آراء


سامي المظفر

وانا على ابواب الثمانين

02/12/2019

 

وانا على ابواب الثمانين / سألني سائل لماذا لم تشترك في الواجهة السياسية والقيادة التربوية والتعليمية بعد٢٠٠٦وقد تميزت في قوة وتصميم ومحبة وتكريم / وكان جوابي لا رغبة لي بأي منصب وما انا ألا انعكاس لما كان ولا خائف مما يكون فليأت الموت الي في الساعة التي يريد فقد قمت بواجبي وحسبي ذلك. 

سألني سائل لماذا لم تكن في الواجهة السياسية والقيادة التربوية والتعليمية بعد٢٠٠٦ 
فأجبته أمسى الليل في ذلك الوقت بلا نهار وديمقراطية بدأت تهوى بأجنحتها السوداء تضحك كما تشاء وتبكي كما تشاء ولا زالت تجربة غريبة عجيبة فقد دخل الغرباء وامسكوا بها واصبحت كالليل يهوى باجنحته السوداءالى الارض. 

بعدها نمت اظافر طويلة وعيون لم يكن بوسعها ان ترى وقشور ذات بريق لامع , ونفاق ظل يمجد واكثر من راسبوتين يعالج المرضى واكلة السحت كانوا رافعي رؤوسهم سالبي النعاس ناهبي جميع ما تنبت الارض من بقلها وفومها وقثائها وعدسها وبصلها وسمج وجه النفاق في عيني وثقل تعبيرها في تصوري وطال الليل حتى مللته وغمض الغد حتى فقدته .

وكانت دمقراطية ما بعد 2003 ولا زالت تجربة غريبة عجيبة فغابت الحكمة وأسيلت بعدها الدماء وأدى كذلك الى بروز أكثر من منافق أصبح احمر اللون وغدا اخضرها ثم اصفرها وكانماهناك اكثر من بن ملجم يريد قتلنا فعاشوا الرياء او معه وأصيبوا بداء العظمة واتبعوا عواطف غير واقعية واستعملوا الدين وسيلة قابلة للمغامرة واشاعوا بدل النور الظلام وغابت الحكمة واسيلت الدماء  . 

تفرغت وبعد ان تركت الوزارة للبحث والتأليف وكتابة مقالات ودراسات عن أمور متنوعةمنها السياسية والتربية والتعليم والعلوم المختلفةوبين حين واخروعند الأزمات ارى ان البعض الوفي يقوم بترشيحي لمنصب معين ومنها في هذه الايام ناسين ان تركي للمنصب قبل ثلاث عشر سنةً في منتصف عام ٢٠٠٦ كان نهائيا غير نادم على ذلك بعد ان استولى على الحكم لمدة ثمان سنوات حاكم كأنه شاعر او يدعي الشعر لا يعرف منه القوافي والاعاريض قد حان حينه وبدأ اجله وفقهه لا يفقه . 

اقتنعت عندها ان السياسة زنجية بيضاء فصوتها رنانًا وخطواتها غير منتظمة ورأسها غير مرتفع وحكومة مزعومة تستثمرالضعفاء،وأصبح الوزير كطفلة لاهية لاعبة وثوب الرياء شف عما تحته فمن كان مغمور النسب العلمي ومقطوعه يأخذ لنفسه موقعا مميزا ولم اكن كذلك مكانًا ولم ارغب بذلك ولَم اكنً في عالم طوبائي لكي أعيش هائما مختبلا ولم اكن رجلا سائغا غائبا تائها مهينا مشغولا يترقب المناصب . 

كان شعاري عراق واحد لا طائفية بغيضة فيه ولا فدرالية ميتة تقسمه ولا حكومات محلية تضعفه بل دجلة واحدة يلحقها فرات واحد تضع في رحمها شط عرب واحد ولَم أنسى ان العلم غاص في البحار ودرس أعماقها وطبقاتها وصعدالى السماء في سلمهاو انتقل الى الكواكب في مدارجها وعرف وفطن أغوارها وسهولها ولم اكن عابثابمواد القانون ولم أضع للإنسان الضعيف سلاسل وأغلال وارى الحق يزهق والعدالةتهان ولم اود ان أكون مسؤولا اخاف عدوى المرض وعدوى الفقر واعلم ان هناك رجل بتراء وعين عمياءولم ارغب ان أكون في وزارة تؤدي الى شح الأرض بنباتها تقول ان أكلة اللحوم يخادعون أنفسهم فهم كفرة ملحدون وأصبح واحدًا منهم ينادي دعوالنوق في مراحها والشاء في دروبها واعلم علم اليقين ان أكلة السحت والميتة والدم ولحم الخنزير لازالوا رافعي روؤسهم ولم ارغب ان اعطي لمن يشاء وامنع عن من يشاءحيث في وقتها سمي الشح اقتصادًا والكرم إسرافًا . 

لم اكن اعرف النفاق وأخوه والمجادلة وأبوها وامها وأخوها حيث ارى القوم صورا فيها انهارا من العسل والماء العذب بدلًا من شطوط من الثقافة والوقود ولم ارغب ان اتذكر دوما ادم وحواء وافرح بهبوطها الأرض بعد ان اكلا تلك الشجرة ولم اكد اسمع في وزارة تظمأ فيه من جاورالنهر وتذبل فيه الوجوه الناظرة وتنتشر فيه الوجوه بأقنعة سوداء بل احب بدرشاكر السياب وقصيدته مطر مطر اما حاليا فلا أستطيع ان أكون تابعًا لهذا ولم ارغب ان أكون وزيرًا وكأني جواد امرئ القيس مكر مفر مقبل مدبر معًا بعد ان ادركت ان الجهل غشاء سميك العقل وان الذكاء غير العقل ولن ارغب ان أكون في وزارة يقودها أعاجم في الثقافة تتوجه الى للتفكير فتفتته في عمليات تجريف غائرة لكل مفردات الثقافة الوطنية بعد ان برز مثقف السلطةالذي يبرر افعالها . 

استطاع الحكم بعد ذلك بضعفه ان يتخذ من اعناق الناس سلما ليصعد على عرش لا عرش فيه واميرا لا امارة فيه وسلطانا بلا حريم وتحول الوزير المختص النوعي الى ان لا يميز بين الموروث العقيم عن التخطيط والتجديد ولم ارغب  او ان أكون في وزارة شح القوت فيهاوخربت البيوت وبلغت القلوب الحناجر من فزعها وهلعها واضطرابها ووعودًا مملوءة بالألغاز والأسرار وكيف لي ان أكون في حكم يجوع فيه من كانت ارضه جنة فالعراق الوطن  لا مثيل له فمجده اصيل وشامخ رفيع لم تتبدد كواكبه النيرة ولا قلوبه المؤنسة والماء المتدفق لا يحمل اوساخا لا يسيطر عليه ادعاء كاذب ولا انصاف خادع ونصيحتي فلا تحزن لقد اذوك ييا من احبك القلب واحتوتك العيون واحتضنتك الجفون يا من اعيش لاجله واحيا بوحدته . 

لهذه الاسباب فسعادتي عظيمة جدا وانا بعيد عن السياسة والحكم وعلى  ابواب الثمانين فلا رغبة لي بمنصب وحكم وما اناألا انعكاس لما كان ولا خائف مما يكون فليأت الموت الي في الساعة التي يريد فقد قمت بواجبي وحسبي ذلك وكفى والحمد لله على شعور نفسي وخفوق قلبي و خفقة السرور.

image image image

آراء من نفس الكاتب


المزيد
image
الرئيسية من نحن الخدمات ارشیف الموسوعة

تنزيل التطبيق

image image

تابعونا على

الأشتراك في القائمة البريدية

Copyright © 2018 Mawazin News Developed by Avesta Group

image

اللائحة

الأقسام