د.رمضان محمد
20/06/2025
بعد العام 2003، تحولت المدن العراقية من فضاءات مزدهرة، أو على الأقل واعدة للنمو والتطور، إلى ساحات يعجُّ فيها التناقض والتمزق في النسيج الاجتماعي، حيث تستقبل باستمرار موجات من النازحين بسبب نقص المياه في العراق والتي أدت الى ندرة وشحة مائية سببت أزمات مائية وخاصة وسط وجنوب البلاد وبالذات مناطق الاهوار. فوجد أهالي القري والقصبات المتضررة من نقص المياه وزحف الصحراء وفقدان موارد العيش من الزراعة والثروة الحيوانية والمهن اليدوية أنفسهم خارج حسابات الدولة. كانت مدن العراق وخاصة بغداد والبصرة، شاهدة على تحول عميق في البنية الاجتماعية والتراتبية، مما أنتج شرخ كبير بين سكان المدن والنازحين الذين اتخذوا من الأحياء الشعبية سكناً لهم والتي لم تُعدْ سوى «فضاءات هامشية» في حواضر المدن تعج بالبطالة وبالجرائم في أحيان كثيرة بسبب الإهمال والتهميش. مما يستدعي من الحكومة إلى إعادة تصنيف المدن وان لا تفقد الدولة دورها من راعية للمجتمع إلى جهة مقصرة في تقديم الخدمات، بل وأحياناً مقيّدة لها. زيادة عدد السكان بشكل عشوائي في المدن العراقية أدى إلى تأزيم العلاقة بين المدينة وسكانها الأصليين. ففي مدن العراق، سبب الانفتاح غير المدروس من تمرير مشاريع اقتصادية، ادت الى إعادة تشكيل للنظام الحضري فيها «تقسيم ترابي» انتجت مناطق حصرية للنخب الاقتصادية والسياسية، وأخرى تركت للفئات الفقيرة والمعدمة واصابها التهميش. حيث ينفصل الفضاء الحضرِي إلى مناطق متباينة في تقديم الخدمات للطبقات الفقيرة، حيث تتكدس الأحياء الشعبية الفقيرة التي تتسم بتدهور البنى التحتية وغياب الخدمات الأساسية. وبين ساكني الأبراج الشاهقة التي تتباهى بها شركات الخاصة والمدعومة من الدولة وبترويج السوق المفتوحة، التي جعلت من العراق تابعا اقتصادياً لدول التشارك المائي للعراق وتحويل البلد الى سوق استهلاكي لهم. هذه الازمات المائية والمناخية أججّت من حدة الانقسامات الاجتماعية داخل المدن العراقية، حيث جعلت هذه الحالة من النخب نفسها تزداد ترسيخاً داخل فضاءات مغلقة، بينما تكافح الطبقات الفقيرة من أجل الوجود في فضاءات لم تعد الدولة تراها من زيادة التهميش والاهمال. وبهذا تكون توفير وترشيد استهلاك المياه في مسؤولية مشتركة تبدأ من التغيير الذاتي وتمتد إلى المجتمع بكامله، لضمان مستقبل أفضل لنا وللأجيال القادمة ولكوكب الأرض.
28/5/2025
العراق في لحظة مفصلية من تاريخه المائي!
تنزيل التطبيق
تابعونا على
الأشتراك في القائمة البريدية
Copyright © 2018 Mawazin News Developed by Avesta Group