آراء


محمد حنون كريم

عندما تتحول الخلافات إلى مأزق سياسي دائم

05/05/2025

موازين نيوز - بغداد
مع اقتراب موعد الانتخابات العامة، يبدو أن المشهد السياسي العراقي يسير نحو مزيد من التوتر والتعقيد، لا الانفراج. فما يجري بين الكتل لا يمكن وصفه بـ”خلافات انتخابية طبيعية”، بل هو صراع مصالح وهيمنة على مستقبل القرار، يجري على حساب الناخب، والعملية الديمقراطية برمتها.

فبدلاً من تقديم برامج انتخابية واضحة، تنشغل الكتل السياسية اليوم بتبادل الاتهامات، والتشكيك المتبادل بشرعية قواعد اللعبة. البعض يشكك بنزاهة المفوضية، وآخرون يطالبون بتعديلات اللحظة الأخيرة على قانون الانتخابات. تحالفات تنهار، وكتل تنقسم على نفسها، وأسماء تُرفع وتُسقط وفقاً للتمويل، لا للقناعة الشعبية.

هذه الخلافات لا تنبع من التنافس على خدمة المواطن، بل من التزاحم على المناصب والنفوذ. والكارثة أن هذا التناحر لم يقتصر على الأروقة السياسية، بل انسحب إلى الشارع، حيث بدأ الخطاب السياسي يأخذ طابعاً أكثر حدّة وطائفية، ما يُنذر بعودة أجواء الاستقطاب والانقسام المجتمعي.

الحديث المتكرر عن “مقاطعة الانتخابات” من قبل بعض الأطراف، سواء بحجة فقدان الثقة أو “البيئة غير المناسبة”، يكشف عن خلل عميق: الكتل تريد انتخابات تُصمم على مقاسها، لا انتخابات حرة نزيهة تعكس إرادة الناخب.

وسط هذا المشهد، يغيب الحديث الحقيقي عن الإصلاح، ومحاربة الفساد، واحتياجات الناس اليومية. المواطن العراقي أصبح يدرك أن هذه الانتخابات، كما سابقتها، قد لا تغيّر شيئاً إن لم يتغيّر سلوك القوى السياسية نفسها.

إن الخلافات ليست مشكلة بحد ذاتها؛ بل هي ظاهرة صحية في أي نظام ديمقراطي. ولكن حين تصبح وسيلة للتعطيل والتشكيك وتفريغ الانتخابات من مضمونها، فإنها تتحول إلى خطر حقيقي على الاستقرار والمستقبل.

ما يحتاجه العراق اليوم ليس مجرد انتخابات، بل مصالحة سياسية حقيقية، وقواعد لعبة واضحة، واحترام متبادل بين القوى المتنافسة. وإلا، فإننا ذاهبون نحو انتخابات شكلية، ونتائج مأزومة، ومواطن غاضب لا يرى في صندوق الاقتراع سوى صندوق عبثي جديد


image image image

آراء من نفس الكاتب


المزيد
image
الرئيسية من نحن الخدمات ارشیف الموسوعة

تنزيل التطبيق

image image

تابعونا على

الأشتراك في القائمة البريدية

Copyright © 2018 Mawazin News Developed by Avesta Group

image

اللائحة

الأقسام