آراء


حمزة مصطفى

مفوضية الإنتخابات والتصحيح المطلوب

09/12/2019

حمزة مصطفى
الأسبوع  الماضي صوّت البرلمان على قانون جديد للمفوضية العليا المستقلة للإنتخابات. التصويت كان بالإجماع. القانون الجديد الغى جملة وتفصيلا الطريقة التي كان يجري فيها في السابق إختيار المفوضية التي تسمى "المفوضية المستقلة العليا للإنتخابات" والتي كانت تجري عبر ترشيح  الأحزاب والقوى النافذة في العملية السياسية. هذا يعني أن البرلمان الحالي قام  بالغاء القانون الذي درجت عليه الحياة النيابية في العراق منذ أول دورة برلمانية في العراق الديمقراطي بعد عام 2003 وبالتحديد منذ بدء عام 2006. 
صحيح أن الذي حصل كان بضغط من الشارع المنتفض منذ أكثر من شهرين. وصحيح إنه لولا الضغط  الجماهيري الهائل لما أضطرت الأحزاب والقوى النافذة الى التنازل عما حققته من مكاسب وإمتيازات ونفوذ على مدى الـ 16 عاما الماضية. وصحيح أن الإنتخابات المقبلة والتي سوف تكون إنتخابات مبكرة سوف تؤدي الى إقصاء العديد من القوى والأحزاب وحتى الشخصيات من  المشهد السياسي, وتعيد الكثير من  القوى والأحزاب والشخصيات الى حجومها الحقيقية قبل أن تنتفخ بسبب أفضال قانون "سانت ليغو" الذي لعب "لعب الخضيري بشط" في الحياة البرلمانية والسياسية في البلاد طوال الفترة الماضية. 
  في مقابل ذلك فإنه وأيا كانت الأسباب والدوافع فإن البرلمان الحالي بدأ يستجيب لجوهر مطالب المتظاهرين على صعيد عمل البرلمان ودوره الذي هوالتشريع والرقابة. ربما يعترض الكثيرون على ذلك بالقول أن  البرلمان هو في النهاية جزء من  النظام السياسي الذي هو  موضع إدانة من  قبل المتظاهرين, لكن في مقابل ذلك لابد من فرز المواقف حتى لاتختلط الأوراق على الجميع. فإذا كان هدف التظاهرات والإحتجاجات هي تغيير النظام السياسي  برمته وقلب المعادلة السياسية بالكامل فإن أية إجراءات أو إصلاحات مهما بدت جدية تبقى بعيدة بمسافة كبيرة عن الهدف النهائي.
 لكن إذا كان من بين الأهداف المطلوب تحقيقها هي إجراء إنتخابات برلمانية مبكرة ومن خلال حكومة جديدة فإن مؤشرات ذلك بدأت تتوضح. فالحكومة إستقالت وفي غضون شهر تقريبا لابد أن تكون هناك حكومة جديدة. وطالما أن الدعوة الى إنتخابات مبكرة بدأت تنضج وهو ما أعلنه رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي نفسه بعد إقرار قانون مفوضية الإنتخابات, فإن أسس نجاح هذه الإنتخابات التي من شأنها تغيير المعادلة السياسية بصورة إيجابية الى حد كبير هي مفوضية مستقلة فعلا وهو ماستحقق وفقا لهذا القانون,وقانون إنتخابات عادل ومنصف وهو ماتجري مناقشته داخل قبة البرلمان ومن المتوقع إقراره هذا الأسبوع. 
إذن هناك متغيرات لابد أن تؤخذ بنظر الإعتبار بوصفها تغيير في جسم النظام السياسي وليس على مستوى الإجراءات فقط عبر ماتسمى بحزم الإصلاح. فقانون جديد لمفوضية الإنتخابات يعالج أحد عيوب التأسيس للنظام السياسي الحالي وهو المحاصصة التي بنيت عليها المفوضية التي تعطي الأرجحية لهذا على حساب ذاك الأمر الذي أدى الى تشويه الديمقراطية في البلاد. كما أن إقرار قانون صحيح للإنتخابات سوف يصحح عيبا تأسيسيا آخر من عيوب تأسيس نظام مابعد عام 2003. والواقع أن هذا ماكان يمكن أن  يحصل لولا التضحيات الجسيمة التي سوف تفتح الباب أمام مشاركة أوسع بكثير للشباب الذين نجحوا في فرض معادلة التغيير نحو الأفضل.

image image image

آراء من نفس الكاتب


المزيد
image
الرئيسية من نحن الخدمات ارشیف الموسوعة

تنزيل التطبيق

image image

تابعونا على

الأشتراك في القائمة البريدية

Copyright © 2018 Mawazin News Developed by Avesta Group

image

اللائحة

الأقسام