آراء


سالم مشكور

مكافحة الفساد أولاً

07/09/2021

لا يُمكن أن نرى نهضة اقتصادية وخدمات تليق بالمواطن من دون أن نغيّر منظومة تفكيرنا من عقلية القطاع العام الحكومي الى القطاع الخاص، فلا يمكن الحديث عن ديمقراطية من دون اقتصاد حر وقطاع خاص فاعل. عقلية القطاع العام تنفع للأنظمة الشمولية، ومن سلبياتها انها تنظر الى القطاع الخاص بعين التشكيك والتخوين، فضلا عن دخول عنصر الحسد في مواقف بعض المحاربين لهذا القطاع.
في ظل أنظمة ينخرها الفساد لا يمكن لقطاع حكومي تقديم خدمة أو انتاج سلعة بسعر ينافس الأجنبي منها. الفساد عندنا لا يشمل فئة دون أخرى أو طبقة محددة انما هو شامل وعام كنتيجة طبيعية لتراجع منظومة الاخلاق والقيم والضمير بفعل الظروف السياسية والاقتصادية والإنسانية القاسية التي مرّ بها العراق على مدى عقود. وفي ظل هكذا وضع لا يمكن الاعتماد سوى على القطاع الخاص، وهو ما يرفع عن كاهل الحكومة انفاقاً كبيراً قد لا يكون متوفراً أصلاً.
كثير من الدول بنت اقتصادها من خلال تنفيذ مشاريع على شركات عالمية بالطريقة المعروفة باسم (BOT)، وهي تقوم على تحمل الشركة البانية لنفقات البناء ثم تقوم بتشغيل المشروع وتقاضي أجور ما تقدمه من خدمة لمدة يحددها العقد وتكون كافية لاسترداد الشركات لما أنفقته مضافا اليه أرباحها، ثم تقوم بصيانة مرافق المشروع ونقل ملكيته الى الحكومة أو قد تجدد العقد معها على استمرار إدارة المشروع لسنوات أخر. خلال سنوات التشغيل تقوم الشركة بدفع قسم من أرباحها كأجور وضرائب، الى الحكومة. وبهذه الطريقة يمكن بناء منشآت البنى التحتية من طرق وجسور ومحطات كهرباء ومياه وغيرها من دون أن تتكلف خزينة البلاد ديناراً واحداً.
نجاح القطاع الخاص ومنه مشاريع الـ(BOT)  يعتمد على مدى الرقابة الحكومية على دقة التنفيذ ومستوى الأسعار والالتزام بالضوابط، وجودة الخدمات المقدمة للجمهور. فمن الخطأ التصور أن القطاع الخاص يعمل من دون ضوابط ومعايير ورقابة حكومية. وإذا غابت هذه الرقابة أو تراخت، فسيصيب مؤسسات القطاع الخاص ما أصاب نظيرتها في القطاع العام من فساد يتمثل من التملّص من التزاماتها المالية أمام الحكومة، وجودة الخدمة المقدمة للجمهور فيتساوى هنا القطاع العام مع الخاص.
إذن فبوجود الفساد لا يمكن خلق قطاع خاص ينهض بالاقتصاد، وكذلك لا جدوى مما يقدمه القطاع العام، ولا بد من خطوة تسبق كل شيء، وهي القضاء على الفساد وتفكيك حلقاته.



image image image

آراء من نفس الكاتب


المزيد
image
الرئيسية من نحن الخدمات ارشیف الموسوعة

تنزيل التطبيق

image image

تابعونا على

الأشتراك في القائمة البريدية

Copyright © 2018 Mawazin News Developed by Avesta Group

image

اللائحة

الأقسام