كيف يوفر تصدير الغاز إلى مصر الرفاهية لـ"إسرائيل"؟

تقارير |   08:58 - 20/07/2019


بغداد- موازين نيوز
تستمر مساعي دولة الاحتلال الإسرائيلي لتحقيق رؤيتها الساعية للتطبيع الاقتصادي مع الدول العربية، لترسيخ وجودها في الشرق الأوسط والمرور نحو دول العالم الإسلامي، وتعد مصر بوابتها لتحقيق هذه الغاية، منذ توقيع اتفاقية "كامب ديفيد" في سبتمبر 1978.
عملية إعادة ترتيب أوراق المنطقة بعد ثورات الربيع العربي التي قادها الشباب، سنة 2011، سعياً للحرية والاستقلال من سيطرة الأنظمة الشمولية المتسلطة، أتت بالحاكم العسكري عبد الفتاح السيسي إلى مصر، ومحمد بن سلمان في المملكة العربية السعودية، ورسخت حكم محمد بن زايد في الإمارات، وساهمت في فتح الباب على تطبيع علني مع دولة الاحتلال.
وأصبح ما كان يُبحث تحت الطاولة يجري فوقها، وباتت المنطقة على أعتاب مرحلة جديدة تكون فيها "إسرائيل" مقبولةً سياسياً واقتصادياً بعد رفض دام عقوداً طويلة.
وخلال حفل أقيم بمنزل السفير المصري لدى دولة الاحتلال، خالد عزمي، الأربعاء (10 يوليو 2019)، بمناسبة العيد الوطني المصري، قال بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء "الإسرائيلي": إن "إسرائيل تقيم تعاوناً مع مصر في مجالات من شأنها تحسين الرفاهية الاقتصادية لنا، وفي هذه اللحظة بالذات ننفذ مشروعاً تجريبياً حيث يتدفق الغاز الإسرائيلي إلى مصر، على أن تزيد وتيرته بعد أربعة أشهر".
وأضاف: "المشروع ليس ثنائياً فقط، بل يشمل العديد من الاتجاهات والدول في المنطقة".
وخلال الفترة الماضية، كان الرأي العام المصري غائباً تماماً عن الاتفاقات التي تُبرمها قيادته مع دولة الاحتلال، بينما كانت الاتفاقات تحاك في الخفاء دون رقابة تشريعية أو إعلامية، وكان أول كشف عن هذه الاتفاقات جاء من طرف دولة الاحتلال، وعلى لسان نتنياهو نفسه، في 18 فبراير 2018، حيث أعلن أن كيانه وقع اتفاقات لتصدير الغاز إلى مصر بقيمة 15 مليار دولار على مدار عشر سنوات.
وقال في مقطع مصور بثه مكتبه: "إن هذا اليوم هو يوم عيد".
تم الإعلان اليوم عن توقيع اتفاق بين شركتين إسرائيلية ومصرية سيتم بموجبه تصدير الغاز الطبيعي إلى #مصر بقيمة 15 مليار دولار لمدة 10 سنوات.
وقال رئيس الوزراء نتنياهو: "أرحب بهذه الاتفاقية التاريخية. هذا يوم عيد".
وبعد يومين من كشف نتنياهو للصفقة، علّق الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، على الأمر قائلاً باللهجة المصرية الدارجة: "احنا جبنا جون يا مصريين"؛ أي سجلنا هدفاً.
وكشف حينها أن من تعاقد مع الجانب الإسرائيلي هو القطاع الخاص وليس الدولة، وقال بهذا الخصوص: "أنت ما تعرفش شركات القطاع الخاص اللي اشترت الغاز اتكلفت كام، هو فيه حد في قطاع الغاز بيخسر؟ ده هما اشتروا الغاز بشطارة أكتر مننا كدولة".
أين سجل السيسي "الهدف"؟
لا يعرف بالضبط أين سجل الرئيس المصري الهدف الذي تحدث عنه، وفي مرمى من نزل، حيث تستورد بلاده الغاز بسعر السوق العالمي، بحسب معطيات الاتفاقية التي وقعتها شركة "ديليك" الإسرائيلية، مالكة حقلي الغاز "ليفياتان" و"تمار"، في فبراير 2018، مع شركة "دولفينوس" المصرية الخاصة، حيث تقوم الأولى بتوفير 64 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي من دولة الاحتلال لمصر لمدة 10 سنوات، بقيمة 15 مليار دولار.
وحين كانت مصر مصدراً للغاز لا مستورداً وقعت، عام 2005، اتفاقية تصدير الغاز لدولة الاحتلال بمقدار 1.7 مليار متر مكعب سنوياً لمدة 20 عاماً، بثمن يتراوح بين 70 سنتاً و1.5 دولار للمليون وحدة حرارية، بينما كان السعر العالمي آنذاك نحو 3.5 دولار للمليون وحدة حرارية.
عبد الرازق المحلاوي، أستاذ علم الاقتصاد السابق بجامعة الأزهر، تحدث عن أن الهدف الذي سجلته مصر، من وجهة نظر السيسي، قد يكون في إلغاء دعوى التعويضات التي قدمتها "إسرائيل" ضد مصر بعد انهيار اتفاق تصدير الغاز المصري إليها، في أعقاب ثورة يناير 2011.
وأضاف في حديثه لـ"الخليج أونلاين": إن "إسقاط مطالبة إسرائيل بتعويضات قدرها مليارا دولار كان من المكتسبات التي سوّقها وزير البترول المصري، بعد موجة النقد التي عصفت بالشارع المصري بعد الكشف عن الاتفاقية".
كرة خارج المرمى!
وتابع: "لكن الأيام كشفت أن هذا الكلام عارٍ عن الصحة؛ بعد أن توصلت الحكومة إلى اتفاق تدفع بموجبه 500 مليون دولار تعويضاً لهيئة كهرباء إسرائيل، تسدد خلال 8 سنوات ونصف السنة"، مستدركاً: "إذا كان هذا هو الهدف فإني أقول إن الكرة ذهبت خارج المرمى".
واستدرك المحلاوي حديثه بالقول: "الهدف الثاني الذي رشح من كلمة السيسي هو حديثه عن تحول مصر إلى مركز دولي لتصدير الغاز، من خلال استيراده وإعادة إنتاجه ثم تصديره".
وأكد: أن "هذه الخطوة موفقة وفي الطريق الصحيح لو كانت مصر تأخذ الغاز بسعر تفضيلي، كما كان الحال في اتفاقية تصدير الغاز المصري لإسرائيل، في زمن الرئيس حسني مبارك، لكنها تأخذه بسعر السوق، ومن قراءتي الشخصية لبنود الاتفاقية أجد أنها تُلزم الجانب المصري بالاستيراد المتواصل لمدة عشر سنوات مهما كانت الظروف، ويلزمها بدفع تعويضات كبيرة في حال إخلالها بشروط الاتفاقية".
يشار إلى أن اتفاقية تصدير الغاز لدولة الاحتلال، في زمن حكم الرئيس المخلوع حسني مبارك، أثارت حملة احتجاجات كبيرة دفعت عدداً كبيراً من نواب مجلس الشعب المصري حينها إلى الاحتجاج وتقديم طلبات إحاطة، وسط صمت حكومي.
وقضت محكمة القضاء الإداري المصرية بوقف قرار الحكومة بتصدير الغاز الطبيعي إلى دولة الاحتلال، إلا أن الحكومة المصرية قدمت طعناً إلى المحكمة الإدارية العليا لإلغاء الحكم، وهو ما جرى بالفعل.
الهدف مصري والنقطة لـ"إسرائيل"
زيدان خلف، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة باريس، يرى أن اتفاقية مصر لاستيراد الغاز من دولة الاحتلال الإسرائيلي حققت هدفاً في مرمى تركيا، واحتسبت النقطة لصالح "إسرائيل".
وأوضح خلف ذلك في حديثه لـ"الخليج أونلاين" بالقول: إن "تركيا بذلت جهوداً جبارة في سعيها للتحول إلى مركز دولي لنقل الطاقة والاتجار بها، وقد نجحت في توسيع قدرات التخزين لديها في السنوات الأخيرة، من خلال العمل كشريك رئيسي في مشاريع أنابيب الغاز متعددة الجنسيات، من خلال أهم مشروعين؛ هما خط أنابيب الغاز الطبيعي العابر للأناضول "تاناب"، و خط "السيل التركي"، الذي بات من أهم خطوط نقل الغاز في العالم".
وتابع بالقول: إن "الرئيس المصري قال نصاً: نريد أن نكون الجهة التي يعبر من خلالها الغاز لكيلا يذهب هذا المكسب إلى دول أخرى، وهو يقصد تركيا بإجماع المراقبين".
خلف أشار إلى أن "إضعاف تركيا لا يمكن أن يكون بحال من الأحوال لصالح مصر. يمكن أن يكون لصالح النظام الحالي بسبب موقف تركيا من الانقلاب، لكنه لن يحقق لمصر كدولة أي منفعة، لذلك فالنقطة هذه تسجل لصالح إسرائيل، التي تسعى لإضعاف تركيا بسبب مواقف الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، وورقة الاقتصاد باتت بيد داعمي إسرائيل لإحداث تغيير في تركيا، وهو ما نشهد تداعياته منذ منتصف العام الماضي".
يذكر أن نتنياهو امتدح الرئيس المصري، خلال كلمته في حفل السفارة المصرية بتل أبيب، وقال: إن "الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي صديقي العزيز، وفي لقاءاتي معه فوجئت بحكمته وذكائه وشجاعته".
وأضاف: "خلال لقاءاتي بالرئيس السيسي أخذت انطباعاً رائعاً ليس من زعامته فحسب، وإنما من ذكائه أيضاً، وقد حصلت منه على العديد من الأفكار المفيدة بشأن نوع التحدي الذي نواجهه، كما ناقشنا معاً طرق مواجهة تلك التحديات على أحسن نحو".انتهى/29ق


اخبار ذات الصلة

image image image
image
الرئيسية من نحن الخدمات ارشیف الموسوعة

تنزيل التطبيق

image image

تابعونا على

الأشتراك في القائمة البريدية

Copyright © 2018 Mawazin News Developed by Avesta Group

image

اللائحة

الأقسام