البارزاني يطوي صفحة الاستفتاء ويعاود نشاطه السياسيّ في بغداد والنّجف بغياب صالح

سياسية |   07:36 - 02/12/2018


بغداد- موازين نيوز
اختار رئيس إقليم كردستان السابق مسعود البارزاني توقيت غياب رئيس الجمهوريّة برهم صالح عن البلاد ليعلن إنهاء القطيعة مع بغداد، والتقى قادتها بعد عام على استفتاء استقلال الإقليم، وبحث في القضايا المشتركة، وأبرزها الموازنة واستكمال تشكيل الحكومة، لكنّه كرّس الخلاف مع "حزب الاتحاد الوطنيّ".
وطوت زيارة زعيم الحزب "الديمقراطيّ الكردستانيّ" مسعود بارزاني لبغداد، في 22 تشرين الثاني/نوفمبر الجاري، صفحة عام من الاتهامات والتهديدات المتبادلة بينه وبين السلطات الاتحاديّة، والتي أعقبت الاستفتاء على استقلال إقليم كردستان نهاية العام الماضي.
وبعيد عودته من بغداد، اعتبر مسعود البارزاني أنّ رئيس الوزراء الجديد عادل عبد المهدي أكثر تفهّماً من السابق حيدر العبادي لقضايا الأكراد، وهو متعاون معهم لحلّها.
لكنّ زيارة العاصمة، ثمّ التوجّه نحو محافظة النّجف ولقاء زعيم التيّار الصدريّ مقتدى الصدر، أوحت بسياسة جديدة يعتزم البارزاني تنفيذها، تماشياً مع المتغيّرات الراهنة المتمثلة بسيطرة القوّات الاتحاديّة على كركوك والمناطق المتنازع عليها والمنافذ الحدوديّة، إضافة إلى قرب إقرار الموازنة العامّة للبلاد لعام 2019 وإصرار بغداد على خفض حصّة الإقليم الكرديّ فيها إلى ما دون الـ17 في المئة.
وقال القياديّ في "الحزب الديمقراطي" محسن سعدون، إنّ"البارزاني بحث مع رئيس الوزراء عادل عبد المهدي وقادة الكتل البرلمانيّة في القضايا العالقة بين بغداد وإربيل، لكنّ السبب الرئيسيّ للزيارة هو رغبته في تفعيل دور الحزب السياسيّ في المفاوضات بين الكتل. ولذا، فإنّ لقاءه بالصدر كان من أجل الوساطة وإزاحة الجمود في مفاوضات إكمال التشكيلة الحكوميّة".
وعن الأنباء، التي تحدّثت عن احتمال تشكيل تحالف سياسيّ يضمّ البارزاني وزعيميّ "دولة القانون" نوري المالكي و"الفتح" هادي العامري، قال محسن سعدون، إنّ"التفاهمات الحاليّة لا ترتقي إلى مستوى تحالف، لكنّ بارزاني يعتزم فتح مكتب له في بغداد لاستمرار التواصل، لا سيّما أنّ حزبه شريك رئيس في الحكومة الجديدة".
ولفت إلى أنّ "الحزب الديمقراطيّ الكردستانيّ، ومن خلال زيارة زعيمه الأخيرة للعاصمة، أراد أن يكرّس فكرة الاشتراك في إدارة الدولة عبر المشاركة في الحكومة ولعب دور سياسيّ أكبر على مستوى البلاد".
صفحة الخلافات التي أراد البارزاني طيّها مع الأحزاب الشيعيّة، ترافقت مع صفحة جديدة من التوتّر مع الشريك الكرديّ الآخر، وهو حزب "الاتّحاد الوطنيّ الكردستانيّ"، الذي ربط بين توقيت زيارة بارزاني للعاصمة وسفر برهم صالح إلى العاصمة الإيطاليّة روما، وذلك تجنّباً من بارزاني للّقاء بصالح.
ومعروف أنّ حزب البارزاني اعترض بشدّة على ترشيح صالح لرئاسة الجمهوريّة، واعتبره إساءة للشراكة القائمة بين الحزبين في إدارة الإقليم، خصوصاً بعد خسارة مرشّحه للمنصب نفسه فؤاد حسين.
وعلى حدّ وصف القياديّ في "الاتّحاد الوطنيّ الكردستانيّ" غيّاث السورجي، فإنّ "زيارة البارزاني جاءت من أجل خدمة مصالح الحزب الديمقراطيّ وتقوية نفوذه، إذ استغلّ غياب رئيس الجمهوريّة برهم صالح وسفره إلى خارج العراق، واختار هذا التوقيت تحديداً حتّى لا يلتقي بصالح”، مشيراً إلى أنّ"البارزاني لا يريد تحقيق مصالح الشعب الكرديّ، لأنّه اختار المراوغة، والاتحاد الوطنيّ حزب عريق ولا يخشى من أيّ خطوة أو مؤامرة قد تحاك ضدّه لأنّه لا يطلب أكثر من استحقاقه ومكتسباته في بغداد".

ولعلّ الاتفاق على تشغيل خطّ أنابيب نقل نفط كركوك إلى ميناء جيهان التركيّ عبر أراضي كردستان هو نقطة التقاء المصالح الحقيقيّة بين الحكومة الاتحاديّة وحكومة الإقليم التي يتزعّمها حزب البارزاني، ذلك النفط الذي كان يصدّر إلى إيران حتّى وقت قريب عبر الطريق البريّة من خلال محافظة السليمانيّة حيث مقرّ "الاتّحاد الوطنيّ الكردستانيّ"، الذي كان يرفض بشدّة تصدير نفط كركوك إلى تركيا في حجّة سيطرة حزب البارزاني على الواردات الماديّة وعدم توزيعها بشكل عادل، غير أنّ العقوبات الأميركيّة الأخيرة على إيران جاءت لتعيد إلى أنبوب النفط العراقيّ - التركيّ أهميّته وتعيد تريبت العلاقة بين المركز والإقليم أيضاً.
ورغم حفاوة الاستقبال، التي حظي بها البارزاني في بغداد والنّجف، إلاّ أنّ مطالبه بزيادة حصّة الإقليم من الموازنة العامّة (من 14 في المئة إلى 17 في المئة) وسحب القوّات الاتحاديّة والحشد الشعبيّ من كركوك وبقيّة المناطق المتنازع عليها وإعادة قوّات "البيشمركة" إليها، قد لا يتمّ تحقيقها، على الأقلّ في المدى المنظور، ذلك أنّ الأطراف السياسيّة في البرلمان الاتحاديّ بغالبيّتها هي من فصائل "الحشد الشعبيّ" التي عارضت في وقت مبكر الاستفتاء على استقلال الإقليم.
ورأى النائب عن تحالف "البناء" حنين القدو أنّ "مطالب سحب القوّات الاتحاديّة تتعارض مع الدستور، الذي نصّ في المادّة 121 على حقّ القوّات الاتحاديّة في التحرّك بحريّة في كلّ مناطق البلاد، وأنّ قوّات البيشمركة في "حرس إقليم" تتحرّك داخل الإقليم حصراً"، وقال، إنّ"بقيّة المطالب مثل حصّة الإقليم وتوزيع الواردات، فإنّها تخضع لمعادلة النسب والإحصاءات المتوافرة للسكّان، ولا مجال للتلاعب بها على حساب المناطق المحرومة".
وأشار إلى أنّ "المناطق المتنازع عليها تحتاج إلى تعديل دستور، بدل مفاوضات سياسيّة".

والحال، نظراً لقناعة البارزاني بصعوبة إعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل الاستفتاء وتنفيذ أو تعديل المادّة 140 المتعلّقة بمناطق النزاع، فإنّه يسعى إلى تحقيق نفوذ سياسيّ في العاصمة يسمح له بالحصول على ما يمكن من المكاسب الممكنة، بدل أسلوب المواجهة وحرب التصريحات، لا سيّما أنّه أحسّ ببعض العزلة عندما فضّلت الكتل البرلمانيّة مرشّح حزب "الاتحاد" برهم صالح، بدل مرشّحه فؤاد حسين، وبغالبيّة ساحقة.
ويمكن فهم المقترح، الذي حمله البارزاني، إلى قادة بغداد وكشف عنه القياديّ في الحزب "الديمقراطيّ الكردستانيّ" ريبين سلام، بتشكيل "مجلس أعلى للسياسات" يضمّ زعماء الكتل والرئاسات الثلاث ويخطّط لسياسات البلاد، على أنّه محاولة لإعطاء دور أكثر فعاليّة لحزبه، بعد أن شهدت الانتخابات الأخيرة ولادة تحالفات سياسيّة ابتعدت بعض الشيء عن حالة التخندق الطائفيّ والقوميّ المعتاد منذ عام 2003، والذي سمح طوال السنوات الماضية بأن يكون الأكراد "بيضة قبّان" العمليّة السياسيّة.انتهى29/ح




اخبار ذات الصلة

image image image
image
الرئيسية من نحن الخدمات ارشیف الموسوعة

تنزيل التطبيق

image image

تابعونا على

الأشتراك في القائمة البريدية

Copyright © 2018 Mawazin News Developed by Avesta Group

image

اللائحة

الأقسام