عاجل

آراء


علي حسن الفواز

المعرفة وطريق السياسة

12/06/2021

المعرفة لا تعني تجريدا، أو تعاليا، ولا تعني اهمال التفاصيل والوقائع واليوميات، مثلما لا تعني تعطيلا لمقاربة حاجات العمل والسياسة والعلم، فالبعض وضعها امام تعريف تخصصي واكاديمي، وغيّب عنها فاعليتها في أن تكون مجالا لصناعة الوعي، والرأي، وبما يجعل علاقتها بالسياسة محفوفة بالالتباس، رغم أنَّ فائدتها للسياسة ستكون أكثر نجاعة وضرورة، لأنها ستُسهم في قوة التفكير، وفي تنمية حساسية النقد وفي توسيع مدى النظر إلى الواقع، وفي اعطاء السياسي دافعية لسعة الأفق والتنوير، ولصياغة اسئلة أكثر فاعلية، على مستوى تجديد ادواته، وعلى مستوى سياقات عمله منهجيا ونظريا وعلميا.
بات من الضروري أن تكون هذه الثنائية حاضرة وفاعلة، في الخيارات، وفي تداول الخطاب، وفي حاجة الواقع السياسي العراقي المضطرب إلى شحنات معرفية جديدة، تسهم في تغذيته، وفي تقويض نمطه التقليدي، وفي تجديد بيئته، وفي تحسين أداء مؤسساته، وعبر سياقات تعطي للمعرفة بعدا اجرائيا وواقعيا، يجعلها اكثر فاعلية في تحديث الخطاب السياسي، وفي تنمية الوعي النقدي، وفي تطوير مسارات الدولة الحديثة، وبالاتجاه الذي يجعل من السياسة فنا في الحكم وفي الادارة، وفي تحقيق العدل واعتماد الحوكمة، والقانون والنظام والمهنية، وعلى وفق اسسٍ وسياقات عمل تحكمها العلمية والمهنية، وليس كما هو شائع عن الربط الساذج والقسري بالمصالح، وبالولاءات الحزبية، والجماعوية، والذي يجعل من الاداء السياسي خاضعا للمزاج ومحشوا بكثير من الشعاراتية والشعبوية، يفقد معها قدرته على الانجاز والعمل، وعلى اعتماد ماهو علمي وموضوعي في التخطيط للاهداف، وفي تنظيم اليات العمل، وتمكين القوى الفاعلة من التعبير عن حضورها، والمشاركة في صناعة الافكار والرؤى الستراتيجية.
أحسب أنَّ جعل السياسة اداء في المعرفة، وجعل المعرفة وجها آخر للسياسة، هو رهان على نجاح ودعم المجالين، وعلى نحوٍ قد يجعل خيارات السياسة دقيقة، ومهنية، مثلما يجعل المعرفة حاجة للتنمية والوعي ولإقامة علاقة ايجابية مع الواقع، فما هو مكرّس في يومياتنا السياسية يعكس وعيا مشوشا، وافقا ضيقا، ينعكسان على طبيعة الممارسة السياسية في حياتنا، وحتى على اختيار الاحزاب والقوى السياسية لمن يمثلهم في السلطات التنفيذية والتشريعية، وبالشكل الذي جعلها للأسف ممارسة لا توصيف لها، ولا ضوابط مهنية للمنخرطين في شجونها، بعيدا عن النظر إلى مؤهلاتهم، وتاريخهم وخبراتهم، وقدرتهم على حيازة شروط تعزز مهنيتهم في العمل، وفي اداء مؤسساتهم، وفي خدمتهم للناس الذين يتوقون إلى برامج ومشاريع حقيقية، وإلى طاقات تسهم في الادارة الناجحة للدولة والمجتمع، وفي تحقيق اهداف التنمية واقامة العدالة الاجتماعية والحكم الرشيد.



image image image

آراء من نفس الكاتب


المزيد
image
الرئيسية من نحن الخدمات ارشیف الموسوعة

تنزيل التطبيق

image image

تابعونا على

الأشتراك في القائمة البريدية

Copyright © 2018 Mawazin News Developed by Avesta Group

image

اللائحة

الأقسام