آراء


حيدر زوير

الزعامة التي لم تغادر مرحلة الحلم

19/09/2018

من هو خميس الخنجر ؟ ليس هذا السؤال هو موضوع المقال لكنه السؤال الذي طرحته على مجموعة كبيرة من السياسيين السنة ؛ و رغم اختلاف الاجابات الا انها في النهاية تصل لمعنى واحد " تاجر" ؛ و هذا العنوان مقدمة جيدة ففي اكبر دول العالم هنالك سياسيون و مسؤولون هم في الأصل تجار او انهم دخلوا السياسة من باب " التجارة " و قد يكون الرئيس الامريكي الحالي دونالد ترامب ابرزهم ؛ و في الوقت ذاته عنوان " التاجر" مقدمة ليست غريبة لمن يسعى لامتلاك عنوان " زعيم" 
خميس الخنجر و بدون الاهتمام بالسيرة الذاتية للرجل واضحة جدا مساعيه ليس من اجل الوصول لمنصب محدد ينتهي بانتهاء دورته القانونية " برلماني ؛ حكومي" بل هذا يشكل تحصيل حاصل للمركز الذي يتحرك باتجاهه ؛ فالرجل يمثل احد اللاعبين في مشهد يتسم بصعود و انخفاض الأسماء بشكل مميز ؛ و المشهد هو " الفضاء السياسي السني في العراق " .. و متعلق بشكل كبير بسياقات الصعود و النزول في هذا المشهد و التي تشكل " الثروة المالية " الدعامة الابرز فيه .
لا املك المعلومات الكافية لحصر كل الاعمال التي تموضعت بمساعي الخنجر لزعامة سنية في لحظة الأفول لأسماء كثيرة تصدرت المشهد بعد عام ٢٠٠٣ خاصة  بعد خيبة دول سنية كانت تدعمها لم تخفي ذلك و تحدث بعض مسؤوليها بالأسماء . لكن وبالصدفة و اثناء تقصي حقيقة ما حصل مؤخرا من محاولة اقالة مجلس محافظة ديالى لمحافظها اتضح ان هنالك تسع اعضاء في الحكومة المحلية لديالى تحركوا بصفتهم اعضاء في " المشروع العربي " الحزب الذي يتزعمه الخنجر ؛ و هؤلاء التسعة انتقلوا للخنجر من " احزاب و تحالفات اخرى " و فعليا نفذوا دور اراده الخنجر بملف يتعلق بمفاوضاته مع الاطراف السنية الاخرى عقب الانتخابات النيابية الاخيرة و هو موضوع سنتحدث عنه بشكل مستقل في وقت اخر ؛ الا ان ما يهمنا هو انتقال ٩ اعضاء في مجلس محافظة ديالى الى " المشروع العربي " و تقاضيهم أموال هنالك من يقول انها انها مقدمة لمبالغ اخرى اذا نجحوا في اقالة محافظ ديالى التميمي ؛ فيما لم ينفي المقربون من الخنجر إعطاء الأموال لكن بصفة " عيدية " و هذه  إن صحت تعني طبيعة استدراج الخنجر للشخصيات السياسية و القائمة على " الشراء" و هو الأسلوب الأكثر رواجا في الفضاء السياسي السني .... و يمكن بالبحث مثلما تم اكتشاف شراء اعضاء في مجلس محافظة ديالى سنجد في محافظات اخرى و في العاصمة ما يشبه ما عرفناه و بشكل مؤكد و بشهادة احد العاملين مع الخنجر .
في انتخابات أيار ٢٠١٨ تحالف الخنجر مع نائب رئيس الجمهورية و زعيم متحدون اسامة النجيفي و الأخير يعد الشخصية السنية الأكثر كاريزمائية بعد افول اسماء سابقة و بهذا عد البعض ان تحالف " الخنجر و النجيفي " بتحالف على اساس طائفي " يشكل ابرز قوى في معادلة الثلاثية السياسية السابقة " الشيعية ؛ السنية ؛ الكردية " رغم ان الشيعة لم يتجمعوا بتحالف واحد بل لم يتشكل تحالف انتخابي من " الشيعة فقط" حتى بتحالف " الفتح" الذي يعبر عن القوى الشيعية المحافظة 
تفرقت الأحزاب الكردية انتخابيا لكن تحالف " الحزبين الكبيرين على اساس قومي " الى جنب احزاب قومية كردية معارضة تجمعت في مقابل الحزبين ؛ و غير " التحالف الطائفي السني للخنجر و النجيفي " كانت هنالك قيادات سنية اعادت صياغة بعض مفردات خطابها و دخلت الانتخابات مع الوطنية بقيادة اياد علاوي الا انها سرعان ما تركته و التحق بالتحالف السني الذي تشكل بعد اعلان النتائج و بتنسيق مع الإيرانيين .
الا ان المشهد السني شهد اقتدار جبهة تمثلت بالقوى الجديدة و المتجددة لجيل يقوده " جمال الكربولي و أخيه محمد الكربولي و الشخصية البارزة محمد الحلبوسي " و هنالك الجبوري احمد " ابو مازن " الذي ينبغي ان يتم التوقف كثيرا عنده و ليس هذا محله بهذا المقال .
الخنجر و النجيفي لم يستطيعا ان يحققا اي مفاجاة انتخابية رغم الجهود الجبارة التي قام بها الخنجر خاصة بإنفاق أموال طائلة في اكثر من محل ؛ بل ان النجيفي تراجع بشكل كبير ؛ الا ان خلاف الأحزاب الشيعية فيما بينها دفعت مصلحة المحافظين منهم لجمع كل الاطراف السنية بتحالف واحد من اجل تسهيل تشكيل النيابية الأكثر عددا ؛ بيد ان دور المبعوث الامريكي ماكورك و ان لم ينجح لكنه استطاع تغيير توجه بعض أطراف هذا المحور من الذهاب بالاتجاه الأيراني .
الخنجر في المحور الوطني أعلن عن ترشيح اسامة النجيفي لمنصب رئاسة مجلس النواب و رغم ان الانتخابات الداخلية للمحور حاز فيها الحلبوسي على ثلثي العدد الا ان تيار " النجيفي الخنجر " لم يقبلوا في بادىء الامر " للاليات المتفق عليها و التي على اساسها  توزع المناصب التي تمنح للمكون السني ؛ و كان سياق الصراع السني يعبر كل يوم بشكل واضح عن جبهتين " الخنجر و النجيفي " من جانب ؛ و القوة التي يمثلها الكرابلة و الحلبوسي من جانب اخر .
استطاع اللاعبون الذين يمكن عدهم بالجدد استنادا الى تاريخهم وفاعليتهم مقارنة بالآخرين ان يقلبوا الطاولة بشكل كبير عبر ذهابهم مع محور الفتح و بدور استثنائي للإيرانيين بإقناع الحزبين الكرديين و انقسام الشيعي ان يظفر ممثل هذه القوى ب١٦٩ صوت في منافسته مع ابرز رموز السنة التقلدييين الذي لم يحصل على ٧٪‏ مما حققه منافسه الشاب 
الخنجر كان جزء من هذه العملية ؛ ليس غريبا فهو قبل جلسة ١٥ أيلول قد أعلن فك تحالفه مع القرار و شارك في جولة اجهاض اعلان الكتلة الأكبر التي اعلن عنها عشية الجلسة الاولى لمجلس النواب الجديد تحالف سائرون و النصر و الحكمة و الوطنية و صارت تلتحق بهم قوائم مختلقة سنية و كردية و منهم النجيفي ؛ و صَل الرجل " اي الخنجر " في تلك الليلة الى بغداد بشكل غريب و حضر في مكان اكثر غرابة ؛ الخنجر في غرفة واحدة الى جنب اكبر زعماء الشيعة السياسيين الذين لا طالما اتهمهم بأنهم أمراء قتل السنة و بأنهم عملاء سفاحين ؛ فيما كانوا يتحدثون هم لجمهورهم انه ابرز رؤوس فتنة انهيار المدن و سقوطها بيد التنظيم الأشد وحشية " داعش" عبر تمويله لحركات مسلحة في غرب و شمال العراق ؛ و دعمه للاحتجاجات و رغم تجنب القيادات الشيعية اعلان لقاءاتها معه ؛ لم يأبهوا في تلك الليلة ان تنشر صور للخنجر و هو يجلس على كرسي مزخرف الى جنب الأسماء الأكثر رمزية في التاريخ الجهادي و السياسي الشيعي .

قد لا يعد التقارب بين الخنجر و قيادات شيعية محافظة غريبا ؛ فهنالك مشتركات ليست بالقليلة ابرزها قرب الخنجر من الاسرة الحاكمة في دولة قطر و كذلك رئيس الجمهورية التركية الاخواني الحليفان للنظام الإيراني ؛ و علاقته بخيرت الشاطر و نجله ابرز قيادات الاخوان المسلمين ؛ الا ان ما لا يمكن إغفاله هو قراءة الخنجر السريعة للمشهد و الهروب من القارب المثقوب و تخليه عن رفيقه النجيفي و دعمه الحلبوسي مع أموال طائلة فقط من اجل ان يذكر بإعلان ترشيح الحلبوسي ان " الخنجر زعيم المحور الوطني " الفقرة التي كتبت و لم تقرأ .

image image image

آراء من نفس الكاتب


المزيد
image
الرئيسية من نحن الخدمات ارشیف الموسوعة

تنزيل التطبيق

image image

تابعونا على

الأشتراك في القائمة البريدية

Copyright © 2018 Mawazin News Developed by Avesta Group

image

اللائحة

الأقسام