آراء


عبد الحميد الصائح

المواطن الجمالي

26/10/2018

اكثر المواقف التي يتعرض لها العراقي إحراجا، حين يلتقي أجنبيا يتحدث  له عن العراق ، تناقض عجيب ، اذا انتقد الأجنبي  شيئا اساسا أنت تنتقده  ، تاخذك الغيرة وتتذمر مما يقول .  
اذا مدح الأجنبي  وضعا انت اساسا تعترض عليه ، تتضايق، وتتهمه بالتدخل فيما لايعنيه وانه يهرف بمالايعرف، وان هؤلاء الغرباء لم يعرفوا عن قرب معاناة العراقي من حكومته، وبالتالي يذبحوننا مرتين ! .

لايعرف العراقي بالضبط كيف يتحدث مع الاجانب اليوم عن بلاده وكيف يجيب عن اسئلتهم.

يوم الخميس الماضي كنت استقل تاكسي من منطقة بعيدة خارج لندن عائدا اليها ، كان السائق هنديا ، سالني السؤال المعتاد هنا ، 
من اين انت؟ 
قلت : عراقي ، 
قال : اووو  .. رحب كثيرا وأضاف ..  كيف احوال العراق؟ 
قلت : جيدة ، 
قال:  كيف جيدة ؟ ارهاب وقتل وحرب.. 
أخذتني الغيرة ما ادري عليمن
قلت: طبيعي العالم اليوم كله مهدد بالارهاب ، فرنسا المانيا امريكا  دول محصنة ومع ذلك يصلها الارهاب 
قال : يصلها من المسلمين ،هل أنتم تعانون من المسلمين ايضا ؟! فاخذتني الغيرة على الاسلام ، 
قلت : الاسلام بريء من الارهابيين ، هؤلاء مجرمون يرتكبون جرائم تحت غطاء الدين . 
قال : لكن هناك عراقيون يصفقون لهم .. اخذتني الغيرة على العراقيين ..
قلت : هؤلاء اما خائفون او اطفال يحتفلون دون وعي ، قال : صحيح الاخبار ان الحكومة عدكم  فاسدة وتسرق الشعب ؟،اخذتني الغيرة على الحكومة ،
قلت : الفساد ظاهرة موجوده في كل العالم ،و الحكومة بكامل أعضائها  لاتسرق الشعب كما تسمع ياصديقي ، هنالك  مسؤولون فاسدون لا احد يعرف اين يذهبون بالاموال . 
قال :  هل هؤلاء من احزاب دينية ؟  اخذتني الغيرة على الاحزاب الدينية ! 
قلت :  كل انسان مسؤول عن سلوكه ؟ 
قال كيف مسؤول وهناك قضاء ؟ 
قلت : القضاء يقوم بواجبه كما يرام ، 
قال كيف؟ 
قلت : اخي ممكن نغير الموضوع ، 
فقال ، نحن نحب العراق .
قلت نحن نحب الافلام الهندية، 
قال هل عندكم افلام عراقية ، 
قلت كان عندنا سينما قبل سبعين سنة ، 
قال : والان اكيد تطورت ، 
قلت : لاتوجد. !!
وفعلا اقفلت الحديث ، اقفلته، وتأملت كيف  ان العراقي اليوم  تحول في الخارج ، الى (مواطن جمالي) يرى بلاده كما يتمناها لا كما يراها فعلا ، يحاول قدر الامكان ان يقدم صورة طيبة عن وطنه وشعبه  لايعرف قيمتها المسؤولون في الداخل  ، اليوم العراق بلا اعلام خارجي وبلا تسويق سياسي أودعائي وبلا دفاع عن التشويه الذي يطاله ، واهم من ذلك كثيرا بلا مسؤولية عن تقديم صورة من داخله الى العالم بأنه بلد السياسة والثقافة والعلم والمدنية والحضارة والقوة . وليس بلد الفوضى والدم والسلاح السائب والارهاب والفساد، العراق اليوم في الخارج مشهد صاخب  متداخلٌ حقه بباطلِه ، ولااحد يدافع عنه سوى المواطن الجمالي الذي يلعن الساعة السودة التي ولدته امه فيه ، لكنه يشتم أي شخص اجنبي ينتقده !

image image image

آراء من نفس الكاتب


المزيد
image
الرئيسية من نحن الخدمات ارشیف الموسوعة

تنزيل التطبيق

image image

تابعونا على

الأشتراك في القائمة البريدية

Copyright © 2018 Mawazin News Developed by Avesta Group

image

اللائحة

الأقسام