آراء


علاء الحطاب

الاستثمار بالشعب

28/02/2021

يعدُّ الشعب الركن الأول من أركان الدولة وتأتي بعده بقية الأركان كالأرض والسلطة والسيادة، لذا لا يمكن أنْ تقوم دولة بلا شعب الأس الأهم، ليس فقط في وجود الدولة بل في بنائها وتنميتها وتقدمها واستمرارها.
ينشغل الرأي العام هذه الأيام بدعوة الحكومة المصريَّة لشعبها بتقليل نسب النمو السكاني ويشتغل الإعلام المصري بجميع أدواته في سبيل إقناع المواطنين بضرورة تقليل نسب إنجاب الأطفال، بدعوى أنَّ تلك الزيادة السكانيَّة تؤثر سلباً في تنمية الدولة بمختلف قطاعاتها؛ لأنَّ الارتفاع المستمر في الزيادة السكانيَّة يأكل كل تقدم في تلك التنمية وينشغل آخرون بالرد على الإعلام المصري أنَّ عجز الحكومة عن توفير أساسيات الحياة الكريمة للمواطنين لا يعالجه إيقاف المواطنين عن الاستمرار في إنجاب الأطفال، فلا الإعلام المصري يقدم نماذج مقنعة للمواطنين تدفعهم لتقليل نسب الإنجاب والاكتفاء بطفلٍ أو طفلين ولا المواطنون على استعداد لتقبل هذه الفكرة بغض النظر عن مؤشرات مستقبل أطفالهم ومستوى الخدمات والرعاية التي من الممكن أنْ يتلقوها.
الأمر ذاته ينطبقُ على جميع الدول غير الناجحة في استثمار أبنائها وقدراتهم وكذلك الفاشلة في إنتاج جيلٍ ناجحٍ ممكن أنْ يسهمَ في زيادة موارد الدولة ولا يكون عبئاً عليها كما يحصل في معظم الدول النامية.
العراق إحدى هذه الدول غير الناجحة في استثمار وتوظيف قدرات أبنائه لزيادة وارداته ومن ثم تنمية مختلف قطاعاته الزراعيَّة والصناعيَّة والتجاريَّة فضلاً عن قدراته الاجتماعيَّة والثقافيَّة وغيرها، والسؤال هنا هو: هل يمتلك العراق ما يمكنه من استثمار قدرات وإمكانات شبابه؟
الجواب سيكون وبضرسٍ قاطعٍ، نعم يمتلك تلك الإمكانات وأكثر، ففي مجال الزراعة - مثلاً- نمتلك أرضاً خصبة ومياهاً وفيرة بالقدر الكافي لري هذه الأراضي وفق آليات الري الحديث وهذا الأمر يستتبعه تشغيل كثير من الأيادي العاملة من الشباب، لا سيما الشباب قليلي العلوم والمعارف، فالعمل في حرث الأرض وجني محصولها لا يستلزم قدرات معرفيَّة وعلميَّة كبيرة، الأمر ذاته ينطبق على الصناعة، فاذا وفرنا "أمننا الغذائي" مما زرعناه فسنوفر كذلك الآلاف من فرص العمل للشباب من خلال الصناعة، الأمر الذي ينمي التجارة وقطاعات البلد كافة.
كل التظاهرات التي جرت منذ 25 تشرين 2019 ولا تزال حتى تظاهرات ذي قار الحالية مطلبها الأساس توفير فرص عمل للشباب العاطلين عن العمل، إذ لو توفرت فرص العمل لهم لتوفر لديهم الاستقرار الاقتصادي وما يترتب عليه من استقرار اجتماعي ما يسمح بوجود خدمات ورعاية للمواطنين.
هنا تكمن حقيقة الاستثمار بالشعب الذي إنْ تحقق تتحقق معه المعجزات كما حصل في اليابان والصين كأنموذجين ناجحين للاستثمار في قدرات وإمكانات الشعب، إذ حولا مشكلة الزيادة السكانية لديهما الى سببٍ رئيسٍ في تطورهما وتقدمهما، واستمرار التنمية لديهما.
كل ما تقدم لا يمكن أنْ يكون إلا إذا توفرت الإرادة السياسيَّة الواعية للمخاطر التي وصل إليها واقع البلاد وارتفاع نسب البطالة وتعطل الزراعة والصناعة والتجارة والاعتماد في جميع تفاصيل حياتنا على خيرات جيراننا وأبعد من ذلك.
إنْ لم نستثمر طاقات الشباب وقدراتهم لا يمكن لهذا البلد أنْ يستقرَ عاجلاً ومستقبلاً.



image image image

آراء من نفس الكاتب


المزيد
image
الرئيسية من نحن الخدمات ارشیف الموسوعة

تنزيل التطبيق

image image

تابعونا على

الأشتراك في القائمة البريدية

Copyright © 2018 Mawazin News Developed by Avesta Group

image

اللائحة

الأقسام