محمد عبدالجبار الشبوط
21/07/2020
في عام 1992 نشرت كتابي "مستقبل الديمقراطية في العراق"، كنت حينها في لندن، التي هاجرت اليها قبل ذلك بسنتين، قادما من لبنان، في سلسلة هجرات سياسية قادتني اولا الى القاهرة في تموز عام 1976 ثم الكويت، ثم ايران، ثم الكويت ثانية، حيث تم اعتقالي في شهر كانون الاول من عام 1984 وابعادي الى سوريا، ثم هجرتي الى لبنان عام 1988 حيث بقيت سنتين قبل ان اشد الرحال لاجئا سياسيا الى بريطانيا. كنت حينها من عراقيي "الداخل" الذين رفضوا حكم حزب البعث، لاتحول الى فئة عراقيي "الخارج"، حيث تعرفت في سوريا ولبنان على الديمقراطية من خلال كتاب "علم الاجتماع السياسي" للعالم البريطاني بوتومور. ومنذ ذلك الحين، اصبحت "الديمقراطية" احدى مفردات تفكيري السياسي. في كتابي "مستقبل الديمقراطية في العراق" كتبت انني احلم بدولة ديمقراطية في العراق يحكمها صندوق الاقتراع، عبر الانتخابات الدورية النزيهة، العادلة، الشفافة. وكان هذا الحلم مؤجلا لمابعد اسقاط نظام صدام الدكتاتوري، لانه كان من المستحيل التفكير بتحول ديمقراطي في ظل السلطة المطلقة لهذا الرجل الريفي/البدوي المتخلف. وكان عليّ الانتظار الى حين ازاحته عن الحكم. وحين فعل الاميركيون ذلك بعد 11 سنة، تجددت الامال باقامة دولة ديمقراطية في العراق. وكنت قبلها باشهر كتبت عن الانتقال من المعارضة الى الدولة، وذكرت حينها الاسس التي ستقوم عليها الدولة العراقية بعد اعادة بنائها، وفي مقدمتها بطبيعة الحال الديمقراطية، ومن بينها ايضا المواطنة والفيدرالية والدستورية واحترام الهوية الاسلامية للمجتمع العراقي. لكن سلسلة اخطاء ارتكبتها الولايات المتحدة وحاكمها المدني بريمر، والاحزاب التي شاركته السلطة في البداية من خلال مجلس الحكم، ادت الى ما اطلقت عليه اسم "عيوب التأسيس"، وهي العيوب التي اعاقت اعادة بناء الدولة اولا، واقامة الديمقراطية ثانيا. فقد انشغلت احزاب السلطة بشقيها، احزاب الداخل واحزاب الخارج، بمغانم السلطة، واهملت اعادة بناء الدولة، فكانت "العملية السياسية" التي اطلقتها مشوهةً، وكان من ابرز تشوهاتها: المحاصصة في كل شيء، ثم "الاستحقاق الانتخابي"، ثم "التوازن الوطني"، ثم "المكونات"، وكل ذلك فتح المجال لتعاظم الفساد، وبالتالي نهب الثروة الوطنية، واهمال مشروع بناء الدولة اولا، واقامة الدولة الديمقراطية، ثانيا. وكانت النتيجة هي: اللادولة. لا يمكننا وصف الحالة الراهنة في العراق بانها "دولة"، وما يقال عن "اعادة هيبة الدولة" اما تعمد للكذب، او توهم كبير في فهم معنى هذا المصطلح المهم وشروطه، واذا كان الملك فيصل الاول قد كتب في الثلاثينيات عن انه لم يجد شعبا في العراق، وانما تكتلات بشرية، فاننا نكتب اليوم عن عدم وجود دولة، وانما سلطات. اننا في حالة اللادولة، ومن يشك في ذلك فعليه ان يشاهد ويستمع الى حديث محافظ الناصرية الاخير ليتعرف على حالة العراق الان. ليس شعار "اعادة هيبة الدولة" صحيحا، انما الصحيح "اعادة بناء الدولة". الدولة تقوم على اساس دستور وقوانين ومؤسسات ومسؤولين منتخبين ومواطنين يؤمنون بذلك كله. وهذا كله مفقود الان بهذه الدرجة او تلك. وحين ادركت ما نفقده، اطلقت مصطلح "الدولة الحضارية الحديثة" الذي يختزن ويلخص كل ما نحن بحاجة اليه، فنحن بحاجة الى "دولة"، وبحاجة الى دولة "حضارية"، وبحاجة الى دولة "حديثة". وهذا ما لا ينطبق على العراق الان. كل ما يقال اقل من ذلك يعبر عن قصور او تقصير في فهم الوضع الراهن وفي الاستجابة لتحدياته. وكل انشغال بغير ذلك مضيعة للوقت والجهد!
9/11/2022
المشروع التربوي
16/10/2022
استعادة ثقة الشعب
9/3/2022
عودة الى جوهر المشكلة
14/12/2021
خفض قيمة الدينار..!
31/10/2021
ما لم يفهمه "الخاسرون"
27/10/2021
امنيات وليست نصائح.. حماية شبكة الاعلام
تنزيل التطبيق
تابعونا على
الأشتراك في القائمة البريدية
Copyright © 2018 Mawazin News Developed by Avesta Group