آراء


سيف نايف

الانتخابات المبكرة.. حل الأزمة أم تعقيدها؟

06/08/2022

بعد إعلان نتائج انتخابات عام 2021 التي كانت نتائجها مدوية لبعض الأحزاب التقليدية وبروز قوى وشخصيات مستقلة وتحقيق التيار الصدري أعلى عدد من المقاعد، لم يكن أمام زعيم التيار السيد مقتدى الصدر سوى أن يعلن عن برنامجه الإصلاحي والمطالبة بالأغلبية الوطنية إلا إنه بعد عدم تحقيق هذا البرنامج، بدأ بعض الباحثين والمهتمين في الشأن السياسي المحلي في الدعوات إلى حل البرلمان والذهاب نحو انتخابات مبكرة لتكون الفيصل بين الأطراف المتنازعة لخدمة البلد علنياً وتحقيق مصالحها خفيةً.

فبعد زيادة حدة التوتر بين جانبي البيت الشيعي دعا السيد الصدر إلى استقالة نوابه مما سهل ذلك إلى الطرف المقابل المتمثل بالإطار التنسيقي من تسمية مرشحهم لتشكيل الحكومة لكن هذا لا يعني بسهولة تحقيق مرادهم فبوجود القوة الجماهيرية الصدرية التي خلال ساعات تمكنت من تعطيل عمل مجلس النواب بدخولها البرلمان والاعتصام فيه، وكانت هذه الخطوة كبيرة في نظر الصدريين أنفسهم أو حتى من المعارضين لهذا النظام فجاءت المطالبات إلى السعي وراء زعيم التيار الصدري لتغير النظام الدستور وهذا ماكده شخصياً في تغريدته على توتير في يوم 31/7.

وبعد ثلاثة أيام قام السيد الصدر بإطلاق مبادرة لحل الأزمة تكمن في حل البرلمان الحالي وإجراء انتخابات مبكرة مما أدى ذلك إلى تباين في رؤى القوى السياسية بين مرحب ورافض، كان أول المرحبين هو رئيس الوزراء الأسبق والحليف السابق للصدر الدكتور حيدر العبادي في محاولة لزيادة أسهمه في الحصول على منصب رئيس الوزراء مرة أخرى، فضلاً عن ترحيب زعيم تحالف الفتح هادي العامري بدعوة الصدر للانتخابات المبكرة شرطية حواراً وطنياً شاملاً من أجل تحديد موعد وآليات ومتطلبات إجرائها، لكن يرى زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي بأن حل الازمة يجب أن يكون وفق الاليات الدستورية.

كما أكد الإطار التنسيقي دعمه لأي مسار دستوري لمعالجة الأزمات السياسية في العراق وتحقيق مصالح الشعب بما ذلك الانتخابات المبكرة لكن وضع عدة شروط أولها عدم الإبقاء على حكومة الكاظمي فضلاً عن تحقيق الإجماع الوطني بشأنها وتوفير الأجواء الآمنة لإجرائها، على أن يسبق ذلك العمل على احترام المؤسسات الدستورية وعدم تعطيل عملها، لكن الانتخابات المبكرة قد تكون سبباً في تفاقم الازمة ولن تكون حلاً لحالة الانسداد وذلك لعدة تداعيات.

وإن من اول هذه التداعيات هو السخط الشعبي من المنظومة السياسية ورفضه لهم وهذا ما أكده المجتمع العراقي بعد انتخابات عام 2021 والنسبة المتدنية للمشاركة يعتبر ذلك دليلاً على ايمان الفرد العراقي بعدم إمكانية احداث التغيير في بالطرق الدستورية والقانونية التي تتم عن طريق الانتخابات.

اما ثاني التداعيات التي قد تكون سبباً في تفاقم الازمة وهو كيفية أن تكون الآليات التي باتت بحاجة للتعديل كي لا تكون أي انتخابات قادمة تشبه السابقة ومجرد إعادة إنتاج لأزمة الانسداد السياسي التي يعيشها البلد قرابة العام، لذلك يواجه المطالبون الان بانتخابات مبكرة مشكلة تكمن في الخوض بالتفصيلات والتخريجات القانونية والآليات الدستورية التي تضمن تحقيقها، فضلا عن التخصيصات المالية الباهظة ولا ننسى صعوبة إقناع المجتمع العراقي والمجتمع الدولي بجدية وسلامة الانتخابات المبكرة، الثانية إذا ما تم الاتفاق على تنظيمها، وضمان مراعاة وتوفير الأطر الدستورية السليمة ومعايير الديمقراطية النزيهة، سيما بعد أن خدشت من قبل وتم النيل منها ومن نتائجها من قبل بعض القوى السياسية التقليدية رغم بأيماني التام بنزاهتها.

وهناك سبب ثالث قد يؤدي الى زيادة حدة التوتر وهو المتمثل بإلزام المحكمة الاتحادية العليا البرلمان بتعديل قانون الانتخابات واعتماد العد والفرز اليدوي بدلاً من الالكتروني، وسيكون هذا التعديل للقانون منسجم وفق تحقيق مصلحة الكتل المصوتة لتعديل وليس المستقيلة ففي حالة عدم تحقيق التيار الصدري المقاعد المراد تحقيقها ستكون بداية لأزمة في التشكيك في القانون الانتخابي.

اما المشكلة الأكبر التي تواجه النظام السياسي فهو دستورية إبقاء حكومة تصريف الاعمال برئاسة مصطفى الكاظمي والذهاب نحو حل البرلمان، فهناك جانبين، الأول يتمثل بالتيار الصدري المقتنع تماماً ببقاء الكاظمي والدليل على ذلك عدم رفضه من قبل زعيم التيار او احدة قياداته، اما الجانب الثاني فيتمثل بالإطار التنسيقي الذي يرفض بقاء الكاظمي كرئيس للوزراء وقيامه بإدارة الملف الانتخابي مرة أخرى ويرى بضرورة المضي بتكليف محمد شياع السوداني رئيساً لفترة انتقالية لحين اجراء الانتخابات المبكرة، رغم إن ملف إدارة الانتخابات من الكاظمي يكمن القول بإنه الملف الناجح الوحيد داخلياً له.

لذلك يرى بعض المراقبين بأن القوى السياسية عليها إبقاء الحكومة الحالية والعمل من خلال مجلس النواب على الاعداد لتغيير بعض فقرات الدستور ولا سيما المتعلقة بتعريف الكتلة الأكبر بحيث نتخلص من اللبس واللغط في مثل هذه المواد التي تحال للمحكمة الاتحادية للبت فيها ما يتسبب بعدة خلافات طويلة الامد، ومن ثم إقرار قانون جديد للانتخابات، وحينها يمكن الذهاب لانتخابات بمعنى أن نضع العربة خلف الحصان وليس العكس، وذلك عبر تذليل الخلاف حول تفسيرات الدستور المتضاربة والتي قادت لهذا الانسداد السياسي المزمن.

بما أن المعروف بأن الانتخابات هي الخيار الأمثل للصراع السلمي بين القوى لتحقيق أهدافها السياسية وإن إجراء أي انتخابات هو السبيل الآمن والضامن للمجتمعات التي تريد السلم والأمان، يمكن حل البرلمان والذهاب نحو انتخابات مبكرة بالطرق القانونية من خلال حل مجلس نواب لنفسه بصورة مبكرة، وهذا ما أكدته المادة 64 اولاً من الدستور العراقي التي تنص بأن (يحل مجلس النواب بالأغلبية المطلقة لعدد اعضائه، بناءً على طلب من ثلث اعضائه، أو طلب من رئيس مجلس الوزراء وبموافقة رئيس الجمهورية، ولا يجوز حل المجلس في اثناء مدة استجواب رئيس مجلس الوزراء). 

كما يتم تحديد موعد انتخابات مبكرة والتي يجب إلزاماً إلا تزيد على 60 يوماً ولا يوجد مانع دستوري من إن تجرى الانتخابات بعد يوم واحد من نفاذية حل مجلس النواب لنفسه، وهذا ما تؤكده المادة 64 ثانياً والتي تنص بأن (يدعو رئيس الجمهورية، عند حل مجلس النواب، إلى انتخاباتٍ عامة في البلاد خلال مدةٍ أقصاها 60 يوماً من تاريخ الحل، ويعد مجلس الوزراء في هذه الحالة مستقيلاً، ويواصل تصريف الأمور اليومية).

لذلك يتوجب على القوى السياسية الى اللجوء الى الحوار وإلزام مجلس النواب الحالي بالمضي بانتخاب رئيس للجمهورية ليكلف رئيس الوزراء تكون مهمته قيادة المرحلة الانتقالية ويكون واجبها هذه الحكومة اجراء انتخابات مبكرة وتعديل قانون الانتخابات وفقاً لقرار المحكمة الاتحادية وأن يحدد بعدها مجلس النواب تاريخاً محدداً لحل نفسه لأجراء الانتخابات المبكرة لان النص الدستوري والقانوني يتكلم عن رئيس جمهورية ورئيس وزراء كامل الصلاحيات وليس كحكومة تصريف اعمال كي تجري الانتخابات النيابية بالطرق الدستورية.

image image image

آراء من نفس الكاتب


المزيد
image
الرئيسية من نحن الخدمات ارشیف الموسوعة

تنزيل التطبيق

image image

تابعونا على

الأشتراك في القائمة البريدية

Copyright © 2018 Mawazin News Developed by Avesta Group

image

اللائحة

الأقسام