محمد عبدالجبار الشبوط
16/06/2020
لم يعرف العراق إعلاما حراً طيلة الفترة من عام 1968 الى عام 2003، فليس متوقعا من أي نظام دكتاتوري ان يسمح بظهور اعلام حر، وكان لهذا الاثر الكبير في تصورات الناس عن الاعلام. لكن كان من الطبيعي ان تنطلق مسيرة الاعلام الحر بعد سقوط النظام في 9 نيسان من عام 2003، وهذا ما حصل، إذألغيت وزارة الاعلام، واطلقت حرية اصدار الصحف والمطبوعات الاخرى، وفتح القنوات التلفزيونية والاذاعية. وظهرت اربعة انواع من الاعلام، هي: أولا، اعلام الدولة من خلال شبكة الاعلام العراقي. ثانيا، الاعلام الحكومي، من خلال النشاطات الاعلامية للمكاتب الاعلامية التابعة للوزارات ومؤسسات الدولة. ثالثا، الاعلام الحزبي، مثل صحف طريق الشعب والبيان والاتحاد، وفضائيات الفرات وآفاق وغيرها. رابعا، الاعلام الاهلي او الخاص المتمثل بالمؤسسات الاعلامية التي يملكها اشخاص، مثل صحف العالم والزمان والمدى، وعدد من الفضائيات. وكان على الجمهور والاحزاب والدولة وطبقتها السياسية ان يتأقلموا مع الظاهرة الجديدة. واقصد بالطبقة السياسية الرئاسات الثلاث والوزراء والنواب والمحافظين وكبار المسؤولين، وصولا الى المدراء العامين في الدولة. ويجب ان نتذكر ان الانتقال كان مفاجئا ولم يسبق التمهيد له ولا النقاش حوله، كما حصل مثلا في مرحلة كتابة الدستور الاميركي. كما لم يعرف عن رجال الدولة اهتمامات ومساهمات بمسألة الاعلام، وحرية الاعلام، إلا في حالات قليلة. ولذلك لا يمكننا القول ان مفهوم الاعلام الحر، والمهني، والمستقل وعلاقته ببناء الدولة الديمقراطية، كان واضحا بدرجة كافية لدى الاطراف المعنية التي ذكرتها قبل قليل، بنفس الدرجة العالية المطلوبة والضرورية. واضافة الى ذلك،فإن بناء الديمقراطية تعثر تدريجيا، بل انحرف، الى أن أصبح النظام هجينا، ثم اوليجارشيا، اي تحكم عدد قليل من الافراد، برغم وجود بعض مظاهر الديمقراطية مثل الانتخابات، التي تجرى على طريقة القائمة، الامر الذي انتج اقطاعيات سياسية يتحكم بها رئيس الكتلة أو القائمة. ولذلك كان من الطبيعي ان تظهر ممارسات لا تتناسب او تنسجم مع مفهوم الاعلام الحر، خاصة لجهة الوصول الحر الى المعلومات، والتعبير عن الرأي، والنقد، والنقاش حول الموضوعات العامة، وذلك لان المجتمع لم يتعود على الاعلام الحر بعد، وكان اسير الاعلام الاحادي الموجه لفترة طويلة جدا، وكان من هذه الممارسات التضييق على الوصول الحر للمعلومات، والتضييق على التعبير، ورد الفعل المتشدد ضد النقد، او النقد الذي يتحول الى شتائم وتسقيط وتشويه للسمعة، وانتهاك الخصوصية، وعدم الموضوعية في معالجة الاخبار، بل التسرع بالنشر قبل التحقق من صحة المعلومة.. الخ. كان الامر ولا يزال يتطلب وقتا اطول من المران والتجربة، لكي يصل المجتمع العراقي، بافراده واحزابه ودولته، الى الدرجة الكافية لانتاج الاعلام الحر. وكانت المعضلة الاكبر هي في اعلام الدولة، فهذا النوع من الاعلام جديد على الساحة العراقية، وهو يختلف عن الاعلام الحكومي، بل ان مفهوم اعلام الدولة ظهر كحل مؤقت لصعوبة انتاج البث العام على غرار هيئة الاذاعة البريطانية بي بي سي. وكانت شبكة الاعلام العراقي هي المؤسسة الاعلامية التي عانت من مشكلة هذا الاعلام المستحدث، اي اعلام الدولة، وكانت الشبكة في البداية تعمل بموجب الامر الاداري الرقم 66، الى عام 2015 ، إذ تم تشريع القانون رقم 26 الخاص بها، وحدد كلا النصين المهام التحريرية والاعلامية للشبكة بنقاط تفصيلية. وسبب المعاناة التي تعرضت لها الشبكة في السنوات الماضية، هو سوء الفهم لمفهوم اعلام الدولة من جانبين على الاقل: الجانب الاول، من الدولة بطبقتها السياسية، إذ وجد من افرادها من يتصور ان شبكة الاعلام هي الناطقة بلسان الحكومة، وعليه فيجب عليها تحسين صورة الحكومة، وابراز اخبارها، وتقديم اخبار رئيس الوزراء، بصفته الشخص التنفيذي الاول في الدولة، على كل الاخبار. وكان بعض افراد الدولة يتضايقون من النقد او ما يعتبرونه قلة التغطية لاخبارهم. الجانب الثاني: بعض افراد الجمهور الذي كان يتصور ان على الشبكة ان تنتقد الحكومة وتسلط الاضواء على السلبيات التي يعاني منها الواقع العراقي، من دون التركيز على الايجابيات. وكان مسؤولو الشبكة وخاصة رئيسها ومجلس أمنائها، يحاولون ان يوفقوا بين هذين التصورين المتطرفين، ويسلكوا خطا وسطا ضمن متطلبات الامر 66 ثم القانون 26 لسنة 2015.
9/11/2022
المشروع التربوي
16/10/2022
استعادة ثقة الشعب
9/3/2022
عودة الى جوهر المشكلة
14/12/2021
خفض قيمة الدينار..!
31/10/2021
ما لم يفهمه "الخاسرون"
27/10/2021
امنيات وليست نصائح.. حماية شبكة الاعلام
تنزيل التطبيق
تابعونا على
الأشتراك في القائمة البريدية
Copyright © 2018 Mawazin News Developed by Avesta Group