القاصرات.. ضحايا الفستان الأبيض

تقارير |   10:00 - 03/12/2024


تقرير - مريم العزي

زواج القاصرات، ظاهرة آخذة في الانتشار في المجتمع العراقي، تثير جدلاً واسعاً وتكشف عن تحديات اجتماعية واقتصادية وثقافية. وفي بلد يُعرف بإرثه الحضاري والثقافي، تبدو هذه الظاهرة غريبة ومؤلمة، حيث تتحول الطفولة إلى ضحية لعادات وتقاليد وقرارات اقتصادية قاسية.


قصة مراهقة بين الأحلام والواقع


“م ق”، فتاة لم تتجاوز 14 عاماً، تروي قصتها التي بدأت بأحلام وردية وانتهت بواقع مرير. تقول:
“كنت أظن أن الزواج يعني ارتداء فستان أبيض جميل يشبه ما كنت أشاهده في أفلام الكرتون، ولكن بعد أن خلعت الفستان، تساقطت أحلامي واحدة تلو الأخرى. وجدت نفسي في عالم مليء بالمسؤوليات التي لا أفهمها، وبكائي أصبح كالشتاء المنهمر.”


وتضيف أن "ظروف أسرتها الاقتصادية كانت الدافع الرئيسي وراء زواجها المبكر، مشيرة إلى أن المجتمع الذي ولدت فيه لا ينصف النساء ويغرق في عادات وتقاليد تُحمل الفتيات ما لا يحتملن".


الأسباب والمخاطر


يرى الباحث الاجتماعي عبد الوهاب عابد، أن "زواج القاصرات يُعتبر اعتداءً واضحاً على الطفولة، حيث يؤدي إلى أضرار نفسية واجتماعية للفتيات وحرمانهن من التعليم وفرص بناء الذات. بالاضافة الى آثار اقتصادية تتمثل في فقدان المجتمع لطاقات نسائية يمكن أن تساهم في تطويره".


ويشير إلى أن "كثيراً من هذه الزيجات تعود إلى ضغوط اقتصادية وعادات متجذرة، داعياً إلى ضرورة تشريع قوانين صارمة تحظر هذه الظاهرة وتعاقب المخالفين".


القانون.. جزء من الحل أم المشكلة؟


من جهة أخرى، ترى المحامية زهراء إبراهيم أن السبب الرئيسي لانتشار زواج القاصرات هو العائلات نفسها، وليس القوانين فقط. وتوضح أن المادة (3) من قانون رعاية القاصرين تحدد السن الأدنى للزواج بـ15 عاماً، لكن قانون الأحوال الشخصية يُجيز تزويج القاصرات بموافقة ولي الأمر، مما يفتح الباب لاستغلال الفتيات في سن الطفولة.


أما الناشط في حقوق المرأة نور الحسن، فيؤكد أن تعديل قانون الأحوال الشخصية قد يكون سبباً في ازدياد هذه الظاهرة، حيث يُستخدم لتبرير “بيع” الفتيات من قبل بعض العائلات الفقيرة تحت غطاء الزواج. ويطالب بتشريع قوانين جديدة تُجرّم هذه الممارسات وتفرض عقوبات مشددة على المتورطين فيها.




زواج القاصرات ليس مجرد ظاهرة اجتماعية، بل قضية تمس حقوق الإنسان وتؤثر على مستقبل المجتمع بأسره. مسؤولية مواجهتها تقع على عاتق الجميع، بدءاً من تشريع قوانين فعّالة ووصولاً إلى بناء وعي مجتمعي يرفض هذه الممارسات ويعمل على حماية الطفولة.


اخبار ذات الصلة

image image image
image
الرئيسية من نحن الخدمات ارشیف الموسوعة

تنزيل التطبيق

image image

تابعونا على

الأشتراك في القائمة البريدية

Copyright © 2018 Mawazin News Developed by Avesta Group

image

اللائحة

الأقسام