آراء


حمزة مصطفى

الطيور على "أشكالنا" تقع

02/06/2020

لم تعد الطيور على أشكالها تقع. فمنذ  أن طلع لنا الخفاش الصيني صفح باتت الحياة مع الطيور على الأرض محل نظر.بالإمكان التعايش بالنسبة لنا نحن البشر مع الأسود بمن في ذلك الأسد الهزيل الذي وضعوه في إحدى ساحات مدينة النجف, أو الثعابين أو الفيلة أو التماسيح أوالحمير أو الكلاب خصوصا السائبة منها. لكن الطيور لا. كل الطيور غيرت مساراتها  بدء من الطيور الطايرة التي تغنى بها سعدون جابر أو طير  الحباري لحميد منصور أو طيور عباس بن الأحنف الذي تمنى أن يتبرع أحدها بإعارة جناحه لكي يطير لمن يهوى في مقاربة فنطازية لاتصلح الإ مع أحلام الشعراء الذين تخلى عنهم حتى الغاوون. 
وصلت الطيور الى أعشاشها سالمة بينما بقي بيت عباس بن الأحنف يردده العشاق الخائبون "أسرب القطا هل من يعير جناحه .. لعلي الى من قد هويت أطير" محلقا في فضاء اللغة باحثا عن ناقد يحل الحالة النفسية لشاعرنا الرومانسي الذي لو كان أدرك مواقع التواصل الإجتماعي لما إشترى أجنحة الطيور بفلسين. 
مشكلتنا مع الطيور لم تبدأ اليوم بل من قبل سنين ربما تكون طويلة لكنها في الأقل بدأت من سنوات مع تفشي إنلفونزا الطيور التي تطورت الآن الى أكبر جائحة منذ قرون وهي جائحة كورونا. وبرغم أن الجدل الحالي حول مصدر الوباء أو أسبابه بين الولايات المتحدة الأميركية والصين بات يأخذ بعدا سياسيا ربما يتطور الى "حرب باردة" بينهما لكن كل الدراسات تشير الى أن المتسبب الرئيسي بهذا الوباء هو الخفاش الذي هو من سلسلة طيور برية يتناولها الصينيون كجزء من طعامهم القومي.
وبالمقارنة مع جائحة شبيهة بكورنا تلك هي الأنفلونزا الإسبانية التي حصلت نهاية العقد الأول من القرن العشرين وتسببت بمقتل نحو 50 مليون إنسان وهو ضعف ماقتل خلال الحرب العظمى الأولى, وبرغم إنه لم يثبت إنها بسبب الطيور فإن سرعة إنتشار كورونا تجعل منها الأخطر في حال لم يتمكن العالم من إيجاد علاج لها. إشتغال نظريات المؤامرة بشأن أسباب ومسببات الوباء الحالي وبرغم أن جزء منها لايخلو من الدقة فإنه في مقابل ذلك لايعفي الطيور من المسؤولية. 
ليس هذا فقط فإنه طبقا لآخر تحذير من طبيب عالمي مشهور بأن وباء قادما سببه الطيور يمكن أن يقضي على نصف البشرية يمكن أن يكون مؤشرا على إعلان حرب باردة جديدة لكن هذه المرة ليست بين الولايات المتحدة والإتحاد السوفياتي السابق التي بدأت مع نهاية الحرب العالمية الثانية (1945) وإنتهت مع سقوط جدار برلين (1989) ولا الحرب الباردة الوشيكة بين بكين وواشنطن, بل بيننا نحن البشر وبين الطيور. الوباء المحتمل الجديد مصدره مزارع الدجاج طبقا لما أعلنه هذا الطبيب. وبصرف النظر عن صحة هذا الزعم أو عدمه فإن الطيور التي قضت عمرها تقع على أشكالها غيرت مسالكها وطرق طيرانها وبدأت تسقط علينا أمراضا. 
 ارض الله الواسعة التي كان الشنفرى حاول فيها البحث عما وصفه هو "بمنأى للكريم عن الأذى" وإذا به يجد هذا المنأى في الحيوانات. سيد شنفرى تعال "هسه وشوف حالنا ونحن محجورون وأهلك من سيد عملس وأرقط زهلول وعرفاء جيأل" تسرح وتمرح لكان إكتفيت بطير واحد فقط هو .. طير الوروار.

image image image

آراء من نفس الكاتب


المزيد
image
الرئيسية من نحن الخدمات ارشیف الموسوعة

تنزيل التطبيق

image image

تابعونا على

الأشتراك في القائمة البريدية

Copyright © 2018 Mawazin News Developed by Avesta Group

image

اللائحة

الأقسام