آراء


محمد عبدالجبار الشبوط

الحكومة المستضعفة

03/12/2018

وعدتنا القوائم الانتخابية، قبل ان تصبح كتلا برلمانية، بشتى انواع الحكومات: حكومة الاغلبية السياسية، حكومة الاغلبية الوطنية، حكومة الفضاء الوطني، الحكومة الابوية، واسماء اخرى ما انزل الدستور بها من سلطان.  شخصيا لم اصدق ايا من هذه الوعود، ونشرت عمودا في هذه الجريدة عنوانه:"حكومة توافقية جديدة: اعادة انتاج العوق". والمكتوب يقرأ من عنوانه!
كنت وما زلت ارغب بحكومة اغلبية سياسية تقابلها معارضة سياسية قوية، لا يماني بان الحكم الديمقراطي يقوم على دعامتين: الحكومة والمعارضة.
المهم بعد اعلان نتائج الانتخابات، انطلق السباق نحو تشكيل حكومةٍ لم يرد اسمها في قائمة الحكومات الموعودة اثناء الانتخابات، الاسم الجديد هو: "الحكومة المستضعفة"، لا اقول الضعيفة، لاني اعرف الفرق بين الكلمتين. الحكومة الضعيفة تستمد ضعفها من ذاتها، فالضعف ذاتي، والحكومة المستضعفة مفروض عليها الضعف من خارجها، والخارج المرئي في حالتنا هو الكتل التي شكلت الحكومة. فهذه الكتل استضعفت الحكومة منذ الليلة الاولى، وما زال الاستضعاف ماثلا للعيان. واقول للعيان، لاني انقل ما اراه بالعين المجردة، ولا اعلم بما يجري وراء الكواليس، وقد اكون على خطأ فيما اراه. لكن نفسي لا تشك في ان ما تراه عيني هو حكومة مستضعفة، واية ذلك انها لم تستطع ان تستكمل تشكيل نفسها رغم مرور وقت طويل على ولادتها الخديجة، اي الناقصة.
كمواطن، كنت اريد حكومة اغلبية سياسية قوية وفاعلة قادرة على تنفيذ مهامها الدستورية بما في ذلك الارتقاء بمستوى ونوعية حياة الناس، وتحسين الخدمات، ومحاربة الفساد، والحفاظ على المال العام.
ولكني الان اجد حكومة ائتلافية، لكن هلامية، لا تستطيع ان ترفع عينيها بوجه الكتل البرلمانية التي اتت بها، ولا يستطيع رئيسها ملء الفراغات في حقائبها الوزارية رغم ان بحوزته قائمة من اسماء الاشخاص الذين رشحوا انفسهم بناء على طلبه عن طريق النافذة الالكترونية.
هذا وضع لا يجوز ان يستمر. رغم ان الكتل المتسلطة تستغل غيبة وعي المواطن وسلبيته، وقعوده عن المطالبة بحكومة حرة. هذا اسم جديد من اختراعي. لان الحكومة المستضعفة حكومة غير حرة. والحكومة غير الحرة غير قادرة على التصرف والعمل والانجاز.
يمكن تشكيل الحكومة الحرة اذا رفعت الكتل المتسلطة يدها، وعادت الى البرلمان لتمارس دورها الدستوري: المراقبة والتشريع والمصادقة على التعيينات التي حددها الدستور.
واذا تغاضينا عن الاسلوب غير الدستوري الذي تم فيه تشكيل الجزء الراهن من الحكومة، فان الشعب قد يقبل بان يكتفي بمصادقة البرلمان على تعيين الوزراء الباقين.
قد لا تقبل الكتل المتسلطة بخيار الحكومة الحرة، وتصر على نهجها الحالي، وفي هذه الحالة سيكون من حق الشعب ان يعلن انه تم الالتفاف على التوقيت الحكومي بوجوب تشكيل الحكومة خلال ٣٠ يوما من تاريخ التكليف الاول، والحقيقة ان الحكومة لم تكتمل وجرى ترقيعها حتى لا يبدو وكأنه حصل خرق للدستور.في هذه الحالة يجب على رئيس الوزراء المكلف ان يعلن انه فشل في تشكيل الحكومة، فيقوم رئيس الجمهورية بتكليف اي شخص اخر بتشكيل الحكومة.
قد لا ترضى الكتل المتسلطة بهذا الخيار، وعليه لا يبقى امامها سوى خيار اخير، وهو ان تنفرد كتلة ما بتشكيل حكومة اقلية، لعدم وجود كتلة اغلبية حاليا، وتواجه حظها او مصيرها في برلمان مشتت. 
غني عن القول ان الذي اوصلنا الى هذا الحال المزري هو قانون الاحزاب وقانون الانتخابات غير الصالحين واللذين اديا الى تشظي المجتمع السياسي وضياعه في الكلمات المتقاطعة لهذا الكم الهائل من الاحزاب المجهرية والموسمية.

image image image

آراء من نفس الكاتب


المزيد
image
الرئيسية من نحن الخدمات ارشیف الموسوعة

تنزيل التطبيق

image image

تابعونا على

الأشتراك في القائمة البريدية

Copyright © 2018 Mawazin News Developed by Avesta Group

image

اللائحة

الأقسام