آراء


مازن صاحب

(المجال الحيوي ) في مفاوضات واشنطن وبغداد المقبلة

01/06/2020

يعرف المجال الحيوي بكونه المساحة المطلوبة لضمان الامن الوطني للدولة .. اما كيف واين ومتى ولماذا فهذه تساؤلات استفهامية ربما اختلف فيها كبار الاستراتيجيين ولكني أجد في كاتب ( الوجيز في الحرب) للبروسي كارل فون كلاتوفيتز  عند قوله ( الحرب آخر وسيلة بيد السياسي لاحداث التغيير الذي عجز عن أحداثه بالطرق السلمية) ثم يقول ( عندما تصمت المدافع تعود السياسة للتعامل مع الواقع من حيث انتهت الحرب) .
مثل هذا الكلام  يبدو لاول وهلة حديثا عن الحروب التقليدية وليس الحروب ناعمة للقرن الحادي والعشرين .
لكن السؤال عند كثير من الاستراتيجيين يبقى في توالد الأفكار وان تحولت من نمط إلى اخر ومن أسلوب إلى غيره مناسب اكثر للظروف الواقعية في فنون إدارة العلاقات الاستراتيجية الدولية للإجابة على سؤال مهم واحد ... ما الربح والخسارة في حسابات المجال الحيوي على طاولة المفاوضات ؟؟ 
لم تكن حرب الاحتلال الأمريكي للعراق قادمة من العدم بل وفق تصورات استراتيجية خطط لها  لأسباب مرتبطة بالتخطيط الاستراتيجي الأمريكي .. ولعل ابرزها ما سبق وأن طرحته في أكثر من مقال عن الاستراتيجية الأمريكية للقرن الحادي والعشرين وما نتج عنها في منطقة الشرق الأوسط الكبير من نموذج عرف ب( صفقة القرن) لتدوير المجال الحيوي الاسرائيلي بما يحقق للوبي الصهيوني احد أكبر الإنجازات في مناصرة اسرائيل وضمان امنها الحيوي بتطبيع متعدد الأطراف أجد أن العراق بالتأكيد احدها .
ربما ليس المطلوب أمريكيا من العراق في الخطوات الأولى اكثر من إعادة صياغة العلاقات الاستراتيجية مع واشنطن فقط من خلال مشاريع اقتصادية وامنية تجلب الإستقرار المنشود لدولة وشعب تعبت حد الاعياء من حروب متكررة اكلت من عمره اكثر من أربعة عقود.. لكن المجال الحيوي الاسرائيلي يبقى قائما على عدم اعلان العداوة مع العراق المتفق استراتيجيا مع واشنطن ؛ أفضل حليف دولي لها .. وربما في خطوة لاحقة يبدأ الترانسفير العكسي لاعادة اسكان الفلسطينيين في اقليم الانبار أو الاقليمين الكردي والسني بوجود دعم اقتصادي وامني أمريكي - اسرائيلي  فيما تبقى المناطق الشيعية تعاني ظروفا أصعب من ظروف الحصار في تسعينات القرن الماضي .
هل هذه سيناريوهات مطروحة في المناقشات المتواصلة على الكروبات والتواصل الاجتماعي؟؟ 
الإجابة ..نعم .!!! 
وهذا يعني أن المجال الحيوي العراقي على طاولة المفاوضات المقبلة لا يمتلك هوية وطنية عراقية جامعة شاملة لدعم المفاوض العراقي أمام مفاوض أمريكي يقدم برنامج عمل محدد الموارد بدقة كبيرة  ولعل ما ذكره انتوني كروزدمان في تحديث دراسته عما وصفه بالمفاوضات مع دولة ( اشباح) من دون قدرات امنية على الرغم من وجود موارد بشرية كبيرة بلا كفاءة قتالية متطورة .. ومن دون قدرات اقتصادية على الرغم من ثروة النفط ودولة اشباح سياسية غير قادرة على الاتيان بحلول تطبيقية اجرائية للحكم الرشيد .
التوقع المنتظر أن هذه المفاوضات لن تنته خلال أسابيع أو أشهر قليلة.بل ربما تستمر عاماً أو أكثر  بانتظار متغيرات ظرفية عراقية وامريكية ما بعد انتخابات منتظرة في كلا الدولتين وأيضا متغيرات دولية .. لذلك سيكون الجنرال ( زمن) كعب اخيل لواشنطن التي ربما تحاول إدارة ترامب أن توظف طاولتها كورقة انتخابية فيما لا يحتاج العراق إلى ذلك .
التوقع الآخر أن تكون هناك نتائج مختلفة لمناهج الاحزاب المتصدية للسلطة في الانتخابات البرلمانية المقبلة وربما تكون نهاية العام المقبل وقبل المضي بتوقيع هذا الاتفاق الاستراتيجي  بما يؤثر على مساراتها المستقبلية .
والتوقع الأقرب أن تحاول واشنطن صياغة اتفاق فضفاض تدخل فيه نموذج المصلحة الحيوية للاقليم الكردي وما يمكن أن يكون للاقليم السني وربما بعض القوى الشيعية تتوافق معهما.. ليكون أمام البرلمان الاتحادي مهمة التصويت على ما سبق وأن اتفق عليه في مؤتمرات المعارضة العراقية في صلاح الدين ولندن باشراف أمريكي تحت عنوان قانون تحرير العراق ..وحان اليوم تسديد فاتورة الحساب للراعي الأمريكي !!
كل ما تقدم لا يتجاوز تحديد أهمية المجال الحيوي لقوى المقاومة والممانعة الإسلامية .. لكن السؤال كيف يمكن لهم الاستجابة لما يطرح على طاولة المفاوضات المقبلة واليوم ليس هناك هوية وطنية عراقية جامعة شاملة بامتياز؛ 
ولله في خلقه شؤون!!

image image image

آراء من نفس الكاتب


المزيد
image
الرئيسية من نحن الخدمات ارشیف الموسوعة

تنزيل التطبيق

image image

تابعونا على

الأشتراك في القائمة البريدية

Copyright © 2018 Mawazin News Developed by Avesta Group

image

اللائحة

الأقسام