آراء


عبدالزهرة الهنداوي

اتفكيك الأزمات.. وصياغة الحلول

15/03/2020

مشكلاتنا (المصائب) لا تأتي فرادى ، انما تأتينا مجتمعة ، ولعل هذا الاجتماع هو الذي يجعل من الصعوبة مواجهتها ، من باب : تأبى (المشكلات) اذا اجتمعن تكسرا .. ، ولذلك فان كل الحلول تذهب بعيدا ، فيما تبقى مشكلاتنا تنمو وتكبر ، مثل كرة الثلج ، عكس ما هو معروف ، ان كل شيء يبدأ صغيرا ثم يكبر ، الا المصائب تبدأ كبيرة ثم تتضاءل حتى تتلاشى !! .. وكلما اعتقدنا اننا تجاوزنا مشكلة من تلك المشاكل ، حتى تفاجئنا مشكلتان او ثلاث او اربع مشكلات تأتينا دفعة واحدة ، فيرتبك الوضع وتتداخل الاوراق وتتلاشى الحلول ، وهنا ، كيف يمكننا ان نفكك المشهد ، لنجزيء المشكلات ، ومن ثم البحث عن الحلول والمعالجات لكل واحدة منها ، الصعوبة في هذا الامر ، تكمن في ان المشكلات تتداخل فيما بينها ، حتى لتبدو كأنها جسم واحد ، (سياسيا ، امنيا ، اقتصاديا ، صحيا ، اجتماعيا" فنحن في الوقت الذي كنا منهمكين في الملف السياسي ، وما وصلت اليه عملية تشكيل الحكومة الانتقالية من نهايات شبه مسدودة ، بعد الاخفاق في تشكيل هذه الحكومة ، وما ترتب على هذا الاخفاق من تداعيات خطيرة ، اقلها الدخول في فراغ تتفيذي ، عزز هذا القلق ، وجود  زوايا حادة قد تعرض العملية السياسية برمتها الى خطر التقطيع ، فوق حواف تلك الزوايا  ، فقبل  ان نفيق من تداعيات الازمة الحكومية ، وبين ليلة وضحاها ، باغتنا "فيروس كورونا" القادم بقوة من الصين ، من دون سابق انذار ، وخلال ايام قلائل تمكن هذا الوافد من تقطيع اوصال الوطن ، وزرع الهلع في النفوس  ، وكأنه (ابو طبر) جديد ، يدخل بيوت الناس خلسة ليقضي عليهم بصمت  ، من دون رحمة ، وهنا قد يكون حالنا اهون مما عليه حال دول اخرى ، اعلنت استسلامها امام كورونا ، على الرغم من صعوبة الظروف التي يواجهها العراق ، بلحاظ ان الرئيس ترامب أعلن حالة الطوارئ في امريكا ، فيما اعتبرت منظمة الصحة العالمية ان اوربا باتت المحور الرئيس لهذا الفيروس الغريب ، وهناك من يتحدث عن انهيار كامل للنظام الصحي في إيطاليا ، وبلدان أخرى ذات أنظمة صحية متطورة جدا ، ولكن  ، ان الذي عقّد  المشهد ، وزاد من مناسيب القلق عندنا  ، هو ذلك الانهيار المفاجيء لاسعار النفط ، متأثرا بانتشار كورونا ، وتراجع مشتريات الصين النفطية وفشل أوبك  في الاتفاق على تخفيض الإنتاج للمحافظة على الأسعار   ،في إطار الحرب   الناعمة غير المعلنة  بين واشنطن وبكين وصراعهما على قيادة العالم سياسيا واقتصاديا  !! ، ومما لاشك فيه ان انخفاضا مفاجئا للاسعار ، في ظل ازمات اخرى سيؤدي الى تداعيات ليست سهلة ، تتطلب اتخاذ اجراءات حازمة وصارمة لتجاوز الأزمة متعددة الرؤوس ، باقل الخسائر ، ومثل هذه الاجراءات تستدعي وجود حكومة قوية ، قادرة على ضبط ايقاع ومسارات الاحداث ، اذن ما العمل ونحن ازاء حكومة مستقيلة ، مهمتها تقتصر على تصريف الاعمال ؟ ، اكيد ، ان الحل يكمن في انهاء حالة التداعي السياسي وتسمية الحكومة الجديدة ، واذا تعذر ذلك ، فالابقاء على الحكومة المستقيلة ، يعد اضعف الايمان ، لتجاوز عنق الازمة ، التي تفاقمت بنحو ملحوظ بعد الاعتداءات  الامريكية  غير المبررة على عدد من المواقع العسكرية والامنية والمدنية في مناطق مختلفة ، مع وجود شكوك وكلام غير مؤكد ان الصواريخ الامريكية التي استهدفت تلك المواقع كانت تحمل موادا جرثومية ، ربما تسبب لنا ازمة او مصيبة جديدة لاتقل خطرا عن "كورونا"، ويأتي العدوان  الامريكي هذا ، في ظل قراءات وتحليلات امنية تحذر من احتمال عودة داعش الى الظهور مرة. اخرى بصيغة مختلفة  !!.. 
إذن نحن ازاء سلة من المشاكل المترابطة مع بعضها ، ما يجعلها ثقيلة الوطأة ، وستكون اثارها وخيمة على الوضع العام في البلد .. وأساس الحل لهذه المشاكل المتحالفة ضدنا ، هو وجود حكومة قوية قادرة على اتخاذ قراراتها ، بما يتناسب وحجم كل مشكلة من المشاكل ، بعيدا عن التأثيرات الخارجية ، والمصالح الفئوية الضيقة ، فعلى الأقل ، تفكيك ،  المشاكل الممكن تفكيكها ، وتاليا توحيد الجهود  ، لمواجهة خطر كورونا ، ومعالجة المشكلة النفطية ، عبر البحث عن حلول تقلل من وطأة هذه المشكلة الكبيرة .، وكل ذلك يستدعي ، تخلي الطبقة السياسية المتصدرة للمشهد ، عن خلافاتها واختلافاتها ، وتقديم مصلحة الوطن والمواطن على كل شيء ، قبل ان تفلت الزمام ، وعند ذلك لات حين مندم ...

image image image

آراء من نفس الكاتب


المزيد
image
الرئيسية من نحن الخدمات ارشیف الموسوعة

تنزيل التطبيق

image image

تابعونا على

الأشتراك في القائمة البريدية

Copyright © 2018 Mawazin News Developed by Avesta Group

image

اللائحة

الأقسام