عبد الحميد الصائح
29/12/2018
كانت البهجة تسبقه وهو يُطل علينا من موعدٍ مهم جداً ، لقد أبْلغتْه بلديةُ العاصمة البريطانية خبراً سعيداً فوق العادة ، إنّه صديقي قداسة المطران اثناسيوس توما داوود رئيس الطائفة السوريانية في بريطانيا، الأبُ الذي أعشق الاستماع له والحديث معه عن الدين والدنيا بحرية تامة . منذ اكثر من عام والمطران داوود في ازمة من اجل شراء كنيسة في منطقة (Acton) شمال غرب لندن كي يتمكن من تجديدها وتحويلها الى مركز عبادة للجالية السوريانية في بريطانيا ، وبفضل الله وبركات سيدنا المسيح آلت الكنيسة القديمة الى سيدنا توما والجالية التي وراءه ليبدأ العمل ببنائها بعد استحصال إجازات البناء والاجراءت اللازمة ، باستثناء إجازة واحدة رفضت بلدية لندن باديء الامر منحها اياه ،ومع الالحاح اخضعتها للدراسة ، حتى اتخذت قرارها الذي اعتبره أبونا الرحمةَ كاملة ًبعينها. لقد وافقت البلدية أخيرا على طلبه بأن يدفن داخل الكنيسة نفسها ، وليس في المقابر الخارجية . وهذه الموافقة الثمينة ليست بسيطة في بريطانيا ، لكنها بالنسبة للاب توما تعني الحياة الابدية . حتى الآن الخبر اعتيادي في سياق الإيمان باليوم الآخر ، وعمل الخير خوفا من نار الله أو طَمَعا في جنته ، وكثير من الروايات والحكم والنصوص المختلف حول كونها حقيقة أو افتراضا ، لكنّ مستوى الفرح الذي اشتعل في صدر ومحيّا المطران يجعله محط حسدي له فعلا .. حسدي..وانا العبد الفقير البسيط الذي لم أحسدْ شخصا في حياتي لشعوري بانّ أيّ كائنٍ مصيره الزوال في النهاية، لايصح معه الحسد مهما تمتع به من جاه او مال أو امتياز أو نفوذ. فرحُ الأب توما يعني بالضبط اليقين التام ، اليقين غير المتردد بانه سيدخل القبر معززا مكرما معطراً بابهى ملابسه وصولجانه ، يودّعه أحباؤه وهو يصغي الى ادعيتهم ، ويستقبله الملائكة الذين طالما حدّث الناسَ عنهم ، والقديسون الذين خدمهم و نقل الى البشر تعاليمهم ، دافئا آمنا داخل الكنيسة التي بناها بنفسه ، وخارطة القبر التي صممها بيده وأشرف على تنفيذها. فَرَحُ من ينتظر المكافأة على صبره، وحرمان جسده من الشهوات، ونفسِه من المُتعِ واللذائذ ، شعور تام ينعدم معه الهلع من فكرة الموت والفناء ، يقين لايحسد إبنُ آدم على شيء الاّه ، ولايبارَك الا ّ عليه ،طاقةٌ فريدةٌ من الاطمئنان والسكينة ، لاتستطيع ان تقلدَها او تتدربَ عليها، طالما كنتَ أسيراً للشك بما يقال والتردد في اتخاذ القرار . فالايمان رحمة ،الايمان أهم من الوعي والمال والثقافة والعلم بل أهم من الصحة وأهم من الحرية .. لانّ بالايمان واليقين تصغر في عينك عظائم الدنيا ، وتتغير تعاريف المرض والحاجة والموت والأسف واليأس ، لكن المعضلة الكبرى : كيف يتحقق في روحك ذلك اليقين النهائي الفذ .. ذلك هو السؤال؟ أحييك أخي نيافة المطران ، وأهنئك على قرار بلدية لندن بدفنك بعد موتك داخل الكنيسة، ومباركٌ لك يقينُك.
31/1/2022
هجوم ذكرياتي
26/12/2021
أعوام العراق الطويلة
10/1/2021
كلمة المستقل.. ترامب منقوص السيادة
28/7/2020
الانتخابات السابعة
25/7/2020
شكراً للخاطفين
13/7/2020
الحلبوسي ،، و الفرصةُ العليا لمكافحة الفساد
تنزيل التطبيق
تابعونا على
الأشتراك في القائمة البريدية
Copyright © 2018 Mawazin News Developed by Avesta Group