آراء

السياسة تقتضي حسن الادارة، والمعرفة بواقعية الحاجات والمصالح، والتعاطي مع المشكلات بما يناسب استحقاقاتها، لاسيما في ظل ظروف تتطلب تفعيل كلّ المسؤوليات الواقعية والنقدية والعقلانية، وبالاتجاه الذي يعزز نجاح ادارة ملفات السياسة والاقتصاد والأمن والتنمية.
بعد اقرار قانون الموازنة الاتحادية بات المشهد العراقي، سياسيا واقتصاديا واجتماعيا أمام استحقاقات جديدة، وأمام ضرورات تتطلب من الجميع حسن التعاطي المسؤول مع السياسة والادارة ومع ما يتطلبانه من واقعية لازمة، لاسيما  بعد المخاض العسير والخلافات الحادة التي مرّت بها تلك الموازنة، وحتى لا تتكرر ينبغي البحث عن الاسس التي يمكنها تهيئة البيئة المناسبة التي تكفل دعم سياقات الحوار السياسي والاقتصادي، مثلما تكفل معالجة ما يبرز من المشكلات وعلى أسس مراعاة المصالح الوطنية الجامعة..
لقد بات ضروريا العمل على صياغة واقع جديد، وعقد جديد، ليس عبر الأمنيات، بل عبر رؤية واضحة وارادة فاعلة، ومسؤولية مشتركة، لاسيما في سياق التهيئة  لاقرار القوانين المعززة للمسار الوطني، ولدفع فاعليات البناء المؤسساتي، وهي قضايا واستحقاقات تتطلب حشدا للطاقات، ولمواجهة جملة من التحديات الكبرى، ليست المحلية فقط، بل الاقليمية والدولية ايضا، والتي صار العراق قطبا فاعلا وحيويا فيها، وهذا ما يجعلنا التأكيد على أن نجاح وحسن ادارة ملفات السياسة الخارجية يتطلبان نجاحا وحسن ادارة لملف السياسة الداخلية..هذا الترابط هو قانون حقيقي ومهني في انجاح فواعل العمل السياسي من جانب، والسيطرة على المشكلات التي تحدث هنا أو هناك من جانب آخر، لاسيما ما تتطلبه السياسة الخارجية من تفاهم عميق بين القوى السياسية الوطنية، ومن وعي لحجم التحديات التي تنعكس على اداء تلك القوى، ومدى قدرتها على تبني برنامج وطني واقعي وعقلاني يدرك الاستحقاقات الوطنية، بعيدا عن الاجندات والتخندقات والمحاور الاقليمية والدولية، والتي تعكس مدى الازمات الكبرى التي يعيشها العالم اليوم.
إن الحرص على مسؤولية حُسن الادارة يعني الحرص على تغليب المصالح الوطنية، وعلى ايجاد البيئة المشتركة للتفاعل والتواصل وتجاوز العقبات، وعلى وفق ضرورات يمكنها أن تكون حاضرة وواضحة ومدعاة للعمل المشترك الذي يدعم بناء الدولة القوية ويحمي سيادتها، ويعزز دور العراق الحقيقي في تأمين السلام الاقليمي والدولي.