آراء


علي حسن الفواز

المصالح وعقلانية السياسة

01/05/2021

صحيح أن السياسة هي فن ادارة المصالح، لكنها تعني ايضا عقلانية الحفاظ على تلك المصالح وعلى ديمومتها، وهذا يجعل صناعة السياسة أمرا يقترب من الحكمة، ومن الحنكة، لأن خسائر السياسة باهظة الثمن دائما، وتؤدي بالناس والمصالح والبلدان الى مآزق خطيرة، وأحسب أن تاريخ العراق السياسي المعاصر غامر بمصائب الخسارات السياسية، وسوء ادارة المصالح، والتصرّف بخيارات الحرب والسلام والتنمية بعيدا عن أي مراجعة عقلانية ونقدية.
التعاطي العقلاني مع السياسة يفترض وجود الخطاب، والمنصة والمؤسسة والسياق، مثلما يتطلب وجود المهنية التي تمنح الخطاب السياسي فاعليته، وتحدد مساره وتأثيره، وتؤسس عليه برامج وخطط العمل، فالسياسة ليست شطارة ولا ربحا في رهان ما كما ينخدع بعض الطغاة الذين جعلوا من الاستبداد خيارا، وجعلوا من ضعف الاخرين توهما بمزيد من القسوة، والتوغل في ارتكاب الاخطاء في الادارة وفي التخطيط وفي حفظ الثروة، وفي تحويل المصالح العامة الى مصالح شخصية، او ربما الى اسواق عائلية للفرجة.
حاجتنا الى العقلانية هي الوجه الآخر لحاجتنا للمهنية، ولمن يتصدى للمسؤولية، ولمواجهة التحديات، ولاعتماد الخطط والآليات التي تكفل النجاح، وتُعظّم موارد الدولة وتحميها من الغش والتدليس في آن معا، مقابل العمل على تأسيس سياقات عمل عبر الحوكمة تكفل حماية المصالح، وتكفل التأسيس المادي الحقيقي لبنية الدولة، لأن الدولة مؤسسات نظام وقوانين ومصالح وعلاقات، وهذا مايقتضي حيازة القوة المعرفية والمهنية التي تمنح السياسي القدرة على مراقبة العمل، وتنفيذه، وعلى اداء مسؤولياته بدراية، وبتحمّل اخلاقي وشرعي ومهني لمصالح الاخرين، وأحسب أن الفساد هو التحدي الاكبر لهذه المسؤولية، على مستوى الالتزام بالعمل، أو على مستوى الحماية الشرعية للمصالح، وعلى مستوى عدم خيانة الامانة والتجاوز على حقوق الاخرين وحرمانهم من الخدمات العامة.
العقلانية في هذا السياق لا تعني نزوعا الى التفلسف في توصيف المسؤولية، ولا أن نصنع خطابا معقدا، بل هي الاعلاء من شأن الوعي بالحقائق والمصالح، ووضع الشيء في سياقه، مثلما هو وضع الشخص المناسب في المكان المناسب، وأن تكون له الأهلية والشجاعة للدفاع عن مسؤوليته وبرنامجه، فضلا عن الدفاع عن مصالح الآخرين.



image image image

آراء من نفس الكاتب


المزيد
image
الرئيسية من نحن الخدمات ارشیف الموسوعة

تنزيل التطبيق

image image

تابعونا على

الأشتراك في القائمة البريدية

Copyright © 2018 Mawazin News Developed by Avesta Group

image

اللائحة

الأقسام