آراء

تحت هذا العنوان الشديد الجاذبية تنشر وسائل الاعلام العراقية الاخبار المسربة المدعومة بوثيقة رسمية وهي اخبار ذات مصداقية عالية في حال صحت تلك الوثائق  ،  واغلبها صحيحة كما يبدو ، لكن مايجب الوقوف عنده هو عدة ملاحظات فاحصة لهذا الموضوع، فهناك نوع من الوثائق تتسرب بشكل طبيعي نتيجة ضعف في الضبط الاداري وفي امن المعلومات او نتيجة اخطاء او حالات اهمال وتقصير وجهل، الى جانب وثائق تجتهد الصحافة في  الحصول عليها لدعم اخبارها وتقاريرها ومن صميم عملها ودورها الرقابي، لكن مايجب الوقوف عنده بحذر ووعي هو البعد الاخر الخفي والخطير والعميق لهذه التسريبات البعيد عن الجو الصحفي القريب جدا من اجواء السياسة والاعيبها، فبعضها قد لايصح وصفه بالتسريب وانما نشر معلومات بشكل قصدي لتحقيق اهداف عدة من بينها التسقيط وجس النبض يقابلها وثائق تتسرب كرد فعل وتسقيط مقابل، وبعض التسريبات تؤدي لتعويق  واحباط اجراء معين او خطة عمل معدة او بقصد ازاحة شخص ومعاقبته وتمهيد الطريق لآخر وقد يترتب عليها عدل وانصاف او ظلم واجحاف، مايعني ان عملية التسريب ليست بريئة وتقف وراءها عدة اطراف متقاطعة في توجهاتها ولكل منها هدف تصبو لتسجيله في مرمى الخصم، وامام كل هذه الاستنتاجات والبحث في الطريق المظلم الذي تسلكه الوثائق الحساسة لترى النور وتصل المرمى في نهاية المطاف فلا اجراء اداري او قانوني وامني قادر على وقف تسريب الوثائق والمعلومات بشكل نهائي خاصة في ظل التعددية التي نعيشها والصراع والمنافسة غير الشريفة، والحل يكمن باتاحة وعرض وتوفير المعلومات لضمان سلامة القرارات والاجراءات وابعادها عن الميول والولاءات وان يتحلى صاحب القرار بالشجاعة والثقة بصحة قراره والدفاع عنه، وان يجد ويجتهد في ان يكون توقيعه على اية وثيقة مستوف لكل الشروط والاعتبارات والاستحقاقات اللازمة ومستوف من الناحية القانونية والصياغات وانتقاء التعابير والمفردات الصحيحة غير الفضفاضة او المجازية الفارغة مدعوما بالمشاورة والقراءة المتوقعة وفهم المزاج العام ومصارحته واحترامه فيحمي بذلك نفسه والمجتمع عبر رقابة وقائية داخلية مسبقة يمارسها قبل افلات القرار من يده ،  والسؤال الذي يلخص كل القصة هو لماذا اوقع على وثيقة اخشى من تسربها لوسائل الاعلام والرأي العام  ؟.