آراء


سالم مشكور

خارطة المنطقة.. المطلوبة!

03/09/2020

ما يحدث في لبنان اليوم شبيه بما يحدث في العراق مع اختلاف بعض التفاصيل الخاصة بطبيعة وموارد كل منهما. الانقسام هناك يتركز على مسيحي شيعي سني، وفي داخل كل منهما انقسامات فرعية، بينما في العراق فإن الانقسام هو شيعي سني كردي مع وجود الانقسامات الداخلية نفسها في كل منها. انقسامات تهدد وجود هذه الدول.منذ سنوات والحديث يجري عن فشل صيغة سايكس بيكو والحاجة الى مشروع جديد للمنطقة. منهم من قالوا إن معيار تقسيمها للدول كان خاطئاً انتهى الى دول غير منسجمة داخليا، فكانت الصراعات الداخلية في كل منها الى جانب صراعات بين الدول نفسها بسبب اعتباطية رسم الحدود. آخرون يقولون إن التقسيم كان وفقاً لمصالح أوروبا، التي كانت لها السيادة، بينما المطلوب اليوم تقسيمٌ يلبي مصالح الولايات المتحدة صاحبة الدور الأول في العالم. المطلوب إذن، وفق أصحاب نظرية فشل الدول المتنوعة، تقسيم جديد ينتج دولا من لون واحد. وبما أن بعض الدول شديدة التنوع رغم صغر حجمها، كلبنان مثلاً، فان التقسيم سيؤدي الى دويلات غاية في الصغر، هي أشبه بإمارات لا تملك مقومات الدولة، تكون معتمدة على هذه القوة الخارجية أو تلك. 
هذا المشروع يلتقي مع ما تردده الادبيات الإسرائيلية العلنية منذ سنوات ومفاده أن أفضل طريقة لضمان أمن اسرائيل هي أن تتقسم المنطقة الى دويلات ذات هويات دينية وعرقية، تنشغل بصراعات بينها. هذا الهدف الإسرائيلي التفصيلي كان قد ذكره عوديد ينون مستشار رئيس الحكومة الاسرائيلية آنذاك مناحيم بيغن، في مقال نشره عام 1980. قبل ذلك، كان هنري كيسنجر قدم مشروعاً عام 1973 بشأن تقسيم الدول العربية وتجدد الحديث عنه عام 1983 إبّان الحرب العراقية الإيرانية.  بعد اسقاط نظام صدام عام 2003، كان أول حديث علني عن تقسيم العراق هو ما عرف بمشروع بايدن الذي صادق عليه مجلس الشيوخ الأميركي في أيلون 2007. ورغم أنه تحدث عن تقسيم العراق الى ثلاثة أقاليم فيدرالية على أساس طائفي- عرقي، إلّا أن الصلاحيات الواسعة التي اقترحها المشروع، ووجود تجربة إقليم كردستان شبه المستقل، كشفت أن الهدف النهائي هو تقسيم العراق. على الأرض، كانت الاحداث تصبّ في هذا الاتجاه، سواء كانت بفعل عوامل خارجية، أو سوء سياسات داخلية بعيدة عن وعي ما يجري، بل ان الصراعات داخل كل مكون بدأت قبل أن تستقل المكونات في دويلات، بما يوحي بان المكون الواحد قد تكون له أكثر من دويلة، فيما لو نجح هذا المشروع دون مصدّات داخلية وخارجية.



image image image

آراء من نفس الكاتب


المزيد
image
الرئيسية من نحن الخدمات ارشیف الموسوعة

تنزيل التطبيق

image image

تابعونا على

الأشتراك في القائمة البريدية

Copyright © 2018 Mawazin News Developed by Avesta Group

image

اللائحة

الأقسام