عاجل

آراء


مصطفى السراي

السلاح المنفلت وهيبة الدولة العراقية

28/08/2020

بعد 2003 سقطت سهواً او عمداً القيم العليا للدولة والادارة العامة المركزية واهم ادارة فيها هي ادارة السلاح ولم تسطيع الحكومات المتعاقبة من تحقيق هدف (حصر السلاح بيد الدولة) حتى اصبحت هذه الظاهرة من المعضلات امام بناء الدولة العراقية وتهدد السلم المجتمعي وصورة وهيبة الدولة الخارجية والداخلية وعامل اساسي في عدم الاستقرار الداخلي، حيث خرجت ادارات فرعية جزئية من الادارة العليا وخرج جزء من كل مثل  الطائفة من الدين ، القبيلة من المجتمع ، العشيرة من القبيلة و...الخ من المسميات الفرعية التي ظهرت وذلك لعدة اسباب ومنها :
1-اسباب امنية : الهاجس الامني هو الاساس الذي اعتمدت عليه هذه الادارات الفرعية محاولة استغلال الوضع غير المستقر امنياً والتهديدات الامنية التي يواجهها العراق وعلى رأسها حل القوات المسلحة العراقية بكافة صنوفها وتشكيل قوات جديدة والضعف في تشكيلها والاخطاء التي ارتكبت في تسليح وتقوية هذه القوات الجديدة مما شكل فراغا امنيا كبيرا في عموم محافظات العراق.
2-اسباب مجتمعية : حاولت بعض الاطراف من اثارة الازمات المجتمعية في اوساط التعايش المجتمعي العراقي لقضايا طائفية وغيرها من اجل تقوية نفوذها وتمركزها حتى عمت هذه الازمات في عموم العراق ولم تقتصر على محافظة دون الاخرى او فئة دون الثانية.
3-اسباب عرقية واثنية : المشاكل العرقية والاثنية ليس بالامر الجديد وخصوصاً في بلد مثل العراق يحتوي على الكثير من الطوائف والاعراق المجتمعية لذا حاول البعض استغلال هذا التنوع من خلال زعزعة الاستقرار بينها، لتقوم كل فئة منهم بحمل السلاح بحجة الدفاع عن نفسها ومواجهة التهديدات التي تتعرض لها.
4-العادات والتقاليد القبلية العشائرية : العراق بلد يحتوي على اكبر القبائل في الوطن العربي واكبر عدد من العشائر وهذه القوة العشائرية هي قوة على الارض بسبب انها تسكن في هذه الاراضي بمعظم محافظات العراق وبسبب غياب القانون و ضعف الاجهزة الامنية آنذاك لحل خلافاتها فقد عدمت كل واحدة من هذه القبائل والعشائر لحل هذه الخلافات بنفسها عن طريق المواجهة المباشرة او غيرها حتى اصبحت هذه العشائر تمتلك اسلحة خفيفة ومتوسطة كبيرة جدا لا تستطيع اي جهة مجابهتها.
5-قضايا الارهاب : لعب عامل الارهاب دور مهم في انتشار وتوسعة السلاح خارج اطار المؤسسات الرسمية للدولة في الاخص في المحافظات والمناطق التي كان الارهاب يتواجد بشكل فعلي فيها او تلك التي يشكل تهديد مباشر عليها لذا عدمت المجاميع المجتمعية من تقوية نفسها لمواجهة هذا الخطر وكذلك بمساعدة اطراف خارجية دولية واقليمية مثل دعم الولايات المتحدة الامريكية لمجالس الصحوة لمواجهة تنظيم القاعدة و تقديم المساعدة من قبل الجمهورية الاسلامية الايرانية لفصائل مقاومة الاحتلال الامريكي آنذاك وبعدها مقاومة تنظيم داعش الارهابي.
ونتيجة المشاكل والاخطاء في ادارة الدولة وغياب القانون وضعف الاجهزة الامنية في بسط الامن شكل هذا الهاجس الاساس الذي بينت عليه هذه الادارات والسلطات الفرعية قوتها لتعطي الشرعية لنفسها بحمل السلاح خارج اطار القانون معللة ذلك بسبب غياب القانون و الفراغ الامني ، حتى اصبحت هذه الادارات تمتلك سطوة ونفوذ على اجزاء من الارض وتمثلت بالقوة السكانية حيث اصبح سكان هذه الاجزاء من الارض هم اصحاب هذا الادارات الفرعية و قوة امنية لها بتوافر العدة من الرجال و المعدات والاسلحة وفضلاً عن النفوذ السياسي والاقتصادي الذي اصبحت تستخدمه هذه الادارات من خلال زج شخوصها في العملية السياسية او تحقيق فائدة اقتصادية في الاماكن التي تسيطر عليها بممارسة الترهيب والتهديد والابتزاز ما ولد حالة من الانفلات وانتشار السلاح بشكل كبير جداً بشكل غير قانوني او له وجه صحة.
اضافة الى التحديات الارهابية ففي فترة القاعدة تم تشكيل الصحوات لتكون مساندة لجيش والقوات الامنية لتصدي الى القاعدة في صحراء الانبار وهناك من حاول استغلال هذا الامر لنفسه واعطاءه لنفسه الشرعية بحمل السلاح تحت هذا المسمى مثلما  حصل  مع الحشد الشعبي الذي شكل واسس لمقاتلة  تنظيم داعش ودحر الارهاب بفتوى المرجعية ونظم بقانون واصبح مؤسسة امنية حكومية الا ان  الكثير من الاطراف والاشخاص يستغلون هذا الاسم وينتحلون هذه الصفة لتحقيق غايات معينة مستخدمين بذلك اسم (الحشد) للعب على عواطف الناس ولكن لو تتم هيكلة الحشد واعادة انتشاره لوجدنا الكثير من هؤلاء الاشخاص المدعين انهم تحت لواء الحشد هم خارجه ولا ينتمون له، فاليوم اصبحت هذه المجاميع تشكل خطر على المؤسسات الرسمية الحكومية وتسيئ لها وتهدد سمعتها وتشكل خطر حقيقي على شكل الدولة وهيبتها الداخلية والخارجية وخصوصاً ان قضية حصر السلاح بيد الدولة هو اهم محور تكلمت به جميع الحكومات المتعاقبة في العراق وصولاً الى حكومة السيد الكاظمي ولكن هذا الامر بات صعب المنال على ارض الواقع بسبب ان هذه الاطراف اصبحت تمتلك قوة وسلطة موازية لقوة وسلطة الدولة والتنافس حاد جداً بين الاثنين لبسط النفوذ و اي مواجهة مباشرة بين الاثنين قد تدخل البلد في حالة صراع مسلح خطير جدا وخصوصاً ان بعض هذه السلطات اصبحت تمتلك نفوذ سياسي واعلامي واصبحت قادرة على تحريك الشارع لصالحها واثارة العواطف او الفتن. لذلك تحتاج الحكومة لعدة امور لكي تستطيع من بسط نفوذها واعادة هيبتها ومن هذه الامور : 
1-تقوية اركان مؤسسات الدولة ولاسيما الامنية منها والسيطرة عليها وعلى الادوات التي فيها وايضاً تفعيل الدور القانوني والعقابي بشكل صارم وحازم على اي طرف خارج اطار القانون او الدولة 
2-بسط سيطرة الدولة على جميع الاراضي والتحكم بها بسلطة القانون العليا لا السلطات الفرعية او الجزئية وسد الفراغ الامني في هذه الاراضي لكي لا تكون حجة لهذه الاطراف في حمل السلاح.
3- العمل على تفعيل قوانين الرقابة المجتمعية  وتفعيل قوانين الرقابة على حمل وحيازة الاسلحة وتقليل اصدار رخص واجازات حمل السلاح ومحاسبة المخالفين على ذلك.
4-العمل على قوانين وتفعليها وتقويتها بشكل لا يسمح لهذه السلطات الفرعية بالنفوذ بشكل متسلط والعمل بمبدأ يسود ولا يحكم.
5-جدولة القوات المسلحة العراقية وجردها واعادة هيكليتها بشكل دقيق جدا وذلك لمعرفة الاعداد الحقيقية من الاعداد المزيفة وكشف الفضائيين فيها لكي تكون هناك قاعدة بيانات دقيقة بأعداد القوات المسلحة الرسمية مما يعطي مجال لسلطة الدولة في محاسبة الاطراف التي تحمل السلاح خارج اطار هذه المؤسسات.

image image image

آراء من نفس الكاتب


المزيد
image
الرئيسية من نحن الخدمات ارشیف الموسوعة

تنزيل التطبيق

image image

تابعونا على

الأشتراك في القائمة البريدية

Copyright © 2018 Mawazin News Developed by Avesta Group

image

اللائحة

الأقسام