آراء


عبدالزهرة الهنداوي

لا تغلقوا ابواب السعادة !!!

17/12/2019

لايختلف اثنان على ان البنى التحتية والفوقية لقطاع التعليم ، كما هي حال اغلب القطاعات في العراق ، تعاني الكثير من الخلل ، نتيجة تراكمات الزمن ، ومرور البلد في منعطفات حادة ، تسببت على الدوّام في عرقلة وايقاف مساعي النهوض بواقع الحياة في جميع مفاصلها  ، ومثل هذه المنعطفات ، لاتكاد تنتهي ، مثل جزيرة صغيرة ، تواجه الاعاصير الشديدة ، بسبب متاخمتها للبحار ..
وإذا اردنا الحديث عن مواطن وبواطن الخلل في التعليم فهي كثيرة ، ليس اقلها ارتباك المناهج ، وعدم مواكبة طرائق التدريس لما يشهده العالم من أساليب حديثة متطورة ، ولا تنتهي المشاكل ، عند اكتظاظ الصفوف وقلة المباني ، ووجود المدارس الطينية ، وشيوع التدريس الخصوصي ، وغير ذلك الكثير .
نعم ، كانت هناك خطط ومشاريع واجراءات لتحسين واقع التعليم ، وقد حققت تلك الإجراءات شيئا من المعالجة ، ولكن الواقع ، لم يشهد الكثير من التغيير ، وكان بالإمكان ان يكون الحال افضل مما كان ، لولا التحديات الجسام ، ومنها تحدي الفساد الذي عصف بواحد من اكبر المشاريع في قطاع التعليم ، وهو مشروع بناء آلاف المدارس في جميع المحافظات الذي أطلق عام ٢٠١١ ، وكان من المقرر ان ينجز على مرحلتين بعد ثلاث او اربع سنوات ، ليتم حل مشكلة قلة المباني ، وبالتالي ، معالجة مشكلة الاكتظاظ المرعب في الصفوف ، يساعد على ذلك ، وجود ملاكات تعليمية وتدريسية  كثيرة ، يمكنها ان تغطي الحاجة بالكامل ، فقط هي بحاجة إلى تأهيل وفق الأساليب والطرائق الحديثة للتعليم ..
ولكن وعلى الرغم من كل تلك  التحديات  ، وهذه نقطة لابد من الإشارة اليها ، ان نسبة الالتحاق الصافي في الدراسة الابتدائية ، شهدت ارتفاعا في معدلاتها خلال السنوات الماضية وصل إلى ٩٣٪؜ .
ومعنى ذلك ، ان التعليم ، على وجه التحديد ، ينبغي ان يستمر ، تحت اي ظرف كان ،لانه يمثل نواة الحياة ، ومرتكزها ومنطلقها ، ولذلك أقول ، ان عملية الربط بين عدم الدوام في المدارس والجامعات التي تشهدها اغلب المحافظات  منذ  اكثر من شهرين  ، وبين سوء ورداءة واقع التعليم ، تبدو معادلة غير منطقية ، وان من يرى  في هذا التعطيل ، خطوة باتجاه اصلاح الواقع ، ومحاربة الفساد ، هي الأخرى اجدها غير مناسبة ، فمن منا يرضى بان يتوقف أبناؤه عن الدراسة ، وهو الذي يعد لهم الايام عدّا  ؟وفي ظل هذا المشهد الحزين (مشهد إغلاق الكثير من المدارس وإجبار  الملاكات التعليمية على عدم الدوام) مازال البعض يقول ، وما الضير في ان يتعطل الدوام عاما دراسيا واحدا ، مقابل تعطل  الحياة في البلد لأكثر من ١٦ سنة  مضت ؟!!!
اعتقد ان ربطا من هذا القبيل ، لا يبدو سليما  ، لاننا عندما نعطل التعليم عاما او حتى أيام، انما نعطل فرصة للاصلاح ،
يقول الشاعر (تعلموا ، فالعلم مفتاح العلى ... لم يبق بابا للسعادة مغلقا)..هذا من جهة ، ومن جهة اخرى ، يمكنني القول ، ان الواقع المتردي للتعليم  في العراق ، وكما ذكرت في مستهل الكلام  ، يعاني خللا بنيويا كبيرا منذ مطلع التسعينات  ، ولكن ان سوء الحال وتردي الواقع ، وتهالك البنى التحتية ، لم تكن يوما مانعا من التميز ، بدليل ان الاول على العراق في القسم العلمي للعام الماضي ، تخرج من مدرسة طينية في احدى قرى ذي قار البعيدة ..
ولذلك ، ينبغي علينا ان ندفع بقوة نحو انتظام الدوام في المدارس والجامعات ، فليس هناك ما هو اثمن واهم من التعليم .. فكل بلدان العالم التي سبقتنا ، انما استثمرت في التعليم لبناء موارد بشرية متطورة قادرة على قيادة دفة البناء ..والختام ، إذا نجحنا في  احداث التغيير المنشود ،وتمكنًا من تذليل وازالة كل العقبات التي تواجه واقع التعليم - وليس إيقاف الدوام من ضمنها- سنكون قُبالة مشهد جديد مختلف .. التعليم ، يجب ويجب ان يستمر ولا يتوقف ، ففي عام ٢٠٠٣ وبرغم الظروف التي واجهها العراق ، لم يتوقف التعليم الا شهرين .. فلماذا نوقفه الان ؟ فهدف التظاهرات والحراك الشبابي هو فتح افاق وابواب جديدة لسعادة العراقيين .

image image image

آراء من نفس الكاتب


المزيد
image
الرئيسية من نحن الخدمات ارشیف الموسوعة

تنزيل التطبيق

image image

تابعونا على

الأشتراك في القائمة البريدية

Copyright © 2018 Mawazin News Developed by Avesta Group

image

اللائحة

الأقسام