنية الاستراتيجية الهامه في الدولة بما يتوافق مع المصلحة العامة والسياسة العامةفي الدولة ..
ولانبتعد كثيرا عن مضمون المادة  ( ١١٠ / ثانيا ) من الدستور ..
والتي تنص على ( تختص السلطات الاتحادية بالاختصاصات الحصرية ومنها.... ( وضع سياسة الامن الوطني وتنفيذها، بما في ذلك انشاء قوات مسلحة وادارتها، لتأمين حماية وضمان أمن حدود العراق، والدفاع عنه)
وهذا تصريح دستوري واضح المعالم بأن سياسة الامن الوطني هي من الصلاحيات الاتحادية الحصرية للحكومة متمثلة بالقائد العام للقوات المسلحة.
لذا اعود مرة اخرى ومن وجهة نظر قانونية (شخصية) الى القول بأن القرارات المتخذة في الفترة المذكورة اعلاه هي قرارات لاتبتعد عن الصبغة الدستورية القانونية  ولاتخالفها وان اصدار قرار نيابي من مجلس النواب بألغائها يعد خطوة في غير مكانها وتدخلا في مهام واعمال ذات شأن تنفيذي او تتعلق ببرنامج حكومي  وان اتخاذ مثل هذا القرارات قد يحمل الدولة جنبة او تبعة مالية لايحمد عقباها وهنا نود الإشارة الى قرار المحكمة الاتحادية المرقم ٥٧ /اتحادية في ٢٠١١/١٠/١٨ والخاص بعدم صلاحية مجلس النواب اصدار قرارات تنفيذية او ذات طابع تنفيذي تخرج عن اختصاصة وتبقى غير ذي قيمة قانونية ولاتأخذ طريقها الى التنفيذ خلافا لاختصاصاته الدستورية
وان هذا كله يؤدي بالنتيجة الى ازدياد حالة الارباك التشريعي في القوانين ممايتحول لاحقا الى تنازع او تشابك بين المفاهيم القانونية مما يسهل الاجتهاد على موارد النصوص وتتعدد الاراء والاهواء في تفسيرها بطريقة توافق المزاج السياسي او التوافق بين الاطراف المستفيدة من هذه القوانين ونبتعد شيئا فشيئا عن دولة القانون والطموح وقد تؤدي تلك التفاسير والاجتهادات الى عرقلة اعمال الحكومة حاضرا ومستقبلا في مسألة اصدار القرارات التي تدخل من ضمن صلاحياتها التنفيذية وبالتالي الذهاب الى تعطيل المصالح العامة في الدولة من غير شعور او دراية قانونية
ويعد سابقة قد تؤدي مستقبلا الى تدخلات لاحقة مابين السلطات الثلاثة في الدولة والتي نص عليها الدستور في المادة ٤٧ منه والتي تنص على ( تتكون السلطات الاتحادية ، من السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية ، تمارس اختصاصاتها ومهماتها على اساس مبدأ الفصل بين السلطات)
وكان يمكن لمن يسعى الى بيان تلك المفاهيم ومعناها الحقيقي الدستوري والقانوني ان يذهب بتفسير تلك القرارات الحكومية او النيابية المتعلقة بهذا الشأن الى المحكمة الاتحادية العليا لوضع النقاط على الحروف من قبل هيأتها العامة  وحسم الامر من خلال امرين :
الاول...
تفسير مبدأ حكومة تسسير او تصريف الامور او الاعمال اليومية الواردة في الدستور بعد انتهاء كل دورة انتخابية..
الثاني :
 تفسيير قرارات الحكومة السابقة في الفترة من ٢٠١٨/٧/١ ولغاية ٢٠١٨/١٠/٢٤  ومدى دستوريتها
وكذلك تفسيير قرار مجلس النواب الاخير الخاص بألغاء تلك القرارات.
وللقضاء القول الفصل في مثل هذه المناكفات التي قد تطغى عليها صبغة سياسية وتبتعد عن روح الدستور والقانون...

image image image

آراء من نفس الكاتب


المزيد
image
الرئيسية من نحن الخدمات ارشیف الموسوعة

تنزيل التطبيق

image image

تابعونا على

الأشتراك في القائمة البريدية

Copyright © 2018 Mawazin News Developed by Avesta Group

image

اللائحة

الأقسام