آراء


حمزة مصطفى

من سرق القرن؟

24/10/2022

الديمقراطية حلوة, كل شيء فيها مكشوف وشفاف ومتاح بمن في ذلك السرقات. لا يهم شكل السرقة أو مستواها. لا يوجد فرق على صعيد المال العام بين الدينار والمليار. كما لا يوجد فرق بين من يسرق "باكيت كلينكس" أو بين من يسرق القرن بكامله بدءاً من هيئة الضرائب إلى الكمارك مروراً بالبنك المركزي عبر مصرف الرافدين وبينهما اللجنة المالية في البرلمان ووزارة المالية في الحكومة. لا يهم مقدار المال المسرق, الف دينار سعر باكيت الكلينكس أو ملياران  ونصف المليار دولار وبحسابات عملتنا المحلية (3 ترليون دينار عراقي) سعر سرقة القرن. القانون واحد في كلتا الحالتين والسرقتين ومعهما كمية المال المسروق. الأهم هو تطبيق العدالة في النهاية. القاضي لا يحكم الإ على وفق أدلة جرمية ومستمسكات أصولية. المادة القانونية رقم كذا من قانون العقوبات العراقي المعدل أو "اللي بعده ما معدل" رقم كيت تحكم بكذا سنة سجن أو كذا مبلغ غرامة وأبو "الباكنة" الله يرحمه. سارق الكلينكس لا يحتاج الى تواطؤ أو شبكة علاقات عنكبوتية ودفع كوميشنات وستمائة وستين كتابنا وكتابكم ومقترحنا ومقترحكم. الحاجة الماسة تدفعه الى سرقة الباكيت لكي يبيعه حتى يشتري "صمون عشرة بالف" دون ان يدور بخلده يوما أن القانون لايحمي المغفلين من أمثاله فقط.

سارق القرن يعرف كيف يغافل ويستغفل ويتغافل القانون وكل قضاة محكمة العدل الدولية. ملياران ونصف المليار دولار لاتسرق الإ طبقا للقانون الغافل المغفل والمتغافل و"ياغافلين الكم الله". كل شيء يجري وفق الأصول واللوائح والإجراءات والكتب والمناقلات والآراء والمقترحات بين عدة جهات. هذه هي الديمقراطية, ما أحلاها. القانون فيها لايحمي نفسه  لكنه يحمي مستغفليه. المهم هو البحث عن الأدلة الدامغة لمحاسبة الفاسدين ممن تخطوا عتبة الحيتان الى الدلافين. ولأن أهم عوامل الدفع الديمقراطي هو الإعلام الذي يحول القضايا الخطيرة الى قضايا رأي عام فإن النظم الديمقراطية التي لاتريد لهذا السبب أو ذاك لمؤسساتها أن تنضج لكي تحمي الديمقراطية يتحول الإعلام فيها الى "لغو عام, لهو عام "وليس "رأي عام" مثلما كتبت قبل أيام تغريدة على موقع "تويتر" بهذا المعنى.

في القضايا الكبرى السياسية او المجتمعية أو الاقتصادية يلعب الإعلام دورا في تحويلها الى قضايا راي عام. وبما أن الحديث يطول في حال أردنا إستحضار أمثلة فإن السؤال الذي يردده العراقيون اليوم هو .. من سرق قرننا "ليكدام"؟ من يملك الإجابة عن هذا السؤال يمكنه الإجابة عن أصل القضية كلها بمتهميها وشهودها ومدانيها. بالنسبة لي الإجابة واضحة وهي أن النظام يسرق نفسه. وطالما الأمر كذللك فإن القبض دائما وأبدا  سيكون .. من دبش.

image image image

آراء من نفس الكاتب


المزيد
image
الرئيسية من نحن الخدمات ارشیف الموسوعة

تنزيل التطبيق

image image

تابعونا على

الأشتراك في القائمة البريدية

Copyright © 2018 Mawazin News Developed by Avesta Group

image

اللائحة

الأقسام