آراء


رسل جمال

ثمار الاول من رجب

24/02/2020

اقترابنا من أيام رجب الأصب، وفيه من الروحانية ما تفيض به الكلمات، من الجانب العقائدي اضافة إلى استذكار الأحداث العالقة في الأذهان بهذه الأيام الخالدة، اذ شهد هذا اليوم من (العام ٢٠٠٣) حدثاً اشبه بزلزال غير  مجرى المشهد العراقي، وتوالت بعده الأحداث بشكل سريع٠
شهد العراق اول انفجار لسيارة مفخخة، مثلت أخطبوط البطش و الدكتاتورية وراح ضحيتها سماحة السيد محمد باقر الحكيم، الذي لطالما مثل الكلمة الحرة بكل عنفوانها أمام الظلم، وجبروته، وسطر لوحة خالدة بدمائه الشريفة، وضرب درساً للامة بشهادته، قائلاً لهم ان الوحدة هي خلاصنا الوحيد، وكل من يدعو إلى الفرقة والانقسام والتخندق، لا يمكن ان ننظر له بعين الوطنية الحقة٠
ان الجلوس حول طاولة التفاهمات وإيجاد نقاط الاتفاق، والانطلاق منها كنقاط قوة، أفضل بكثير من التشبث بنقاط الاختلاف والتمسك والتعنت بها، فلا طائل من نزاعات وخلافات جانبية وداخلية، تستنزف الثروات والدماء معاً٠
لقد ترسخ ذلك النفس الوحدوي الذي تمتع به سماحة السيد محمد باقر الحكيم، في مسيرته السياسية والجهادية ويعد من الآباء والمؤسسين للعملية السياسية في تاريخ العراق المعاصر، وبنى أرث قولاً وفعلاً ولم يطلق الشعارات الجوفاء فحسب، ان المبدأ الذي كان يؤمن به هذا الرجل، اشبه ببودقة الوحدة، لانه كان على يقين تام باختلاف المجتمع العراقي، ولم يعمل على إلغاء تلك الاختلافات بل على العكس تماماً، كان يعمل على موائمة تلك الاختلافات كونها سمة من سمات النسيج المجتمعي العراقي٠
فكان ملهما لابناء الوطن من الشرفاء، وانموذج وخير مثال بأصلاح الصدع، ولملمة الشتات والنهوض من جديد بالعراق، ليس من الحكمة ان تتمسك بدفة سفينة تكاد تغرق لان العقل يتوجب علينا ان ننشغل بأصلاح سفينتنا أولاً، لنصل بها إلى بر الامان، ومن ثم نبحث عن قائد امين يقود السفينة،
لم يكن سماحته طالب ومنادي بسلطة او كرسي، اذ كان همه اكبر من ذلك، فهو رجل دولة ومؤسس فكر ومنهج وله برنامج يعمل وفقه، ولا يتنازل عنه ولا يفاوض فيه.
ان غيابه المبكر عن وجه العملية السياسية لم يكن صدفة، لان سماحته كان من اشد المنادين بضرورة التحرر من المحتل، فهو لم يفنى سنين عمره وهو يقارع الطاغية، ليرتضي ان يبقى الوطن بيد الاجنبي!
اكد سماحته إلى حق العراقيين بتأسيس دولتهم، بعيد عن الغرباء وهم الاحق بكتابة دستورهم، وتشكيل حكومة منتخبة، والعيش في وطن حر ومستقل، لا يقوده الا ابناءه بعد سنون العبودية والإذلال، ولعل للأول من رجب ثمار لم نحصد ثمارها ليومنا هذا، وربما هناك مواسم روبية تنتظر العراق بثمار اكثر، لكن لابد من تهيئة التربة المناسبة للفوز بتلك الثمار الناضجة٠

image image image

آراء من نفس الكاتب


المزيد
image
الرئيسية من نحن الخدمات ارشیف الموسوعة

تنزيل التطبيق

image image

تابعونا على

الأشتراك في القائمة البريدية

Copyright © 2018 Mawazin News Developed by Avesta Group

image

اللائحة

الأقسام