شرطيّات بغداد يكافحن التحرّش ويطلبن التحيّة

تقارير |   08:32 - 06/12/2018


بغداد- موازين نيوز
قامت مديريّة النجدة في وزارة الداخليّة بـ17 تشرين الثاني/نوفمبر بنشر مجموعة من الشرطيّات في دوريّات تجوب شوارع بغداد وتستقرّ عند بوّابات مدارس الفتيات والكليّات والمعاهد والأسواق لمكافحة التحرّش في الأماكن العامّة ببغداد. ولقد سبق للعراقيّين أن جرّبوا انتشاراً مماثلاً لشرطيّات مرور قمن بتنظيم سير المركبات في قاطع الرصافة خلال عام 2015.
وتحدّثت الملازم أوّل سولاف كاظم جبر، التي انتسبت إلى شرطة المرور منذ عام 2008، وهي تعمل في قاطع مرور الأعظميّة وتخرج بزيّها العسكريّ إلى الشارع بشكل يوميّ عن تطوّر النظرة المجتمعيّة لعملها كشرطيّة، وقالت: "في العام الأوّل من عملي، واجهت وزميلاتي صعوبات عدّة، إذ كان زملاؤنا والمجتمع يعاملوننا بطريقة غريبة تشعرنا بأنّنا أقلّ منهم. أمّا اليوم فالناس والعاملون معنا على حدّ سواء اعتادوا على وجودنا في الشارع وباتوا يعاملوننا باحترام أكبر".
أضافت: "في المرور، يحترمون الشرطيّات أكثر من بقيّة التشكيلات الأخرى، وإنّ زملاءنا يراعون وضعنا كثيراً، فهم لا يكلّفوننا بالإنذارات والخفارات من أجل مساعدتنا على تربية أولادنا، الذين يحتاجون إلى وجودنا معهم".
وتعمل مديرّيات النّجدة والمرور والشرطة المجتمعيّة ومناهضة العنف ضدّ الأسرة كلّها تحت مظلّة وزارة الداخليّة، وهي تضمّ في تشكيلاتها عدداً لا يستهان به من النساء يعملن بحسب اختصاص وواجبات كلّ صنف من الأصناف المذكورة، ومعظمهنّ يخرجن في دوريّات إلى الشارع كجزء من متطلّبات العمل. ولقد وصل مجموع النساء العاملات في وزارة الداخليّة من المدنيّات والشرطيّات والضابطات إلى 12070 امرأة بحسب مصادر من داخل الوزارة لم تخوّل بالتصريح الإعلاميّ. وأكّدت كليّة الشرطة تخريج 158 ضابطة شرطة بين عاميّ 2011 و2017، فيما ستتخرّج 25 ضابطة جديدة في تمّوز/يوليو المقبل.
لم تفتح الكليّة أبوابها للنساء في كلّ دوراتها السابقة، بل اقتصر الأمر على إشراك النساء في 4 دورات من أصل 66 دورة تخرّج منذ تأسيسها حتّى اليوم. أمّا المعهد العاليّ للتطوير الأمنيّ والإداريّ، الذي يمنح المتخرّجات شهادة الدبلوم العالي للعلوم الأمنيّة، فتمكّن من تخريج 170 ضابطة، وتدرس فيه اليوم 50 فتاة، من بينهنّ 25 من حاملات شهادتيّ الماجستير والدكتوراه.
وقالت النقيب شيماء علي إبراهيم، وهي مسؤولة الشعبة النسويّة في مديريّة الشرطة المجتمعيّة وتخرّجت من الدفعة الأولى للمعهد خلال عام 2011 وستتأهّل العام المقبل لاستلام رتبة أعلى: من أهمّ التحدّيات التي تواجهها في العمل ردّة فعل بعض زملائها، الذين يرفضون تأدية التحيّة لها، رغم أنّ رتبتها أعلى من رتبتهم، بل إنّ البعض يقوم بتشويه سمعة زميلاته لرفضه فكرة وجود امرأة أعلى رتبة منه في المجال ذاته.
وعن تحدّيات العمل، قالت "لم ينادني أحد من زملائي الرجال، ممّن هم أقلّ رتبة منّي، بكلمة سيّدي أبداً".
واشتكت شيماء علي ابراهيم من عدم تقبّل المجتمع لعملها كشرطيّة، بما في ذلك النساء أنفسهنّ، وقالت: "في إحدى المرّات، حضرت سيّدة إلى مديريّتنا لتشتكي على زوجها. وحينما بدأت بالحديث معها، رفضت أن أكتب أنا المحضر، وأصرّت على أن يقوم شرطيّ من الرجال بذلك، فاضطرّ المدير أن يلبّي طلبها ويكتب شكواها بنفسه".
أضافت: "كانت المرأة تظنّ بأنّ كتابتي للمحضر ستؤثّر على القضيّة، فهي تجهل أنّ القرار بيدّ القاضي، وليس بيدّ الشرطيّ الذي يكتب الشكوى".
تتعاون شيماء في عملها مع جهات أمنيّة أخرى في وزارة الداخليّة مثل مديريتيّ النّجدة والإجرام ومع شعبة العشائر في الشرطة المجتمعيّة، وذلك بحسب القضيّة التي تقع بين يديها، فهناك قضايا تتطلّب زيارة العائلة للإصلاح بين أفرادها وتجنّب تطوّر الخلاف بين الأشقّاء أو الأقارب.
وتقوم الشرطيّات بمعظمهنّ بزيارة العائلات ولعب دور الوسيط بين أفرادها للتراضي وديّاً، وأحياناً تتعامل الشرطيّات مع جهات أخرى مثل دور المسنين لإيداع الأشخاص من كبار السنّ فيها ممّن تطردهم عائلاتهم أو لا يملكون مأوى أساساً.
وفضلاً عن الدوريّات وفضّ النزاع، تعقد شيماء وزميلاتها في الشرطة المجتمعيّة ندوات توعية للفتيات في المدارس لتحذيرهنّ من الابتزاز الإلكترونيّ والتحرّش وتوعيتهنّ على نصوص القانون، التي تعاقب المتحرّشين.

ويبدو أنّ التحدّيات التي تواجهها النساء الشرطيّات اللواتي يتعاملن مع الشارع بشكل مباشر تختلف باختلاف المديريّات التي ينتسبن إليها، إذ أنّ بعضهنّ يواجهن صعوبات لا تواجهها زميلاتهنّ في تشكيلات أخرى.

من جهتها، قالت النقيب نسرين عبد الأئمّة، وهي آمر القوّة النسويّة في قيادة شرطة بغداد، وعملت سابقاً بصفة ضابط تحقيق في مديريّة حماية الأسرة، لـ"المونيتور": "حينما كنت ضابط تحقيق، كنت أدوّن شكاوى النساء المعنّفات ضدّ أزواجهنّ. وبعد أن يتمّ إحضار الزوج من قبل عناصر الشرطة، ويجد أن المشتكية امرأة وضابط التحقيق امرأة أيضاً، يتعامل مع القضيّة بشكل يبدو كأنّه موقف شخصيّ من النساء ضدّه. أمّا اليوم فالأمور بدأت تتغيّر".

ورأت نسرين، وهي مسؤولة اليوم عن مئات النساء اللواتي يقمن بدوريّات في الشارع، أنّ النساء الشرطيّات أكثر شجاعة من زملائهن في مواقف كثيرة أثناء العمل، وبدا الأمر واضحاً، حينما مارست عملها كضابط تحقيق، وكانت تخرج إلى موقع الجريمة لكشف الدلالة، وقالت: "نستلم المهام ذاتها، التي يقوم بها زملاؤنا الرجال في أيّام الطوارئ والمناسبات الدينيّة، وكثيراً ما أضطرّ إلى المبيت خارج منزلي لأيّام كي أساهم مع بقيّة زميلاتي في تأمين المناطق لزوّار المراقد المقدّسة".

وعلى نقيض بعض زميلاتها، يؤدّي زملاء نسرين التحيّة لها منذ كانت برتبة ملازم أوّل. وعن ذلك، قالت: "يعاملونني بكلّ احترام، ويقولون إنّي أستحقّ التحيّة التي لم أطلبها يوماً، فالالتزام والمهنيّة يفرضان على الآخرين احترامي".

قد تشهد السنوات المقبلة انقلاباً واضحاً في مزاج الشارع العراقيّ، إزاء عمل النساء الشرطيّات وظهورهنّ إلى العلن، لا سيّما أنّ رؤيتهنّ بالملابس الرسميّة باتت مألوفة في مناطق عدّة ببغداد.انتهى29/ح


اخبار ذات الصلة

image image image
image
الرئيسية من نحن الخدمات ارشیف الموسوعة

تنزيل التطبيق

image image

تابعونا على

الأشتراك في القائمة البريدية

Copyright © 2018 Mawazin News Developed by Avesta Group

image

اللائحة

الأقسام