أجواء حرب العراق تعود مجددا إلى الخليج

سياسية |   07:44 - 21/05/2019


بغداد- موازين نيوز
حملت الأيام الماضية، منذ مطلع مايو (أيار) وحتى الآن، الكثير من التصريحات، بل والتحركات الأميركية، حول التهديد الإيراني في المنطقة، بشكل يعيد للأذهان في الشارع العراقي تلك الأشهر التي سبقت الغزو الأميركي للعراق في مارس (أذار) 2003.
الشواهد الحالية والتصريحات المتبادلة بين إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، والنظام الإيراني، تشبه كثيرا فترة ما قبل غزو العراق، ناهيك بالسبب الذي يتعلق بردع تطوير أسلحة من شأنها تهديد المنطقة ككل. فبغض النظر عن فشل إثبات الادّعاء الأميركي بشأن امتلاك نظام الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين أسلحة دمار شامل، لكن ما أشبه اليوم بالبارحة، فالتشابهات عديدة، ففي حين كانت أسلحة الدمار الشامل وراء الغزو في 2003، فالأسلحة النووية اليوم تقف وراء طبول الحرب التي تتعالى أصواتها داخل المنطقة.
النزاع حول برنامج الأسلحة
بدأ مشهد التوتر الأميركي قبيل الغزو بسنوات عديدة، إذ انتهت حرب الخليج الثانية تاركة العراق خاضعاً لعقوبات الأمم المتحدة وعمليات التفتيش على الأسلحة للبحث عن أسلحة الدمار الشامل (البيولوجية والكيمياوية والنووية)، حيث استمرت الخلافات حول وصول المفتشين إلى المنشآت العراقية لسنوات، حتى أن الولايات المتحدة وبريطانيا وجّها ضربة عسكرية جويّة على العراق في 16 ديسمبر (كانون الأول) 1998، استمرت لمدة أربعة أيام، سُميت بـ"ثعلب الصحراء"، بسبب ما وصفته الدولتان بعدم تعاون العراق مع مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
في 29 يناير (كانون الثاني) 2002، وفي خضم الحرب الأميركية في أفغانستان التي اشتعلت في أعقاب هجمات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) 2001، وصف الرئيس الأميركي، جورج دبليو بوش، آنذاك، العراق جنبا إلى جنب مع إيران وكوريا الشمالية، كجزء من "محور الشر"، خلال خطاب حالة الاتّحاد. وهو ما يشير إلى ترسّخ إيران في العقلية السياسية الأميركية كأحد أطراف الشر التي تمثل تهديدا للولايات المتحدة، ومثلما لم تقتنع الإدارات الأميركية السابقة بأن صدام حسين لا يمتلك أسلحة دمار شامل، لم يقتنع الرئيس الأميركي الحالي بأن الاتفاق النووي، الذي عقدته قوى دولية مع إيران في 2015، كفيلٌ بمنعها من إنتاج أسلحة نووية، بل يراه "صفقة سيئة ضمنت النقيض".
في سبتمبر (أيلول) 2002، وجّه بوش، من منصة الجمعية العامة للأمم المتحدة، تحذيرا مباشرا بشنّ عمل عسكري ضد العراق ما لم تمتثل لقرارات الأمم المتحدة بشأن نزع السلاح، وأعدّت المملكة المتحدة ملفاً بشأن التهديد الذي يشكله العراق تضمّن مزاعم بأن صدام حسين لديه أسلحة دمار شامل يمكن أن يستخدمها في دقائق.
وبينما يمتنع الرئيس دونالد ترمب عن الحديث حول حربٍ ما مع إيران، وتأتي تصريحاته على النقيض، غير أنه يستخدم ضغوطاً من نوع آخر، وهي العقوبات الاقتصادية التي استهدفت شلّ صادرات النفط الإيراني لإرغامها على إعادة التفاوض حول الملف النووي لكن بشروط أميركية، مما نتج عنه غضب إيراني وصل إلى التهديد بغلق مضيق هرمز وصولا إلى إعلان انسحابها من بعض بنود الاتّفاق النووي.
تمويل الإرهاب
تعاملت اللجنة الوطنية المختصة بالهجمات الإرهابية على الولايات المتحدة، والتي تُعرف بـ"لجنة 11 سبتمبر"، مع صدام حسين على أنه داعم للإرهاب. وبحسب ورقة بحثية لمركز العلاقات الدولية بجامعة ليسستر، كشفت جوديث يافي، باحثة زميلة متخصصة في شؤون الشرق الأوسط لدى معهد الدراسات الاستراتيجية الوطنية INSS، والتي عملت محللة لدى الاستخبارات الأميركية طيلة 20 عاما، عن مضمون شهادتها أمام اللجنة في يوليو (تموز) 2003، والتي تركزت على "دور وأفعال العراق كدولة راعية للإرهاب تحت سيطرة صدام حسين. وكيف كان العراق في عهد صدام راعياً رئيسياً للإرهاب الدولي".
ويتابع "على الرغم من التقارير العديدة التي أكدت عدم وجود علاقة بين صدام وتنظيم القاعدة، إلا أنه كان على صلات بجماعات إرهابية أخرى كان يتسامح معها على الأراضي العراقية، حيث كانت تلقى تدريباً وتجهيزاً ودعماً. ووفقا لمجلس العلاقات الخارجية الأميركية، دعّم صدام تلك الجماعات التي يمكن أن تؤذي خصومه الإقليميين، بما في ذلك جماعة (مجهادي خلق) الإيرانية المعارضة، واستضاف العراق العديد من الجماعات الفلسطينية التي تعارض السلام مع إسرائيل، بما في ذلك منظمة (أبو نضال)، التي تم العثور على زعيمها أبو نضال ميتاً في بغداد في أغسطس (آب) 2002".
جون بولتون
هناك رابط يطرح نفسه بقوة بين غزو العراق 2003 وأجواء التوتر الحالية مع طهران، ألا وهو مستشار الأمن القومي، جون بولتون، وهو من الصقور المحافظين الذين يفضّلون الخيارات الراديكالية في التعامل مع قضايا السياسة الخارجية. تعود تسمية "محور الشر"، التي استخدمها بوش في وصف "العراق وإيران وكوريا الشمالية" إلى بولتون الذي كان آنذاك وكيل وزارة الخارجية الأميركية، وهو نفسه الذي خرج، قبل أسبوع، متحدثا عن التهديد الإيراني ليعلن عن إرسال حاملة الطائرات "يو إس إس أبراهام لينكولن" إلى المنطقة، بدلا من أن يقوم بذلك القائم بأعمال وزير الدفاع باتريك شاناهان.
واللافت أن "يو إس إس أبراهام لينكولن" هي نفسها السفينة التي وقف دبليو بوش على متنها في 1 مايو (أيار) 2003، معلنا نجاح مهمة الإطاحة بنظام صدام حسين، وقد علقت عليها لافتة تقول "المهمة أنجزت"، ظهرت في الخلفية وراء الرئيس الأميركي.
ويلاحظ مراقبون أميركيون تحدثوا لمجلة "فورين بوليسي"، الأميركية المقرّبة من الدوائر السياسية في الولايات المتحدة، أن "بولتون ربما يكون واحدا من أوجه التشابه مع الفترة التي سبقت غزو العراق عام 2003".  وقالت المجلة إن "دور بولتون في الإعلان عن نشر الحاملة الأميركية فاجأ بعض مسؤولي الأمن القومي في واشنطن، فلم يسمع أحدهم أبداً عن حدوث ذلك في أي وقت مضى".
ويقول جريج ثيلمان، وهو مسؤول استخباراتي سابق رفيع لدى وزارة الخارجية الأميركية وكان يعمل تحت قيادة بولتون واشتبك معه قبل الغزو الأميركي للعراق "هناك أوجه تشابه كبيرة مع العراق، عندما كان العراق، تحت الضغط، سمح لمفتشي الأمم المتحدة بالدخول وفكّك صواريخه، ولم يحدث أي فرق على الإطلاق. أظن أن هذا بالضبط ما سيحدث الآن، لقد كانت إيران تتصرف بحذر إلى حد ما بما يتوافق مع الاتفاق النووي. الولايات المتحدة هي التي لم تمتثل". وأضاف "يبدو لي هذا كجهد واضح لإثارة هجوم من قبل الإيرانيين. هناك أوجه تشابه واسعة مع العراق".انتهى29/ح


اخبار ذات الصلة

image image image
image
الرئيسية من نحن الخدمات ارشیف الموسوعة

تنزيل التطبيق

image image

تابعونا على

الأشتراك في القائمة البريدية

Copyright © 2018 Mawazin News Developed by Avesta Group

image

اللائحة

الأقسام