فشل اليورو في منافسة هيمنة الدولار ينقذ أوروبا

تقارير |   04:06 - 14/02/2019


متابعة – موازين نيوز
منذ أكثر من عشرين عام حينما ظهرت العملة الأوروبية الموحدة كانت أكثر التوقعات تشير إلى أن العملة قد تنافس الدولار الأمريكي على عرش عملات الاحتياط الدولية، لكن هذا الأمل فشل في التحول إلى واقع.
ويشير تحليل نشره موقع "بروجيكت ساينديكيت" إلى أن أهمية اليورو في الاحتياطيات العالمية والأسواق المالية اليوم هي نفس ما كانت عليه منذ عقدين ماضيين حينما تم استبدال اليورو بالمارك الألماني وعشر عملات محلية أخرى.
ولكن عادة الأمل يظل موجوداً للنهاية، ومن هذا المنطلق فإن المفوضية الأوروبية نشرت مؤخراً وثيقة بعنوان "تجاه دور عالمي أقوى لليورو"، والمفوضية مثل صناع السياسة النقدية ترى عبر تلك الدراسة أن منطقة اليورو ستستفيد في حالة أن لعبت العملة الأوروبية الموحدة دوراً عالمياً أكبر، لكن هذا ليس حقيقي بالضرورة.
وأحد هذه الفوائد المفترضة يتمثل في الاستخدام الواسع لأوراق اليورو النقدية خارج منطقة العملة الأوروبية الموحدة.
وبحسب هذا المقياس على الأقل فإن العملة الأوروبية الموحدة لديها نجاح كبير، فالعملة قيد التداول زادت بأكثر من الضعف على مدار السنوات الـ20 الماضية، وذلك على صعيد القيمة المطلقة والنسبة المئوية من الناتج الإجمالي المحلي لمنطقة اليورو.
وفي الوقت الحالي تبلغ القيمة الإجمالية لليورو قيد التداول مستوى 1.2 تريليون يورو (1.3 تريليون دولار)، وعلاوة على ذلك فإن التقديرات تشير إلى أنه يتم استخدام جزء كبير من النقد باليورو خارج منطقة اليورو.
ولكن اقتصاديات إصدار الأوراق النقدية (البنكنوت) تغيرت، فالإصدار قديماً كان عملاً مربحاً للبنوك المركزية لأن يمكنهم استثمار العائدات في سندات الحكومة مع الحصول على مردود وافر.
ومع معدلات فائدة عند 5% و1.2 تريليون يورو أوراق نقدية متداولة فإن المركزي الأوروبي كان يمكنه خلق إيرادات تُقدر بـ60 مليار دولار سنوياً، وعلى الرغم من صغر حجمه مقارنة بالناتج المحلي الإجمالي لمنطقة اليورو البالغ 10 تريليون يورو، فإن هذا المبلغ يعادل ما يقرب من نصف ميزانية الاتحاد الأوروبي.
ولكن مع معدلات الفائدة السالبة في الوقت الحالي فإن إصدار العملة لم يعد أمراً مربحاً، ومن المحتمل أن يكون ذلك أحد الأسباب وراء توقف المركزي الأوروبي عند إصدار العملة فئة 500 يورو، والتي تستخدم أيضاً للتعامل في الأنشطة غير القانونية، مع حقيقة أن توفير أداة سهلة للمعاملات غير الشرعية في الخارج لا يجب اعتباره بمثابة ميزة للعملة الأوروبية الموحدة.
أما الحجة الأخرى بشأن ضرورة امتلاك عملة احتياطي عالمية هي أن الاقتراض الخارجي يصبح أرخص، ويعد ذلك هو "الامتياز الباهظ" الذي وصف به فاليري جيسكار ديستان وزير مالية فرنسا الأسبق الدولار الأمريكي، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة تتمتع بمميزات ناتجة عن وضع الدولار كعملة الاحتياطي الرئيسية في العالم.
ولكن في حين أن إصدار الديون المقومة بالدولار ميزة مهمة للولايات المتحدة (أكبر مدين في العالم)، فإن منطقة اليورو تمتلك مركزاً دائناً.
ومع ارتفاع أسعار الفائدة الحقيقية من حيث القيمة الدولارية، سيكون من الأفضل أن تكون الأصول الخارجية لمنطقة اليورو مقومة بالدولار أكثر منها باليورو.
وعلاوة على ذلك فإن عواقب أن تصبح عملة ارتكاز رئيسية قد تكون إشكالية على وجه الخصوص بالنسبة لليورو، ولحسن الحظ فإن الدول التي تربط عملتها باليورو لديها وزن اقتصادي بسيط.
وعلى سبيل المثال تخيل أن الصين تتجه لربط عملتها باليورو بدلاً من الدولار، فإن السطات الصينية حينها ستقرر سعر صرف اليورو مقابل الدولار (عملة أكبر شريك تجاري للاتحاد الأوروبي والمنافس أيضاً)، ما يعني أن التحول لعملة ارتكاز يمكن أن ينطوي على فقدان السيطرة.
وصحيح أن هناك أسباب أخرى تجعل من مصلحة أوروبا أن يلعب اليورو دولاراً عالمياً أكبر، وعلى سبيل المثال فإن تطبيق العقوبات الأمريكية على دول أخرى يجعل الشركات الأوروبية تعاني لتعزيز التجارة مع إيران، لأن معظم التجارة الدولية لإيران يتم تسعيرها بالدولار.
ولكن قدرة الولايات المتحدة على تطبيق العقوبات بشكل واسع هو في الأساس نتيجة للسلطة العسكرية والدبلوماسية، حتى وإن لعب اليورو دوراً أكبر في التمويل العالمي، فإن الولايات المتحدة ستبقى متحكم في الشروط الخاصة بالقوة.
وامتلاك عملة احتياطي عالمية أمر منطقي بالنسبة لاقتصاد كبير لا يتعرض بشكل كبير لباقي دول العالم، والولايات المتحدة تعد مناسبة لذلك، ولكن الأمر يتمتع بالقليل من المنطقية بالنسبة لاقتصاد أصغر كمنطقة اليورو حيث أن تجارة السلع والخدمات تمثل أكثر من ربع إجمالي الناتج الإجمالي المحلي.
وعلاوة على ذلك فإن حصة منطقة اليورو من الاقتصاد العالمي انخفضت من مستوى 25% حينما ظهرت العملة الأوروبية الموحدة إلى 15% في يومنا هذا وقريباً ستتراجع أدنى مستوى 10%.
وبالطبع فإن الوزن النسبي للاقتصاد الأمريكي سيتراجع مع استمرار نمو الصين والهند مستمرين بشكل أسرع، ولكن الورقة الخضراء ستحافظ على مكانتها كعملة رئيسية للمعاملات التجارية العالمية طالما الصين تحد من حركات رأس المال لإبقاء السيطرة على اقتصادها المحلي.
أما اليورو على الجانب الآخر فيمكنه أن يزيد من دوره العالمي عبر إبطاء التراجع النسبي لاقتصاد الدول الأعضاء فيه عبر تسريع النمو.
لكن حتى بافتراض استمرار الانخفاض النسبي لمنطقة اليورو في إجمالي الاقتصاد العالمي فإن هذا لا يعني بالضرورة انخفاض مستويات المعيشة، فنصيب الاقتصاد الياباني من الناتج المحلي الإجمالي العالمي تراجع إلى نصف ما كان عليه خلال العشرين عاماً الماضية، بينما استمرت مستويات المعيشة هناك في التحسن وإن كان ببطء.
وفي كلتا الحالتين فمن الجيد أن الآمال المبكرة في أن يصبح اليورو عملة عالمية حقيقية لم تتحقق، حيث أن منطقة اليورو تواجه حاليًا تحديات اقتصادية كافية بدون العبء الإضافي المتمثل في إصدار عملة احتياطية عالمية.انتهى29/6ن


اخبار ذات الصلة

image image image
image
الرئيسية من نحن الخدمات ارشیف الموسوعة

تنزيل التطبيق

image image

تابعونا على

الأشتراك في القائمة البريدية

Copyright © 2018 Mawazin News Developed by Avesta Group

image

اللائحة

الأقسام