آراء


كامل الصافي

ماذا يعني نصب الحرية

15/04/2019

كثيرة هي الاسئلة التي تنتابنا أمام الكثير من الاعمال الفنية الجميلة والتي نعجز أحياناً كثيرة عن أيجاد مفسر لها  وفهمها  فنصب الحرية ذلك النصب الذي يمثل بصمة العراق وسجل لتاريخه العريق يحمل رموز كثيرة  فينتابك شعور كعراقي كأنك تقف في مســرح تأريخ العراق  أوأمام عرض لفلم تأريخي ترى فيه أحداث وتأريخ العراق وأنت بقلب العاصمة بغداد، والموقع هو وسط أشهر ميادينها “ساحة التحرير” في الباب الشرقي  الموقع الذي يربط أهم شارعين في تأريخ بغداد هما؛ شارع الجمهورية وشارع السعدون وهو أيضا مواجه لجسر التحرير، ذلك الجسر الذي ينقل البغداديين من الكرخ إلى الرصافة وبالعكس.
ذلك النصب الذي صاغه الفنان جواد سليم بالاشتراك مع المعماري رفعت الجادرجي عن طريق الرموز الموجودة في النصب  والذي أراد من خلاله سرد أحداث رافقت تاريخ العراق الذي مزج من خلاله بين القديم والحداثة إضافة إلى رواية أحداث ثورة تموز 1958 ودورها وأثرها على الشعب العراقي وكثير من الموضوعات التي استلهمها من قلب العراق،  يتكون النصب من 14 وحده برونزيه يرمز عددها الى تاريخ الثوره في 14 تموزوالاحداث في هذا النصب تبدأ من اليمين الى اليسار بالتتابع  كما في اللغة العربية أضافةً الى ما تخلله من النقوش البابلية والآشورية والسومرية القديمة وقد تم ترتيب الرموز البرونزية على النحو التالي (الحصان, رواد الثورات, الطفل, الباكية ,الشهيد, ام وطفلها, المفكر السجين, الجندي, الحريه, السلام, دجله و الفرات, الزراعه,الثور, الصناعة) تم انجازه عام 1961 يبلغ عرض النصب خمسين مترا وارتفاع اللافتة عشر امتار وارتفاعها عن مستوى الارض ست امتار وتملئ هذه اللافتة الساحة بعرضها كلها ولايحتوي النصب على اتجاهات سياسية معينة  بل هو سرد لأحداث تأريخ العراق.
فلنبدأ بتفسير تلك الرموز التي قد يعجز الكثير عن المعرفة التامة بها والذين لم يجدوا مفسراً لها فنبدأ برمز (الحصان) وهو رمز عربي يرمز للاصالة والشجاعة والقوه حيث يبدو الحصان هنا مفعم بالحيوية يرقد على قائمته الخلفيتين بعد ان القى براكبه, وحول الحصان يوجد ثمة رجال يبدو عليهما التوتر الشديد يرمز الى الجماهير الكادحه. ورواد الثورات  ورمز الطفل الذي يمثل بداية الطريق والمستقبل وللاجيال القادمة  ورمز المرأة مشحونة بالانفعال والتوتر والغضب والحزن (الباكية) ورمز منظر (الشهيد) وهو محمول من قبل الجماهير وبعد ذلك يظهر لنا منظر (الام ) التي تحتضن ابنها الشهيد وتبكي عليه والشهادة هي من الامور الكثيرة الورود بأحداث تاريخ العراق القديمة وليومنا هذا ورمز (الام وطفلها) والتي ترمز للأمومة العراقية وللحب والحنان للحياة الجديدة  متمثلة بالطفل بعد ذلك نصل الى الجزء الاوسط وهو الجزء الاهم في النصب حيث يشير الى نقطة التحول في تأريخ العراق و تمثال السجين السياسي (المفكر السجين) حيث تبدو الزنزانة في هذا المشهد على وشك الانهيار تحت تأثير رجل مزقت ظهره السياط ولكن القضبان لا تنفصل في النهاية الا باصرار وقوه وجهد (الجندي) الرمز الذي يظهر في الوسط وذلك اعترافا بأهمية دور الجيش في ثوره (1958) بعدها يطل علينا رمز(الحرية) هو الحرية والسلام والازدهار حيث تظهر لنا امراه تمسك مشعلا وهو رمز الحرية الاغريقي وتندفع نحو محررها بعد الانفعال ياتي الهدوء وتحل الراحة والسكينة في القلوب وتتحول القضبان الحديدية الى اغصان (السلام) ورمزنهري (دجله والفرات) اللذان يعتبران العمود الفقري لحضارة وادي الرافدين لم يغيبا عن النصب ايضا, حيث يفسر البعض ان (دجلة الذي يعني في اللغة العربية اشجار النخيل والفرات بمعنى الخصب) تمثلهما امراتان احداهما تحمل سعف النخيل و الاخرى حبلى ثم رمز الفلاحان والذان يرمزان الى العرب والاكراد احدهما في زي سومري والثاني برداء اشوري وهما يتطلعان نحو رفيقهما دجلة والفرات ويحملان مسحاة واحد فيما بينهما تعبيرا عن وحده البلد الذي يعيشان في كفنه وكذلك هنالك رمز عراقي اخر وهو الثور الذي يعد رمز سومر بينما يظهر الجانب الصناعي في اقصى اليسار أخر النصب على هيئه عامل مفعم بالثقه في اشاره الى الصناعة.
 ذلك هو نصب الحرية الذي سيظل سجل حافل لتاريخ العراق وللأجيال القادمة ومعلم من معالم عاصمة العراق بغداد الجميلة.

image image image

آراء من نفس الكاتب


المزيد
image
الرئيسية من نحن الخدمات ارشیف الموسوعة

تنزيل التطبيق

image image

تابعونا على

الأشتراك في القائمة البريدية

Copyright © 2018 Mawazin News Developed by Avesta Group

image

اللائحة

الأقسام