تحليل: بيع احتياطي الذهب لن يحل المشاكل المالية للدول!

تقارير |   03:15 - 17/02/2019


متابعة - موازين نيوز
هل يمكن أن تحل مشاكلك المالية الشخصية عبر البحث عن العملات المعدنية البسيطة المفقودة أسفل الأريكة في منزلك؟، إذا كنت تعتقد بسخف هذه الفكرة فإن الأمر يشبه الوضع في فنزويلا وإيطاليا حالياً.
ويشير تحليل نشرته وكالة "بلومبرج فيو" إلى أن هذا تقريباً ما يفكر فيه السياسيين في فنزويلا وإيطاليا في الوقت الراهن.
وباعت فنزويلا بالفعل في العام الماضي 40% من احتياطاتها من الذهب وذلك من أجل تمويل إنفاق الحكومة ومدفوعات السندات، بحسب برلماني معارض.
وإيطاليا أيضاً تورطت في جدل مماثل في الشهر الجاري، بعد أن أعلنت صحيفة "لاستمبال" أن الحكومة كانت تفكر في بيع جزء من احتياطاتها من الذهب لدعم الموازنة وهو تفسير للقانون المقترح الذي تم رفضه، ولكن مع ذلك فأن ماتيو سالفيني نائب رئيس الوزراء وصف الفكرة بأنها مثيرة للاهتمام.
ومن المؤكد أن البنك المركزي في الدولتين يمتلك ذهباً أكثر من حاجته، حيث أن حوالي 77% من أصول الاحتياطي الأجنبي لدولة فنزويلا يتألف من الذهب، وهي حصة أعلى من أي اقتصاد كبير أخر.
وبعد فنزويلا تأتي الولايات المتحدة وألمانيا وطاجيكستان فقط في قائمة الدول التي الأعلى من حيث حصة الذهب في ميزانية البنك المركزي، ثم تأتي إيطاليا بـ66%.
ويعد ذلك بعد طرق حدثاً تاريخياً، فمنذ نهاية عصر قاعدة الذهب (إمكانية تحويل الدولار إلى ذهب) لم تعد هناك حاجة كبيرة بالنسبة للبنوك المركزية لامتلاك الذهب بأكثر من 9% من إجمالي احتياطتها، مثلما هو الحال بالنسبة للصين وسويسرا واليابان وبريطانيا واقتصاديات كبرى أخرى.
وامتلاك حصة كبيرة من الاحتياطيات من المعدن الأصفر يمكن أن يجعل البنوك المركزية أكثر عرضة لتقلبات أسعار الذهب، وذلك على النقيض من محفظة تضم عدد من العملات وحقوق السحب الخاصة لصندوق النقد.
وبالإضافة إلى ذلك فإن الذهب مكلف في تخزينه وتداوله مقارنة بالأوراق النقدية والودائع، كما أنه بعكس السندات الحكومية الأجنبية لا يوفر أي عائد.
ونتيجة لذلك فإن السبب الرئيسي وراء حيازة الذهب هو أنه يميل لجذب الطلب على الأصول الآمنة في أوقات الأزمات، ونتيجة لهذا السلوك المعاكس للدورة الاقتصادية فإن الاحتفاظ بالقليل من المعدن يمكن أن يخفض تقلب المحفظة الاستثمارية.
لكن الاحتفاظ بالكثير من الذهب في المحفظة الاستثمارية يمكن أن يتسبب في تأثير معاكس، مثلما حدث وقت تراجع سعر الذهب المقوم بالدولار بنحو 28% في عام 2013.

إذن لماذا لا نبيع احتياطي الذهب؟
تتمثل إحدى المشكلات في أن البيع لن يحدث فرقًا كبيرًا، ويبلغ العجز في موازنة إيطالياعلى مدار إثني عشر شهراً نحو 44 مليار يورو (50 مليار دولار)، ويعادل ذلك حوالي 1180 طن متري من الذهب بالأسعار الحالية، أي أقل بقليل من نصف إجمالي حيازة بنك إيطاليا من المعدن أو ثلث إجمالي احتياطاتها الأجنبية.
ولا أحد يقترح حتى الآن أن تسد إيطاليا كل عجز الموازنة عبر بيع الذهب، لكن الأرقام توضح كيف أن احتياطي البنك المركزي من الذهب يمكن أن ينتهي سريعاً.
كما أن قيام رابع أكبر حائز للذهب من المحتمل أن يكون له تأثيره الخاص على السوق.
والأدلة التاريخية تثبت ذلك، حينما قام ملك مالي "مانسا موسى" بتحطيم سوق الذهب في الشرق الأوسط وتسبّب بموجة تضخم عندما مر في رحلة حج إلى مكة في القرن الرابع عشر، لينفق في طريقه بسخاء من ربح مناجم المعدن في غرب افريقيا.
وحدث نفس الشيء على نطاق أصغر في أواخر التسعينات عندما قرر بنك إنجلترا والبنك الوطني السويسري خفض حيازتهما من الذهب، ما ساعد على دفع الذهب إلى أدنى مستوى له على مدار عدة عقود عند 252.55 دولار للأوقية، ودفع البنوك المركزية الأوروبية إلى توقيع اتفاق لمدة خمس سنوات يحد من مبيعاتها بما لا يزيد عن 400 طن سنوياً.
والبنوك المركزية تمتلك نحو نحو سُدس الذهب في العالم، ما يعطي تحركاتها أثرا كبيرا على الأسعار، وأي شخص سيسعى نحو بيع احتياطي إيطاليا من الذهب سيجد أن السبائك والقطع المعدنية تساوي أقل كثيراً مما كانت عليه.
أما القضية الأكبر فهي ما يعنيه ذلك بالنسبة لديون إيطاليا المتبقية التي تبلغ 2.3 تريليون يورو.
وفي الهند واجه البنك المركزي ضغوطًا من الحكومة لاستخدام احتياطاتها الأجنبية لدعم الموازنة، وكما جادل نائب محافظ بنك الهند فيرال أتشاريا في العام الماضي فإن مثل هذه التحركات من قبل الحكومة يمكن أن تؤدي إلى "إعادة تقييم خطيرة لمخاطرها السيادية".
وهذا في نهاية المطاف يتم ترجمته إلى مدفوعات فائدة أعلى، ما يلغي أي فائدة على المدى القصير من استخدام الذهب لدعم الموازنة.
ومن المؤكد أن التقشف المفروض على إيطاليا من خلال القيود المفروضة في منطقة اليورو هو أمر محبط ويضر الاقتصاد الذي دخل للتو حالة الركود الثالثة خلال عقد من الزمن.
ولكن تجربة فنزويلا وهي دولة ربطت ثروتها بالذهب، يجب أن تكون مؤشر تحذيري من أن الأصول الاحتياطية للبنك المركزي ليست " حافظة نقود لا نهاية لها".انتهى29/6ن


اخبار ذات الصلة

image image image
image
الرئيسية من نحن الخدمات ارشیف الموسوعة

تنزيل التطبيق

image image

تابعونا على

الأشتراك في القائمة البريدية

Copyright © 2018 Mawazin News Developed by Avesta Group

image

اللائحة

الأقسام