آراء


حمزة مصطفى

4 "كورونا" وحضيري أبوعزيز

09/03/2020

بعد أزيد من نصف قرن دعا المطرب الراحل  حضيري أبوعزيز الى تغيير قواعد السلام بين الناس. وقتذاك كانت قواعد السلام والمصافحة تبدأ بـ "المطالس" لليدين وتقبيل الوجنتين وتنتهي بإحتكاك  الكتفين. لم تكن ولدت مفردات مثل "هلو" أو  "هاي" أو "باي باي" للوداع بالرغم من وجود أمراض خطيرة كانت تفتك بالعراق ليس أقلها الكوليرا والبلهارزيا والسل. أما الحصبة والجدري فقد كانت "زلاطة" بالقياس الى أمراض أكثر خطورة سواها. والدليل إذا أراد أحد أن يعبر عن رؤية أو موقف حيال شخص ما يقول "يمعود بعد وراه حصبة وجدري".
معظم هذه الأمراض إنتهت أو كادت الإ ماندر بعد أن تطورت حتى في الريف سبل العلاج والوقاية منها. ولعل حملات التطعيم التي تقوم بها الدوائر الصحية المسؤولة مستمرة إن كان على مستوى الولادات الجديدة ضمن مواعيد زمنية دقيقة أوالحملات التي تقوم بها الصحة بين وقت وآخر. وبينما  غادرنا  في العراق منذ عقود سلسلة الأمراض المتوطنة وحتى الوبائية بينما دخلنا حقبة زيادة الأمراض المزمنة مثل الضغط والسكري بسبب ضغوط الحياة, فإن أمراضا خطيرة إنتشرت في العديد من قارات العالم ومنها القارة الأفريقية وفي مقدمتها الأيدز والسارس والأيبولا لم  تصل الينا بفضل  الله لا بفضل تطور نظامنا الصحي والغذائي, لكن ربما بسبب عاداتنا الإجتماعية والطقوسية والإنسانية التي شكلت سياج حماية لنا من تلك الأمراض. من  الأهمية بمكان الإشارة الى أمراض أخرى شغلت العالم  خلال الفترة الماضية وهي سلسلة الإنفلونزات بدء من الطيور الى الخنازير. 
إذا كنت أتحدث عن سقوف زمنية لما أشرت اليه فإنها تبدأ من أربعينيات وخمسينيات القرن الماضي حيث أغنية "سلم علي بطرف عينه وحاجبه" للراحل حضيري أبي عزيز, التي غناها أيضا حسين نعمة ونسبت له طبقا للفيديو الساخر المتداول حاليا والقائل أن منظمة الصحة العالمية إعتمدتها طريقة للمصافحة, مرورا بالسبعينات والثمانينات والتسعينات حيث إنتشار الأمراض الخطيرة التي أشرت اليها والتي تزامنت معها العولمة وثورة الإتصالات وقرونة العالم. 
الجديد في الأمر الآن هو فايروس كورونا المستجد الذي أطلقوا عليه "كوفيد 19" الذي يتميز بسرعة الإنتشار وإنتقال العدوى منذ أول ظهوره في مدينة ووهان بالصين. منظمة الصحة العالمية لاتزال حذرة في تسميته وباء عالميا برغم إنه إنتقل حتى الآن الى عشرات الدول عبر مختلف القارات. المفارقة التي تثير الطرافة والمفارقة معا هي تغيير قواعد السلام بالعالم. ومع أن هناك مشتركات في قواعد السلام وهي المصافحة في الأقل فضلا عن التقبيل فإن فايروس كورونا أجبر دونالد ترمب رئيس أكبر دولة في العالم الإمتناع عن حك وجهه لمدة أسبوع, كما أجبر نائبه عن المصافحة بالكوع بدل اليد. وفي الصين ثاني أكبر قوة إقتصادية في العالم فإن قواعد  المصافحة تغيرت من الأيدي الى الأرجل. أما نحن فلانملك سوى العودة الى مقاربة حضيري أبوعزيز  ومن بعده حسين نعمة في أن يكون السلام بـ "طرف العين والحاجب" مع كل مايترتب على ذلك من مخاطر عشائرية إذا فهم السلام بطريقة خاطئة, مما يجعلنا بحاجة الى قانون للحد من نزاعات المصافحة وهو .. 4 كورونا.

image image image

آراء من نفس الكاتب


المزيد
image
الرئيسية من نحن الخدمات ارشیف الموسوعة

تنزيل التطبيق

image image

تابعونا على

الأشتراك في القائمة البريدية

Copyright © 2018 Mawazin News Developed by Avesta Group

image

اللائحة

الأقسام