آراء


هادي جلو مرعي

ظريف الذي خسره الإيرانيون

26/02/2019

المفكر السوداني حسن الترابي كان يردف عباراته بابتسامة هي أقرب الى الضحك، لكن وزير الخارجية الإيراني المستقيل عبر مواقع التواصل الاجتماعي محمد جواد ظريف كان يبتسم بطريقة لا تحدث صوتا، وإذا كان معروفا بدبلوماسية الابتسامات، فإنه كان جديرا باستقطاب الأوربيين، وخاصة سفيرة الإتحاد فردريكا موغريني شبيهة لاعبة التنس شتيفي غراف الألمانية التي أحببتها ثمانينيات القرن الماضي والتي حسمت وإياه مفاوضات الملف النووي لجهة الاتفاق.
عبر الأمريكيون عن سعادتهم باستقالة ظريف، وشاركهم الإسرائيليون في ذلك، وواضح تماما إن الأمر مرتبط برؤية خاصة للوضع في المنطقة الذي ترى واشنطن إن مضيه في الاتجاه الذي تريد وشريكتها تل ابيب لا يمكن أن يتحقق مالم يتصدع النظام من الداخل، فظريف ليس إصلاحيا على طريقة كروبي ومير موسوي، ولكنه ليس ثوريا كما ترغب منظومة الحرس الثوري والقوى التي لا تبالي بإحداث صدام مع إدارة البيت الأبيض، غير إن مرد السعادة المشتركة يعود الى قناعة إسرا_أمريكية بأن ظريف شخصية معتدلة ومحبوبة لدى الأوربيين الذين تعاملوا معه مطولا، وتفاهموا على نقاط عدة معه، وكان يمثل حبة البراسيتول المخففة لصداع العلاقات بين طهران والغرب، مايعني أن تلك العلافات لن تكون على مايرام، وربما سيتم اختيار بديل متشدد من التيار الأكثر رغبة في المواجهة، وغير المستعد لتقديم تنازلات، مايعزز فرص تحول الأوربيين عن موقفهم المعتدل، والمدافع عن الاتفاق النووي، الى الجانب الأمريكي، الأمر الذي يجعل إيران في مواجهة تحديات مضاعفة، وربما تكون القرارات الأوربية في الفترة المقبلة متوافقة مع الموقف الأمريكي الإسرائيلي المتمثل بفرض المزيد من العقوبات الاقتصادية، وحتى شن حرب لو تطلب الأمر.
ظريف مثل مرحلة تاريخية مهمة عاشتها الدبلوماسية الإيرانية الذكية، وسيسجل له التاريخ نجاحه في تغيير مسارات كانت حاسمة في العلاقات الدولية، وسواء نجحت إيران في مواجهة التحديات، أو فشلت فإن ظريف سيكون حاضرا في الذاكرة كواحد من أنجح وزراء الخارجية في التاريخ الإيراني.

image image image

آراء من نفس الكاتب


المزيد
image
الرئيسية من نحن الخدمات ارشیف الموسوعة

تنزيل التطبيق

image image

تابعونا على

الأشتراك في القائمة البريدية

Copyright © 2018 Mawazin News Developed by Avesta Group

image

اللائحة

الأقسام