آراء

الضبط الامني يعكس وجود الارادة السياسية الفاعلة، بوصفه إجراء واقعيا يؤدي الى تعزيز مسارات الضبط السياسي الذي تحتاج اليه أية دولة لها سيادة، ولها برامج وستراتيجيات وطنية تحمي بها شعبها، وتؤسس له بنيات اجتماعية واقتصادية وثقافية تكفل وجوده وأمنه وتنميته ومعيشته.
 هذا الضبط يعكس ايضا، نجاح المؤسسة الامنية وقدرتها على مواجهة التحديات الكبرى التي تهدد أمن الدولة والمجتمع، وما قتل الارهابي العيساوي المسمى بـ”والي العراق” إلّا تعبير عن النجاح الأمني على مستوى التخطيط والمتابعة والتنفيذ، وعلى مستوى ربط هذا الانجاز بقوة الارادة السياسية التي تدرك خطورة الارتباط بين المسارين الامني والسياسي.
الدقة العالية في تنفيذ العملية الامنية قادت الى هذه النتيجة الأمنية المهمة، مثلما أنها تعكس وعيا بالحاجة الى أن يكون الضبط الأمني رهانا على قوة الدولة ومؤسساتها، وخيارا متواصلا لمواجهة التحديات، والشروع نحو اعتماد خطط امنية واستخباراتية تقطع الطريق على الارهابيين في اعادة انتاج الظاهرة الداعشية، وايجاد “ملاذٍ لها” في بعض البيئات الرخوة، وهو ما يعني الحاجة الى مسؤوليات مركبة اجتماعيا وثقافيا، فضلا عن المسؤوليات السياسية والاقتصادية.إن الحاجة الى ثقافة الأمن لا تقل شأنا عن الأمن نفسه، إذ يتطلب تحصين المواطن والمجتمع والمدرسة والمؤسسة جهودا استثنائية، وفعاليات تعزز وعي الناس لأهمية الأمن، وضرورته في توسيع مديات التنمية والاعمار والعمل، لأنّ ما حدث في السنوات الماضية خلال “سيطرة عصابات داعش” على عدد من المدن العراقية كشف عن طبيعة العقل الإجرامي، وعن تغوّل الكراهية والتعصب ونزعات التكفير، التي تعني تدمير العمران بوصفه الحضاري والثقافي والانساني، فضلا عن تحويل المدن والمؤسسات والجامعات والمدارس الى منصات للخراب، ولتقويض فاعلية التماسك والتعايش بين مكونات المجتمع. إن قتل الارهابي العيساوي يؤكد اعطاء الضبط الأمني أهميته، وضرورته في ترصين اسس البيئة الأمنية في العراق، واسنادها بكلِّ ما يكفل ديمومتها وعناصر دعمها اللوجستي والمعلوماتي، وبالاتجاه الذي يؤكد قوة الدولة العراقية عبر قوة مؤسساتها وقوة خططها، ونجاحها في الحصول على دعم دولي واقليمي ومحلي يربط بين هذا الدعم والنجاح في الأداء من جانب، مثلما يعكس علاقة الأمن العراقي بالأمن الاقليمي والدولي، وأن سوح المعارك ضد الارهاب في العراق هي جبهة العالم المفتوحة على مواجهة الارهاب في كل مكان.