عمر الحياني
02/06/2020
الكاتب : عمر الحياني الأنبار أول عاصمة للدولة العباسية فقد اتخذ أبو العباس السفاح في بادئ الأمر الكوفة نقطة انطلاقه للسيطرة على الدولة ثم اتخذ سنة 134 هـ الأنبار عاصمة له بعد أن سيطر على الحكم، وبنى فيها قصراً سماه (الهاشمية) فجعله مركز إدارة الدولة؛ لذا تعدّ الأنبار أول عاصمة للدولة العباسية وبقيت بعد وفاة السفاح عاصمة لأخيه المنصور حتى بنى مدينة بغداد (145 - 149) هـ. وأهل الأنبار أول من كتب بالعربية، ومن الأنبار انتشرت في الناس، وقال الأصمعي: ذكروا أن قريشاً سئلوا: من أين لكم الكتاب؟ قالوا: من أهل الحيرة. وقيل لأهل الحيرة: من أين لكم الكتاب؟ قالوا: من الأنبار. لكن من هي الأنبار ومن هم أهلها؟ أهي محافظة الأنبار المعروفة حاليًا أم غيرها؟ الأنبار التي نتحدث عنها هي تلك المدينة الأثرية المهجورة القريبة من ناحية الصقلاوية الحالية، والتابعة إلى قضاء الفلوجة أما أصل سكان الأنبار فهم المناذرة الذين نزحوا من اليمن إليها، وقد نزح قديما (أي قبل الميلاد) كثير من اليمنيين غالبيتهم مناذرة إلى العراق وكان بينهم مسيحيون ويهود وقد اتخذوا من الحيرة عاصمة لهم (قضاء أبو صخير التابع للنجف حاليا). ومن أهم مدنهم في العراق الكوفة والنجف وعاقولا وعين التمر والنعمانية وأبلة والأنبار وهيت وعانة وبقة. قطن المناذرة الأنبار لأنها صحراء ممتدة على طول نهر الفرات لذا فهي غنية بالزراعة وكان سبب هجرتهم هو البحث عن الماء والزراعة. أطلق المناذرة عليها تسمية الأنبار وتعني (مخازن) فقد كانت مخازن كبيرة للتمر والحنطة والشعير ومواد غذائية أخرى. وعدّ الساسانيون الأنبار من أهم المدن في فترة الاحتلال الساساني على العراق، لأنها ذات مركز حربي مهم لحماية العاصمة المدائن من هجمات الروم. وقد غيّر الساسانيون تسمية الأنبار إلى (فيروز سابور). وتذكر بعض المصادر التاريخية أن اليونانيين والرومان كانوا يسمونها (بيرسابورا) وغالبية المؤرخين ينسبون الإمبراطورية الساسانية للفرس لكن المؤرخ الكوردي الدكتور (مهدي كاكه يي) أثبت في بحث منشور له أنهم كورد لا فرس. كوردا كانوا أم فرسا؛ سيطرتهم على الأنبار أدت إلى هجرة قسم من أهل الأنبار شمالاً فأسسوا مدينة الحضر جنوبي الموصل. وفي عهد الخليفة عمر بن الخطاب حرر العرب المسلمون الأنبار من الاحتلال الساساني في معركة ذات العيون على يد خالد بن الوليد عام 12هـ فاستخلف عليها الزبرقان بن بدر. وتذكر المصادر التاريخية أن سعد بن أبي وقاص قد بنى في الأنبار ثالث مسجد في العراق بعد الكوفة والبصرة. ظلت الأنبار ذات أهمية جغرافية وتاريخية ودينية حتى أنشأ الوالي العثماني مدحت باشا مدينة الرمادي عام 1870 فتحولت الأنبار إلى منطقة ليس لها أهمية فالوالي أنشأ الرمادي لغرض إدارة العشائر في المنطقة المحيطة بها، ولذلك ارتحل اهل الانبار الى منطقة الصقلاوية المحاذية للمدينة حيث اصبحت هذه القرية ناحية في زمن الحكومة العثمانية عام 1875 وكانت الفلوجة قرية صغيرة تابعة لناحية الصقلاوية لكن مع نهاية القرن التاسع عشر أصبح العكس فقرية الفلوجة الصغيرة أصبحت هي الناحية والصقلاوية تابعة لها فلقد اتخذها العثمانيون محطة استراحة لهم لقربها من بغداد. ونذكر هنا أن الفلوجة قبل القرن الخامس عشر لم تكن موجودة لكن مع نهاية القرن الخامس عشر تنبه الرحالة الأوربيون (التجار والعلماء وغيرهم) إلى ضرورة جعل الفلوجة محطة لتحويل التجارة النهرية إلى تجارة برية لوجود اعوجاج في نهر الفرات عند الفلوجة، هذا الاعوجاج هو الذي أدى إلى برز أهمية موقع الفلوجة ومع بدايات القرن السادس عشر تم وضع الفلوجة على خارطة طرق الملاحة والتجارة الدولية النهرية والبرية. وكان الفضل الأكبر في اكتشاف الفلوجة للتجار الإيطاليين والإنكليز وكذلك للعانيين الذين كانوا ربابينَ ماهرينَ في قيادة مراكب الأوربيين المتوجهة إلى بغداد ولم يكن الأوربيون يستعينون بغيرهم في قيادة مراكبهم ومن هنا بدأت الهجرة إلى الفلوجة وبُنيت أول بيوت فيها من طابوق الأنبار (الصقلاوية) الأقدم تاريخيا وحضاريا وعمرانيا. وكان أوائل المهاجرين عانيين يليهم الهيتاويون الذين كانوا ماهرين في صناعة القوارب وأهمها الشخاتير والكفف. ثم تبعهم في الهجرة أناس آخرون من مختلف مدن العراق وقراه. جاءت الأنبار عند المؤرخ اليوناني (أميانوس مرسلينوس) أن الأنبار هي ثاني مدينة في العراق بعد مدينة طيسفون (المدائن حاليا أو ما تُعرف بسلمان باك) والثابت تاريخيا أن هنالك مدن في العراق أقدم من مدينة الأنبار لكن لربما كان يعني المؤرخ أنها ثاني مدينة أحتلها الرومان في العراق والراجح أن الأنبار كانت حليفة لمملكة بابل فاليهود الذين سباهم نبوخذ نصر من بيت المقدس كانوا قد حُبسوا في الأنبار وكانت الأنبار حينها وما زالت عربية فقد كانت منزلا لملوك التبابعة وهم (عرب اليمن الأقحاح) ومن أبرز ملوك اليمن الذين سكنوا الأنبار (مالك بن فهم بن غنم بن دوس) و (جذيمة الأبرش) و (عمر بن عدي). وبحسب آثار العهد البابلي فإن الأنبار كانت تسمى (مشيك) أو (مسكن). وتشير بعض المصادر التاريخية إلى أن الأراميين هم أول من سماها (الأنبار). والآراميون هم بدو رحالة اتوا من الجزيرة العربية (حاليا) واستقروا في بابل والأنبار وفي عهد نبوخذ نصر أختلط الآراميون والبابليون فأصبحوا شعبًا واحدًا ولم يعد التفريق بينهما. هذه نبذة يسيرة عن تاريخ الأنبار التابعة إلى ناحية الصقلاوية حاليا وهي مهجورة اليوم كلياً، ومليئة بأكوام من الأنقاض مع أنه يُفترض بمسؤولي المحافظة خاصة ومسؤولي البلاد عامة التنبه إلى أهميتها السياحية والسعي إلى إدراجها على لائحة السياحة الأثرية العالمية فهي تضم كبرى الآثار العربية والمسيحية واليهودية والإسلامية وغيرها من آثار العالم القديم قبل الميلاد وبعده. ولا يُخفى على أحد أن سياحة الآثار هي مورد هام من موارد الدخل لميزانية الدول. عسى أن يلقى تاريخ الأنبار وآثارها اهتمام السيد المسؤول وكذلك اهتمام ذوي الآثار والتاريخ فالغالبية العظمى من أبناء محافظة الأنبار يجهلون هذه المعلومات فما بالكم بغيرهم؟!
14/9/2020
الملك الضليل فريد
1/7/2020
وترجل البطل
27/6/2020
ملائكة تمثلوا ببشر
تنزيل التطبيق
تابعونا على
الأشتراك في القائمة البريدية
Copyright © 2018 Mawazin News Developed by Avesta Group