آراء


محمد عبدالجبار الشبوط

اجراءات عاجلة بنتائج ملموسة

12/05/2020

تلجأُ المجتمعاتُ الى الثورةِ والاحتجاجِ لاسبابٍ اقتصاديةٍ واجتماعيةٍ وعقائديةٍ كثيرة. وجامعُ هذهِ الاسباب سوءُ الاحوالِ المعيشيةِ. ومن مظاهرِ ذلك البطالةُ وتردي مستوى الخدماتِ والفساد الخ. ويعود ذلك الى حصول خلل في المركب الحضاري للمجتمع. ويتألف هذا المركب من خمسة عناصر هي: الانسان والطبيعة والزمن والعلم والعمل. وهذا هو ما اسميه «التخلف». ومن مظاهر الخلل مثلا عدم ادراك الطبقة الحاكمة لحقِ الانسان في الحياة الطيبة الكريمة، وعدم وضوح هذه الكلمة لديها، او عدم ايمانها بضرورتها. ومن مظاهر الخلل تشوه مفهوم العمل بالنسبة 
للغالبية العظمى من القوة العاملة في المجتمع، وعادة ما تتألف هذه القوة من اغلبية شبابية عاطلة عن العمل، ولكنها ترغب بالتوظيف في دوائر الدولة، بدل الانخراط في عمل انتاجي خارج اطار الدولة او الحكومة. 
وحين تظاهر الالوف من الشباب احتجاجا على البطالة وسوء الاوضاع والفساد، ابتداءً من الاول من شهر تشرين الاول الماضي، سارعت الحكومة السابقة الى اتخاذ اجراءات زبائنية لاسترضاء الشباب وذلك بفتح باب التعيين في دوائر الدولة، محملة الخزينة اعباء جديدة  من دون ان توفر الدرجات الوظيفية الجديدة ايرادا اضافيا للدولة والمجتمع. وكان هذا من اواخر اخطاء الطبقة الحاكمة التي لا تملك رؤية حضارية حديثة لبناء الدولة. ذهبت حكومة عادل عبد المهدي، وجاءت حكومة مصطفى الكاظمي، لكن المشكلة ما زالت قائمة، باسبابها العميقة ومظاهرها الخارجية. ولابد من مواصلة البحث عن حلول جذرية او شبه جذرية للمشكلة. ومن هذه الحلول فكرة “المشاريع الذكية” التي طُرحت منذ فترة من قبل عدد من الاشخاص الخبراء والمهتمين مثل عادل شبر وعباس فاضل شماره واخرين، اضافة الى ما طرحته في منشوراتي ومقالاتي الكثيرة حول هذا الموضوع. وتوصف هذه المشاريع بانها “ذكية” لانها تحقق عدة اهداف بضربة واحدة: فهي توفر فرص عمل كثيرة للشباب، وتحقق تحسنا ملموسا بالخدمات، وتحرك السوق، وتعزز من قوة ودور القطاع الخاص، وتصحح الخلل في مفهوم العمل ( وهو احد عناصر المركب الحضاري)، وهي ايضا سريعة الانتاج، اي ذات نتائج ملموسة سريعة. 
والعقبة الاساسية التي يذكرها الناس في مناقشة هذه الفكرة هي مسألة التمويل. وقد طرح الاخ عباس فاضل شماره فكرة استقطاع كمية محددة شهريا من النفط وتخصيصها لتمويل هذه المشاريع. بينما طرح عادل شبر فكرة الاستفادة  من سندات الحكومة الاميركية التي اشتراها العراق من الولايات المتحدة وتبلغ قيمتها 35 مليار دولار (المليار الف مليون). ويمكن التفاوض مع وزارة الخزانة (المالية) الاميركية لاستعادة جزء من هذه المبالغ، وتكليف شركات اميركية او غيرها بتنفيذ المشاريع الذكية ولكن بايدي عاملة عراقية. وتشمل هذه المشاريع تشييد مستوصفات ومدارس ومجمعات سكنية ومزارع وصناعات صغيرة ومتوسطة مختلفة وتبليط طرق الخ. وهذا كله مما يمكن انجازه خلال سنة واحدة من عمر هذه الحكومة. وبالمناسبة، ليس لهذه السندات علاقة بقيمة الدينار العراقي، ولن يؤثر صرف جزء منها على قيمة العملة الوطنية.
وفي هذه الاثناء هناك المشروع الوطني لتشغيل الشباب ومجلس التنمية العراقي اللذان اعلنتهما وزارة التخطيط، وهناك فكرة المشاريع الصغيرة والمتوسطة الممولة من قبل اموال الاهالي غير المستثمرة وغير المودعة في البنوك التي دعوتُ اليها في  مقالات سابقة.
 ويمكن الجمع بين كل هذه الافكار والمقترحات بشكل متزامن وتكاملي خلال السنة الاولى من عمر حكومة الكاظمي. وبها سوف يلمس الجمهور تغييرا كبيرا في نوعية حياتهم ومستواها. وهذا هو الهدف المشترك الذي يأمل الجميع تحقيقه. الامر يحتاج، بطبيعة الحال، الى قرار سياسي تتخذه الحكومة في احد اجتماعاتها القريبة.



image image image

آراء من نفس الكاتب


المزيد
image
الرئيسية من نحن الخدمات ارشیف الموسوعة

تنزيل التطبيق

image image

تابعونا على

الأشتراك في القائمة البريدية

Copyright © 2018 Mawazin News Developed by Avesta Group

image

اللائحة

الأقسام