إرث داعش عبء على آلاف العائلات العراقية.. أرامل وزوجات يرون قصصهن

تقارير |   08:51 - 25/04/2019


بغداد - موازين نيوز
عندما استغنى أحمد خليل عن عمله كسائق سيارة في مدينة الموصل العراقية قبل ثلاث سنوات، انضم إلى قوة الشرطة التابعة لتنظيم داعش ظناً منه أن مرتبه سيساعد في الحفاظ على أسرته المتعثرة. لكن الأمر انتهى به إلى ترك "إرث" يفوق عمله وحياته.
في الموصل وأماكن أخرى من العراق، تواجه آلاف العوائل، من ضمنها أرملة أحمد خليل وأطفاله، تمييزاً ساحقاً لأن أقاربهم ينظرون إليهم على أنهم كانوا ينتمون أو يدعمون تنظيم داعش عندما كان المتطرفون يسيطرون على مساحات شاسعة من البلاد.
الزوجات والأرامل والأطفال أنكرهم أقاربهم وتخلت عنهم الدولة: رُفض تسجيل الولادات لنساء يشتبه بأن أزواجهن في تنظيم داعش، والمدارس ترفض تسجيلهم فيها. الأمهات يحرمن من المساعدات الإنسانية والمخاتير (المسؤولون عن الأحياء السكنية) يرفضون السماح لهم بالانتقال إلى أحيائهم.
اختفت الآن "دولة" داعش التي كانت تمتد ذات يوم لتسيطر على ثلث كل من العراق وسوريا، لكن العراق يكافح الآن لإعادة البناء بعد إلحاق الهزيمة بالمتطرفين، لكن الأعمال الوحشية والدمار الذي خلفه التنظيم أحدث ندوبا عميقة.
تقول صفاء أحمد خليل، ابنة خليل البالغة من العمر 11 عاماً: "يقولون لي إن والدي كان داعشيا، إنه أمر يؤلمني".
لم يفعل العراق سوى القليل للبحث بأمر عشرات الآلاف من الرجال من أمثال أحمد خليل الذين انضموا عن طيب خاطر أو بالقوة إلى داعش خلال فترة سيطرته من عام 2013 وحتى عام 2017. وبدلا من ذلك، تعاقب البيروقراطية والمجتمع العوائل على أفعال أقاربهم في زمن الحرب.
قُتل أحمد خليل في غارة جوية على الموصل في شباط 2017 خلال الحملة التي شنت لاستعادة المدينة التي سيطر عليها تنظيم داعش عام 2014. حُررت الموصل في تموز 2017 بتكلفة هائلة. يُعتقد أن نحو 10 آلاف شخص من سكانها قتلوا في الهجوم، والأحياء التاريخية من المدينة في حالة خراب الآن.
غادرت أرملته، أم يوسف، وأطفالها السبعة ليواجهوا عار انتماء الوالد للتنظيم المتطرف. فهي لا تستطيع الحصول على مساعدة اجتماعية، ويطرد ابنها المراهق، عمر، من أي عمل يلتحق به.
يعيشون في مدرسة مهجورة، ويقتاتون على ما يمكنهم بيعه من الخبز في شوارع المدينة المدمرة.
يذهب ثلاثة أطفال منهم فقط إلى المدرسة، فأكبر شقيقين تركا التعليم بسبب تسلط والدهما، ولا يستطيع أصغرهما الالتحاق بمدرسة لأن مكتب السجل المدني لن يصدر بطاقات هوية لهما. وتقول أم يوسف: "نعم، ارتكب والدهم خطأ. لكن لماذا يعاقب هؤلاء الأطفال بسبب ما اقترفته يداه؟".
وبموجب قوانين الأحوال المدنية العراقية، يحتاج الطفل إلى اسم أبيه للحصول على شهادة ميلاد وبطاقة هوية، وذلك للتسجيل في مدرسة، وللتمتع بحق الجنسية، وللاستفادة من استحقاقات الرعاية والميراث.
لكن في مرحلة ما بعد تنظيم داعش، تشمل جميع الإجراءات البيروقراطية تقريباً فحصا أمنيا للأقارب الرجال الذكور، ما يزيد من إحباط أمهات وأطفال من عملوا مع داعش.
وذكر تقرير للأمم المتحدة هذا العام أن ما يقدر بحوالي 45 ألف طفل لا يحملون وثائق هوية بالعراق. ويقول قضاة ومنظمات حقوقية دولية إن ثمة حاجة لقرار عراقي عاجل، وإلا ستخاطر الدولة بنشوء جيل من الأطفال دون وثائق هوية أو تعليم.
وفي هذا السياق قال توم بيري كوستا، المتحدث باسم المجلس النرويجي للاجئين، الذي يقدم مساعدة قانونية لأمهات الموصل اللواتي يكافحن من أجل الحصول على وثائق هوية لأطفالهن: "بمعاقبة أسر بأكملها، يقوض تهميشهم جهود المصالحة في العراق بشكل خطير".
وفي "مدرسة العراقية" غرب الموصل، وهي واحدة من أولى المدارس التي أعيد فتحها في 2017، يقول مدير المدرسة خالد محمد إنه يواجه ضغوطات من المجتمع لرفض التحاق الأطفال الذين يقبع آباؤهم في السجن أو إذا كانوا مفقودين، وهو غياب يفسره كثيرون كدليل على الانتماء لتنظيم داعش. ويضيف: "إذا تقدم أحد بشكوى وأرسل شخص للتحقيق، فقد أفقد وظيفتي".
في مكتب قانوني وعيادة مدعومين من المجلس النرويجي للاجئين، كانت نور أحمد تبحث عن وسيلة للمطالبة بالحضانة القانونية لابنها الأصغر سنا غير المسجل، من أجل الحصول على المساعدات الغذائية والوقود للعائلة.
وقالت إن زوجها خطفته قبل سنتين في الموصل مجموعة والذين اعتقدوا على الأرجح أنه عضو في تنظيم داعش. وتصر نور على أنه لم يكن كذلك. وهو في عداد المفقودين حتى يومنا هذا.
ولد ابنها في عام 2016 في مستشفى يديره تنظيم داعش، وحصل ابنهما على شهادة ميلاد موثقة من التنظيم. وبما أن العراق لا يعترف بوثائق التنظيم، فإن الطفل البالغ من العمر ثلاثة أعوام ليس لديه أم أو أب قانونا.
أبلغت نور أنها بحاجة للعثور على زوجها لإعادة تسجيل ميلاد ابنها. إذا قدمت بلاغا عن شخص مفقود، فسوف يثير ذلك أسئلة حول نسب الطفل، مما يعرض حقه في الجنسية للخطر. وقال نور: "أريد أن أجده فحسب".
من جهته، قال عدنان شلبي هو قاضي محكمة استئناف، إنه ينظر في أكثر من 12 قضية كل يوم تتعلق بالوثائق المدنية، والتي تخص إلى حد كبير زوجات أو أرامل أو مطلقات لمشتبهين بأنهم من التنظيم. وقال إنه دون تغيير القانون أولا فلا يوجد الكثير مما يمكنه عمله للمساعدة. وأضاف: "سيطر داعش على المدينة لمدة ثلاثة أعوام. هل توقف الناس عن الزواج والطلاق وإنجاب الأطفال خلال هذه الأعوام الثلاثة؟.. نحن بحاجة إلى حل تشريعي".
من جهته، أكد رئيس البرلمان محمد الحلبوسي أن هناك رغبة لتغيير قوانين الأسرة والميراث، رغم وجود اقتراح بفتح السجلات المدنية لفترة محدودة لتسجيل الأطفال غير المسجلين. وأضاف: "هذه العائلات بحاجة إلى الرعاية. لا يمكن تركها لتذوب في المجتمع".
وخارج مسجد في الموصل، حيث كانت أم يوسف تبيع الخبز مع أطفالها، قالت الأرملة الأم لسبعة أطفال إنها تفقد قوتها لرعاية أسرتها. وختمت: "نحن محرومون من كل شيء.. تم تدمير الأسرة بأكملها".انتهى29/أ43


اخبار ذات الصلة

image image image
image
الرئيسية من نحن الخدمات ارشیف الموسوعة

تنزيل التطبيق

image image

تابعونا على

الأشتراك في القائمة البريدية

Copyright © 2018 Mawazin News Developed by Avesta Group

image

اللائحة

الأقسام